من هو الخليفة الخامس من الخلفاء الراشدين

من هو الخليفة الخامس من الخلفاء الراشدين هذا الخليفة الذي يكثر الحديث عنه والسؤال حول هويّته وشخصيته والسبب الذي جعله يكون الخليفة الخامس، وفي هذا المقال سنسلّط الضوء على شخصيّة هذا الخليفة وسنجيب عن السؤال السابق وما يصاحبه من أسئلة أخرى لها علاقة بهذا الأمر.

من هم الخلفاء الراشدين

إنّ الخلفاء الراشدين هم الذين استلموا الحكم من بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد امتدح النبي صلى الله عليه وسلّم مدّة حكمهم من خلال كثير من الأحاديث الشريفة، منها مثلًا الحديث الذي يرويه سفينة مولى النبي عليه الصلاة والسلام: “خلافةُ النُّبوَّةِ ثلاثونَ سنَةً، ثمَّ يُؤتِي اللهُ المُلْكَ أو مُلْكَهُ مَن يشاءُ”،[1] وفي قوله عليه الصلاة والسلام: “عليكم بسنَّتي وسنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديِّينَ بعدي، عضُّوا عليها بالنَّواجذِ”.[2][3]

والمعروف أنّ هؤلاء الخلفاء قد حكموا ثلاثين عامًا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم، ويبدأ حكمهم مع استلام أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه الحكم وينتهي بانتقال الخلافة إلى معاوية بن أبي سقيان رضي الله عنهما وبذلك يبدأ عصر الدولة الأموية، وما بين خلافة أبي بكر وخلافة معاوية رضي الله عنهما هنالك خلافة قد امتدحها النبي صلى الله عليه وسلّم وسمّى القائمين بالحكم فيها الراشدين.[3]

شاهد أيضًا: سبب تسمية الخلفاء الراشدين بهذا الاسم.

من هو الخليفة الخامس من الخلفاء الراشدين

إنّ الخليفة الخامس من الخلفاء الراشدين هو الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن أبيه، وعندما يسمع الناس هذا اللقب تذهب أنظارهم صوب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه الخليفة الأموي العادل المعروف، ولكنّ الحقيقة هي أنّ الحسن بن عليّ رضي الله عنهما هو الخليفة الخامس بشهادة المؤرّخين وكتّاب السير، فقد ذكره معظم المؤرّخين لذلك العصر ومنهم ابن العمراني في كتبه “الإنباء في تاريخ الخلفاء”، فقد بايعه المسلمون بعد وفاة والده علي رضي الله عنه، وحكم عدّة أشهر قبل أن يتنازل عن الحكم لصالح معاوية رضي الله عنه.[4]

وقد كان في تنازل الحسن عن الحكم لمعاوية رضي الله عنهما حقنٌ لدماء المسلمين التي أريقت خلال سنوات قبلها، وقد بشّر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بهذا الصلح وقد امتدح الحسن رضي الله عنه أمام الصحابة فقال صلى الله عليه وسلم: “إنَّ ابْنِي هذا سَيِّدٌ، ولَعَلَّ اللهَ أنْ يُصْلِحَ به بيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ”،[5] وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يرتقي المنبر فينظر إلى الحسن تارة وإلى الصحابة تارة أخرى، وفعلًا وقعت بشارة النبي عليه الصلاة والسلام وحصل الصلح واجتمع المسلمون على إمام واحد هو معاوية رضي الله عنه سنة 41هـ، وسمّي ذلك العام بعام الجماعة.[6]

شاهد أيضًا: كم مدة حكم الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.

من هو أول الخلفاء الراشدين

إنّ أوّل الخلفاء الراشدين كان سيّد الأمّة وأفضلها أبا بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، واسمه عبد الله بن عثمان بن عمرو ابن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب، وقد بويع يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في سقيفة بني ساعدة،[7] وحين تولّى الخلافة أظهر رباطة جأش وبأس كبير في إدارة شؤون دولة الخلافة، فحارب المرتدين وقضى عليهم واستأصلّ شأفتهم بإذن الله، وأعاد توحيد الدولة الإسلاميّة، ثمّ وجّه الفتوحات إلى الشام والعراق، وجمع القرآن في عهده بين دفّتي مصحف، واستمرّ حكمه عامان ونصف، وتوفّي في السنة الثالثة عشرة من الهجرة رضي الله عنه.[8]

شاهد أيضًا: كم تبلغ مدة خلافة ابو بكر.

كم عدد الخلفاء الراشدين

ممّا سبق يظهر أنّ الخلفاء الراشدين هم خمسة يبدؤون مع أبي بكر رضي الله عنه وينتهي زمان دولتهم بتنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنهما، وترتيبهم مع مدّة حكمهم كما يلي:[9]

• أبو بكر الصديق: عامان ونصف تقريبًا.
• عمر بن الخطاب: 10 أعوام وخمسة أشهر تقريبًا.
• عثمان بن عفّان: 12 عامًا تقريبًا.
• علي بن أبي طالب: 5 سنوات تقريبًا.
• الحسن بن علي بن أبي طالب: سبعة أشهر تقريبًا.

شاهد أيضًا: من المعارك التي حدثت في عهد الخلفاء الراشدين.

