هآرتس: الاتفاق الائتلافي يرفع القناع.. الضفة الغربية من الحكم العسكري إلى قانون التفوق اليهودي

هآرتس – بقلم  مردخاي كرمنتسر    يجب إقامة منظمة عمال جديدة برعاية الهستدروت، هي “جمعية الوزراء – ضحايا النهب الائتلافي”. ليس وزير التعليم وحده من سيكون عضواً مهماً فيها، بل سيرافقه وزير الدفاع، الذي يعدّ حتى الآن هو من يتولى الوزارة الأهم في الحكومة بعد رئيس الحكومة. حسب الاتفاق، فإن الوزير المعين من قبل “الصهيونية الدينية”، في وزارة الدفاع والذي سيتم على شرفه سن قانون الأساس: (الحكومة، كما لو أنها حقيبة يد)، سيحصل على مسؤولية كاملة عن مناطق عمل منسق أعمال الحكومة في “المناطق” والإدارة المدنية. نشاط الوزير الجديد سيكون بالتنسيق وخاضعاً لمصادقة رئيس الحكومة. وما سيبقى لوزير الدفاع تنظيف تداعيات أعمال الوزير الجديد.

في إطار الخداع المنهجي الذي تستخدمه إسرائيل منذ سنين على المجتمع الدولي حول ما يحدث في “المناطق” (الضفة الغربية) وبمصيرها، يتم الآن رفع قناع آخر. إذا كان يمكن التظاهر بأن الاعتبارات الأمنية هي الاعتبارات الرئيسية في إدارة المناطق، كما يقتضي ذلك القانون الدولي، فمن الواضح أن الاعتبار الأساسي هو السيطرة اليهودية على “المناطق” مع طرد السكان الفلسطينيين والقضاء على احتمالية إقامة الدولة الفلسطينية.

إذا أمكن الادعاء بأن سلوك إسرائيل في “المناطق” يرافقه وجود استشارة قانونية للقائد العسكري واستشارة قانونية للحكومة (استشارة ضعيفة تذهب لإرضاء النظام، لكن لها خط حدود في النهاية مثل معارضة قانون التسوية) – فالاتفاق الائتلافي يضمن استشارة قانونية من قبل شخص مخلص أكثر من اللزوم للنظام، ولن يزعج الحكومة، التي تنفي أن الأمر يتعلق بمناطق محتلة، وأنها تفعل فيها ما تشاء. سيستخدم القانون للقضاء على كل حشرة ستتسلل إلى المحيط. وفي حالة بقي شيء من غطاء القانونية (بقي منه القليل جداً) فهو الآن يُرفع تماماً. ستحل محل قوانين الاحتلال قوانين التفوق اليهودي: ستتم المصادقة على بناء يهودي غير قانوني، وستتم شرعنته، وسيصبح أكثر ما يسعدنا، وسيتم استخدام القبضة الحديدية ضد البناء غير القانوني للفلسطينيين، في واقع يكون فيه البناء القانوني الفلسطيني غير محتمل تماماً. الموقعون على الاتفاق يفترضون أن الفلسطينيين سيبتلعون كل شيء وسيضبطون أنفسهم إزاء من يرتكب ضدهم. ليس مؤكداً أن يصمد هذا الافتراض أمام اختبار الواقع.

سيستمر التظاهر، وسيكون هذا القائد العسكري الذي سيوقع على الأوامر التي ستطبق القانون الإسرائيلي – الشخصي على المستوطنين، وكأنهم يعيشون في أراض سيادية للدولة. ففي نهاية المطاف، علّمنا وزراء التعليم ساعر وشاشا بيتون بأن “أريئيل” موجودة في إسرائيل، ولكن هذا سيكون توقيعاً لقائد عسكري هو مجرد ممسحة تحت أرجل الوزير. ثمة فجوة كبيرة في المكانة القانونية والفعلية بين سادة الأرض المستوطنين وبين الفلسطينيين، الذين ليست لهم حقوق مدنية وسياسية، والذين سيتم سحق حقوقهم كبشر باعتبارهم -حسب القانون الدولي- سكاناً محميين.

سيتعزز الدليل بشأن عدالة التي في القانون الدولي على الدولة المحتلة بتوطين مواطنيها في المناطق المحتلة. سيتحول أولئلك إلى سادة الأرض، في حين كان يجب أن يخرجوا منها. من سيحتاج إلى الضم حين تكون هناك سيادة كاملة؟
تظهر كم كان عالم الاجتماع التونسي اليهودي البر مامي محقاً في تحليله لعلاقة المحتل والواقع تحت الاحتلال، التي تعدّ طبيعة الأمور في هذه الديناميكية، أن المحتل يعتبر الواقع تحت الاحتلال أدنى منه، بل عدوه في الوقت نفسه.

أظهر المجتمع الدولي استعداداً ليكون مضللاً. من يصممون على إنكار الواقع ينجحون في ذلك الآن. يصعب الشك في أمر واحد: من ناحية هيئة المحكمة الدولية (محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية) يعد هذا الاتفاق الائتلافي ضرراً شديداً لإسرائيل. كلما أضرت الحكومة الجديدة باستقلالية القضاء سيتآكل الدرع الذي وضعه النقد القضائي للسيطرة على “المناطق”، من ناحية القانون الدولي والرأي العام الدولي.

يقترحون علينا الهدوء وتجنب إطلاق تنبؤات سوداوية. علاج التهدئة هو بنيامين نتنياهو الذي قد يتمسك بأهداب عباءة الوزير وكبحه. يصعب الاقتناع. نتنياهو الذي يحتاج إلى “الصهيونية الدينية” لنجاته الشخصية، والذي لم يجد بعد شركاء يلتزمون وبحق بوعودهم لناخبيهم ولأيديولوجيتهم المتعصبة – ليس هو صاحب البيت. هو أسير، ولا يسري ميثاق جنيف على أسره.