كشف مؤرخ إسرائيلي بارز عن حالة قلق لدى المحافل الإسرائيلية؛ من تداعيات قرار دولي صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين “إسرائيل” بارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني، ملمحا إلى إمكانية الاستعانة بالولايات المتحدة الأمريكية لمنع مثل هذا القرار الخطير.
وأوضح أستاذ دراسات الشرق في جامعة “تل أبيب”، إيال زيسر، في مقال نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم”، أنه “لم يسبق أن كانت مكانة إسرائيل الإقليمية والدولية أفضل”.
وزعم أن “مساهمة إسرائيل في حرب أوكرانيا والتهديد الإيراني ساعدا على تثبيت وتعزيز العلاقات (التطبيع) بين إسرائيل وبين معظم الدول العربية، مثلما أيضا مع دول أوروبا التي كانت تعد من أكبر منتقدي إسرائيل”.
وشدد على أن الشارع العربي بعيدا عن إبداء التعاطف مع الاحتلال، وذلك بعكس حكامه، لافتا إلى أن رئيس حكومة الاحتلال الأولي، دافيد بن غوريون، هو الذي أوضح أن مستقبل إسرائيل متعلق ليس فقط بقوتها، بل وأيضا بـ”عدالة طريقها”، بمعنى “اعتراف العالم على الأقل بشرعية إسرائيل وبشرعية سياستها وخطواتها”.
وأشار زيسر إلى أن “شرعية إسرائيل تعيش منذ سنين تحت هجوم الفلسطينيين ومؤيديهم”، زاعما أن “حملات المقاطعة والتحريض والقرارات التي تتخذها المؤسسات الدولية لا يوجد لها أي معنى عملي، لكن من الخطأ الاستخفاف بحملة نزع الشرعية الجارية ضد إسرائيل”.
ولفت إلى أن زعماء وضباطا كبارا لدى الاحتلال قبل أقل من عقد فقط، فروا كاللصوص من دول غربية؛ خشية أن يتم القبض عليهم وترفع ضدهم لوائح اتهام على خرق القانون الدولي في الضفة الغربية، وتمت تسوية هذه المسألة، وفي بعض الدول الأوروبية مثل المملكة المتحدة.
بالعودة إلى كانون الأول/ ديسمبر 2016، في “انقلاب أخير قامت به إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، أصدر مجلس الأمن قرارا ينص على أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير شرعية، ودعا إسرائيل إلى وقفها، والولايات المتحدة التي بادرت على ما يبدو إلى القرار امتنعت، لكنها بذلك سمحت عمليا باتخاذه، ولشدة الحظ لم يتضمن القرار تطرقا للمادة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة، التي تقضي بأن بوسع مجلس الأمن أن يفرض عقوبات اقتصادية أو أن يأمر باستخدام القوة العسكرية في حالة خرق القانون الدولي، ومع ذلك، لا شك أن هذا سيف وضع على رقبة إسرائيل، وفيه ما يقيد حرية عملها في المناطق”.
وإضافة لما سبق، يأتي القرار الذي اتخذته الأسبوع الماضي احدى لجان الأمم المتحدة، وبموجبه طُلب من المحكمة الدولية في “لاهاي” أن تعطي فتوة قانونية في “المعنى القانوني للاحتلال الإسرائيلي المتواصل”، وأن تقرر إذا كان هذا خرقا للقانون الدولي أو جريمة حرب”.
ونبه المؤرخ إلى أنه “سبق للمحكمة أن قضت قبل أكثر من عقد، بأن إقامة إسرائيل لجدار الفصل ليس قانونيا، لأنه يخرج عن الأراضي التي حددتها المحكمة بالخط الأخضر للرابع من حزيران 1967”.
وأكد أنه “القرار المحتمل من المحكمة بأن تواجد الاحتلال في المناطق هو مثابة جريمة حرب، يمكن أن تكون له آثار بعيدة المدى على مكانة إسرائيل الدولية، فهو بوسعه أن يشكل أساسا لاتخاذ قرارات حادة وصعبة أكثر، كتبني عقوبات ضد إسرائيل كالتي فرضت على روسيا”.
وتساءل: “هل يمكن التعويل على الولايات المتحدة في أن تمنع مثل هذا القرار؟ ربما، لكن مثلما سبق أن رأينا، فإن التوتر في العلاقات مع الولايات المتحدة يمكن أن يؤدي إلى الامتناع أو حتى تأييد أمريكي للقرار”.
ونوه الكاتب بأن “خطوة التوجه للمحكمة في “لاهاي” كان ينبغي أن يتم إيقافها قبل الأوان، أما الآن فقد ترك القطار المحطة، والصراع ضده سيكون أكثر صعوبة بكثير”.
ووافقت على القرار اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حيث طلب من محكمة العدل الدولية الإدلاء بفتوى قانونية في “احتلال إسرائيل طويل الأمد واستيطانها وضمها الأراضي الفلسطينية، وانتهاك حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم”.
وأيدت 98 دولة القرار، وعارضته 17، وامتنعت 52 دولة عن التصويت، وينتظر التصويت على القرار الأسبوع المقبل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل تحويله لمحكمة العدل الدولية.