من هو الذي أطلق عليه خامس الخلفاء الراشدين

إنّ من الخلفاء من أطلق عليه أهل العلم لقب خامس الخلفاء الراشدين نظرًا لمجيئه في زمان ابتعد فيه الخلفاء والأمراء عن سنّة من كان قبلهم من الصحابة رضي الله عنهم، فقد ورد عن كثير من العلماء أنّهم قالوا عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إنّه خامس الخلفاء الراشدين؛ وذلك لعدله واتّباع سنّتهم في ظل ابتعاد أكثر خلفاء بني أميّة عن سنّة الخلفاء الراشدين في الحكم، وكذلك لأنّ خلافة الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما لم تدم طويلًا فأكثر الناس لا يذكرونه لهذا السبب.[10]

وقد أثنى على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كثير من أهل العلم من سادة التابعين وعلمائهم، مثل الإمام سفيان الثوري رضي الله عنه إذ قال: “الخلفاء خمسة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبد العزيز”، وكان قد تنبّأ بظهوره عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّه سيلي الحكم رجل من آله يملأ الأرض عدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا.[11]

شاهد أيضًا: الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله لا يُعدُّ من الصحابة لأنه.

تولي عمر بن عبد العزيز للخلافة

قبل أن يموت سليمان بن عبد الملك بن مروان عهد بالخلافة من بعده لعمر بن عبد العزيز، ولكن بعد دفن سليمان توجّه عمر بن عبد العزيز نحو المسجد وارتقى المنبر وقال للناس: “أيها الناس، إني قد ابتليت بهذا الأمر عن غير رأي كان مني فيه، ولا طِلْبةَ له، ولا مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي فاختاروا لأنفسكم”، فصاح الناس بصوت واحد أن قد اخترناك ورضينا بك، فقال: “أوصيكم بتقوى الله؛ فإن تقوى الله خلف كل شيء، وليس من تقوى الله خلف، واعملوا لآخرتكم فإنّه من عمل لآخرته كفاه الله تبارك وتعالى أمر دنياه… ثم رفع صوته حتى أسمع الناس فقال: يا أيها الناس، من أطاع الله وجبت طاعتُه، ومن عصى الله فلا طاعة له، أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم”.[12]

شاهد أيضًا: ما المدة التي قضاها عمر بن عبدالعزيز في الخلافة.

أبرز إنجازات عمر بن عبد العزيز

لقد حظي عصر الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز بكثير من الإنجازات نظرًا لحزمه مع الخطأ وتعامله معه بما يجب من أيّ مكان صدر منه، وكذلك لإحسانه إلى من يستحق ونفي الظلم الواقع على العباد، وحظي عصره بغنجازات حتى في المجال الديني، ومن ذلك:

• اهتمّ عمر بن عبد العزيز بتوزيع مال المسلمين بينهم بالعدل، وأخذ ما كان استولى عليه أمراء بني أمية وردّه إلى بيت مال المسلمين، وفاض المال في عهده حتى لم يبقَ فقيرًا تحقّ عليه الصدقة.[13]
• رفعَ الظلم عن الناس من خلال إطلاق المساجين ومراجعة الأحكام المسبقة التي وقع فيها ظلم في عهد من سبقه، ومراجعة القضايا العالقة منذ زمن ورد المظالم إلى أهلها ورفع الضرر عن عامة الناس.[13]
• حاربَ كل وجوه الفساد وأهمّها الرشوة وأسبابها مهما تغلّفت بأغلفة تحت اسم الهدية ونحوها.[13]
• اهتمّ بمسألة الأمن السياسي والأمن الاجتماعي فمن دون ذلك لا يكون هنالك استقرار اقتصادي أو معيشي أو نحوه.
• وضعَ كتاب الله وسنّة نبيّه عليه الصلاة والسلام دستورًا له ولولاته، ولم يأخذ أحدًا بالظنّة إن لم يتبيّن أمره ويثبت عليه التهمة.[13]
• أمر بتدوين السنة النبوية وكان هذا هو التدوين الأكبر في العهد الإسلامي، ومن بعده جرى أئمة الحديث على عادة تدوين الحديث النبوي ووضع المصنّفات الكبيرة فيه.[14]

شاهد أيضًا: من هو خامس الخلفاء الراشدين.

وفاة عمر بن عبد العزيز

لقد ألمّ بعمر بن عبد العزيز مرضٌ جعله طريح الفراش عشرين يومًا في منطقة دير سمعان من أعمال حمص، وقد اختلفوا في سبب مرضه، فقيل إنّ سبب المرض هو السل، وقيل سببه سمّ قد وضع له في طعامه، وليس في الروايتين أمر ثابت،[15] غير أنّ بعض الباحثين المعاصرين يرى أنّ إهمال عمر بن عبد العزيز لنفسه ولطعامه وشرابه جعل حالته الصحية تسوء ولم يقوَ جسده على الاحتمال، وهذا هو سبب وفاته.[16]

ولمّا احتضر عمر بن عبد العزيز قال لأهله اجلسوني، فأجلسوه، فقال: “إلهي، أنا الذي أمرتني فقصرت، ونهيتني فعصيت ثلاثًا، ولكن لا إله إلا الله”. ثم رفع رأسه فأحَدّ النظر، فقالوا: “إنّك لتنظر نظرًا شديدًا يا أمير المؤمنين”. فقال: “إنّي لأرى حضرةً ما هم بإنس ولا جان”. ثم قبض من ساعته، وفي رواية أخرى ينقلها ابن كثير يقول: “قال لأهله: اخرجوا عني. فخرجوا وجلس على الباب مسلمة بن عبد الملك وأخته فاطمة، فسمعوه يقول: مرحبًا بهذه الوجوه التي ليست بوجوه إنس ولا جان، ثم قرأ: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}،[17] ثم هدأ الصوت، فدخلوا عليه فوجدوه قد غمض، وسوي إلى القبلة، وقبض”.[15]

وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال من هو الخليفة الخامس من الخلفاء الراشدين وقد تعرفنا فيه على الخليفة الخامس ووقفنا على جانب من سيرته، ووقفنا مع عمر بن عبد العزيز وسبب تسميته بالخليفة الخامس.