لماذا سميت سورة التغابن بهذا الاسم

لماذا سميت سورة التغابن بهذا الاسم وهل نزلت هذه السورة واسمها معها أم أُطلق عليها هذا الاسم فيما بعد، وما سبب تسميتها بهذا الاسم أصلًا هو ما سيقف للحديث عنه موقع وسيُفصل في مسألة تفسير الآيات الواردة في سورة التغابن، إضافة للإضاءة على بعض من الفوائد اللطيفة الواردة في سورة التغابن والتي لا بدّ لكل مسلمٍ من الوقوف معها وفهمها.

لماذا سميت سورة التغابن بهذا الاسم

إنّ وجه تسمية سورة التغابن بهذا الاسم هو وقوع هذه اللفظة في متن السورة الكريمة في قول الله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}،[1] إلا أنّه لم يرد في سبب تسميتها خبر صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم.[2]

شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة التوبة بهذا الاسم

سبب نزول سورة التغابن

ذكر في سبب نزول سورة التغابن ما ورد في الآية الكريمة من قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}،[3] وروى الترمذي فيما ذكره الصحاب الجليل ابن عباس رضي الله عنه أنّه قال: “أن تلك الآيات نزلت في رجال أسلموا من أهل مكة، وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم أن يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم”، فالله هو الأعلم بالأمر كله.[2]

شاهد أيضًا: ماهي السورة التي كانت سببا في اسلام عمر بن الخطاب

كم عدد ايات سورة التغابن

إنّ عدد آيات سورة التغابن هي ثمانية عشر آية لا اختلاف في ذلك بين علماء أهل السنة والجماعة، وهي السورة الرابعة والستون على ترتيب السور في المصحف العثماني، أمّا من ناحية ترتيب نزول السور فهي السورة السابعة بعد المئة، وقد نزلت قبل سورة الصف وبعد سورة الجمعة وهي من السور المدنية على رأي جمهور العلماء من المفسرين.[2]

شاهد أيضًا: ما هي أقصر سورة في القرآن الكريم

تفسير سورة التغابن

إنّ سورة التغابن هي واحدة من سور القرآن الكريم التي لا بدّ من الوقوف على معانيها وبيانها؛ لأنّ القرآن الكريم لم ينزل في أصله من أجل التلاوة فقط، بل القرآن نزل من أجل الفهم وتدبر المعاني والألفاظ، وما يأتي سيُضاء بشكل موجز على معاني آيات سورة التغابن بالاستناد إلى آراء المفسرين من العلماء:

التفسير من الآية الأولى حتى الآية الخامسة

قال تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ * يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.[4]

تبدأ السورة بتنزيه الله تبارك وتعالى عن كل شيء، فهو سبحانه المتصرف بكل أمر وهو على كل شيء قدير، ثم خلقكم جميعًا من العدم فمنكم مَن آمن ومنكم مَن كفر، وقد خلق السموات والأرض وخلقكم في أبهى الصور وهو يعلم ما تكن صدوركم وما تعلنون، ثم يسأل الله المشركين أن لم يصلكم خبر الأقوام السابقة التي كفرت قبلكم كيف عاقبهم الله وكان مآل أمرهم؟[5]

شاهد أيضًا: سبب نزول سورة الفلق والناس باختصار

التفسير من الآية السادسة حتى الآية العاشرة

قال تعالى: {ذَٰلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا ۚ وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ ۚ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا ۚ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ ۚ وَذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}.[6]

وما حدث لهم في الدنيا وما يحدث لهم في الآخرة لأنهم استنكروا أن يأتي رسل بشر مثلهم وجحدوا برسالة الأنبياء فكانوا من الكافرين، والله غني عنهم وهو الحميد في أقواله وأفعاله فلا يضرونه، وقد ادعى المشركون أن لن يبعثوا يوم القيامة، فأخبرهم يا محمد أنهم سيُبعثون ويُسألون، فآمنوا بمحمد وربه والرسالة التي أنزلت عليكم والله عالم بكل شيء، واذكروا يوم القيامة الذي سيحشركم الله فيه جميعًا فمَن كفر بالله فالنار مثوى له، ومَن آمن فله الجنات تجري من تحتها الأنهار، ومَن كفر بآيات ربه فالنار هي مكان خلوده.[5]

شاهد أيضًا: ما هو سبب نزول سورة الممتحنة ولماذا سميت بهذا الاسم

التفسير من الآية الحادية عشر حتى الخامسة عشر

قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ۚ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۚ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ * اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}.[7]

المصائب كلها بأمر الله تعالى ولكنّ المؤمن يهديه الله إلى الثبات في الأمر، ثم يأمر الله النّاس أن يُطيعوا الله ويجتنبوا نواهيه وأن يطيعوا أمر نبيه الكريمصلى الله عليه وسلم، فإن هم أعرضوا فلا يضر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا فعليه تبليغ رسالة الله فقط، فالله هو وحده المعبود لا يجب الاتكال إلا عليه، ثم يُعرج في الآية التالية على فكرة عداءة بعض الأبناء والأزواج الذين يصدون مَن آمن عن أمر ربه ويريدون أن يُبعدوه عن الصواب والصراط المستقيم، وما الأموال والأولاد سوى فتنة واختبار ليتبين من يُطيع الله ويعزف عنهم ومَن يفعل عكس ذلك.[5]

التفسير من الآية السادسة عشر حتى الثامنة عشر

قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*  إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.[8]

يدعو الله تبارك وتعالى المؤمنين في هذه الآية الكريمة إلى اتقائه سبحانه والعزم على السمع والطاعة والإنفاق بطيب نفس وإخلاص، ومَن يفعل ذلك فقد وقى نفسه من الش والبخل وظفر بفضل الله، ومَن يُنفق أمواله في سبيل الله تعالى بإخلاص وطيب نفس فالله سيُضاعف له ما يُنفقه، وهو سبحانه العالم بكل أمر العزيز الذي لا يُغالب الحكيم في أقواله وأفعاله.[5]

شاهد أيضًا: ما هو سبب نزول سورة المسد

مايستفاد من سورة التغابن

ورد في السورة الكريمة فوائد جليلة عظيمة منها:[2]

• الله سبحانه وتعالى هو صاحب الأمر كله المُستحق للعباد الذي لا يُنازعه ملكه أحد الآمر بكل أمر الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
• الله تعالى هو المتفرد في ملكه الرحيم بعباده.
• المُنفق في سبيل الله تعالى المُخلص النية لربه يُضاعف الله له الأجر والحسنات برحمة منه.
• الأموال والأبناء والأزواج هم بلاء واختبار من الله تعالى حتى يتبين المسلم الحقيقي الذي يعزف عن كل أمر ويأتي ربه.

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال لماذا سميت سورة التغابن بهذا الاسم وذكرنا رأي علماء أهل السنة والجماعة في المسألة، وأضأنا على تفسير سورة التغابن بشكل موجز، وبيّنا بعض الفوائد التي تُستفاد من الآيات الكريمة.