يوم القيامة في الإسلام وعلاماتها

جدول المحتويات

يوم القيامة في الإسلام أو اليوم الآخر من القواعد الإيمانية الثابتة في الشريعة الإسلامية، والإيمان بهذا اليوم هو ما يُفرق بين المسلم والكافر، فالمسلم الحق هو من يصدق بدون أدنى شك في أن يوم القيام سوف يأتي بلا ريب وذلك لقوله تعالى،{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ولكن الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}.

يوم القيامة في الإسلام

إن يوم القيامة من المنظور الإسلامي هو اليوم الذي ينتهي به العالم وحياة جميع المخلوقات على وجه الأرض، وهو يوم الفصل بين الحياة الدنيا والدار الآخرة، ومجيء ساعة الحساب فالمؤمن الصالح يكون جزاؤه هو الجنة خالدًا فيها، والكافر يكون جزاؤه النار خالدًا فيها، ويُطلق عليه هذا الاسم لأن الناس يقومون به من موتهم ويُبعثون مرة أخرى، وقد ميز الله تعالى هذا اليوم ببعض العلامات المميزة التي تُشير إلى اقتراب حدوثه.

أسماء يوم القيامة

هناك الكثير من الأسماء التي أطلقت على يوم القيامة منها اليوم الآخر ونجد ذلك في قول الله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، كما سُمي بيوم الساعة في قول الله تعالى{إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ}، والدار الآخرة في قوله: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.

وسُمي أيضًا باسم القارعة ونجد ذلك في قول الله تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ}، كما أطلق على يوم القيامة يوم (الخروج، يوم البعث، يوم الغاشية، الخلود، الحساب، الحاقة، التناد، التغابن، التلاق، الواقعة، الفصل، الحسرة).[1]

شاهد أيضًا: تفاضل الناس يوم القيامة يكون على حسب

علامات يوم القيامة

تشتمل علامات يوم القيامة على الكثير من العلامات ومنها علامات الساعة الصغرى والكبرى تبعًا لتقسيم العلماء والمتفقهين في الدين، واليكم نبذة عنها:

العلامات الكبرى

هي التي تسبقها مباشرة عدد من الأحداث الجللة التي حدثنا عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وقال أنها لن تأتي سوى أن تسبقها هذه العلامات (نزول المسيخ الدجال، الدخان، الدابة، طلوع الشمس من جهة المغرب، نزول النبي عيسى عليه السلام، ظهور يأجوج ومأجوج، خسف الجزيرة العربية، خسف من جهة المشرق، خسف من جهة المغرب، نار تظهر في اليمن تدفع الناس إلى يوم المحشر).

العلامات الصغرى

علامات القيامة الصغرى هي علامات كثيرة جدًا ونذكر منها (فتح بيت المقدس، تعدد الفتن وانتشارها، شيوع الهرج والمرج، مبعث النبي ثم موته، انتشار الزنا والربا، شيوع الجهل، وغيرها الكثير).

ترتيب الأحداث بيوم القيامة

ما يحدث بيوم القيامة من أهوال وأحداث لا يتخيلها عقل تبدأ بالبعث من خلال النفخ بالصور حيث يبعث الله تعالى الناس من قبورهم ليشهدوا الكثير من الأهوال والمراحل وقد ورد الحديث عنها في الحديث النبوي وفي السور القرآنية، حيث يُحشر جميع الناس وهم حفاة وعراة، ويتوافد الأنبياء والرسل للبت في أمورهم.

ويتولى النبي محمد عليه الصلاة والسلام الشاعة الكبرى لهم، وبعد ذلك تتطاير الصحف فمن الناس من يأخذ كتبه باليمين أو بالشمال، ويتم نصب الموازين لوزن أعمال كلًا منهم، ويتبع كل شخص ملته في الحياة، ثم يتوافد الناس بعد ذلك على الحوض ومن بعده الصراط والذي ينجو من كل ذلك يقف على قنطرة يُطلق عليها اسم قنطرة المظالم لكي يقتص كل شخص ممن ظلمه، فمن ينجو من هذه القنطرة يدخل الجنة ومن يسقط منها يدخل إلى النار، ويخرج المؤمنون من النار بعد ذلك، واليوم حينها يساوي 50000 عام، واليكم تفصيل بهذه الأحداث:

النفخ بالصور

أول شيء يحدث في يوم القيامة هو النفخ في الصور نفخة عظيمة تُعلن انتهاء الحياة على كوكب الأرض، وعندما يسمع الإنسان هذه النفخة يترك ما بيده ولا يتمكن من عمل شيء أو الحركة من مكانه، وورد ذلك في قوله تعالى في سورة يس ،{مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ – فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ}.

وقد أشار النبي عليه الصلاة والسلام أن يوم القيامة سوف يوافق يوم جمعة لما ورد في صحيح مسلم عن قوله،” خير يوم طلعت عليه الشّمس يوم الجمعة، فيه خُلِق آدم، وفيه أُدخل الجنّة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم السّاعة إلا يوم الجمعة “.

شاهد أيضًا: من اول من يقرع باب الجنة يوم القيامة

البعث

ويلي النفخ في الصور بعث الناس ونشورهم بمعنى عيشهم بعد الموت، أو عودة الروح للجسد مرة أخرى حتى يتم حساب صاحبها عن أفعاله وأعماله طوال عمره، والفوز يوم ذلك لمن يعمل العمل الصالح، والحسرة تكون جزاء لمن يظلم ويضل عن سبيل الله ويفعل الموبقات والفواحش ويكفر بالله عز وجل.

المحشر

أرض الحشر ليست هي الأرض التي نعيش عليها الآن ولكنها أرض أخرى وردت في قوله تعالى” يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ “، ومواصفات هذه الأرض أنها عفراء وبيضاء وليس بها معلم لأي أحد كما وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم.

الشفاعة

يُشفق الرسول الكريم على أمة المسلمين مما يقابلونه في هذا اليوم العظيم، ويتولى الشفاعة عنهم حتى يخلصهم من الكربة الشديدة التي يتعرضون لها، كما يطلبون من النبي آدم أن يأتي شفيعًا لهم عند الله عز وجل، ولكنه يرفض ويطلب منهم الذهاب للنبي نوح فيرفض أيضًا لتذكره لبعض المواقف التي قصر فيها بحق الله تعالى.

ويرسلهم إلى النبي الذي أته بعده من أولي العزم، وهكذا حتى الوصول للنبي محمد الذي يحمد الله تعالى ويطلب منه أن يغفر لأمته فيستجيب له الله عز وجل، والسبب في ذلك أن الرسول محمد قد جعل هذه الشفاعة في أمته مؤجلة ليوم القيامة على عكس باقي الرسل الذين تعجلوا في استخدامها للشفاعة لأمتهم بالحياة الدنيا، ونجد ذلك في قول الرسول الكريم” كلّ نبيّ يسأل سؤالًا أو قال: لكلّ نبي دعوة دعاها لأمّته، وإنّي اختبأت دعوتي شفاعةً لأمّتي يوم القيامة “.

ساعة الحساب

وفي هذه الساعة يقف جميع الخلق أمام الله تعالى لعرض جميع أعمالهم في الحياة مهما كانت صغيرة ويتم محاسبتهم عليها ونيل الجزاء المتمثل في الثواب أو العقاب، ويتم الاستشهاد بالبراهين والشهود ويتم وزن الأعمال من خلال الميزان الذي لا يضاهيه أي ميزان آخر على وجه الأرض.

الميزان

ويُستخدم الميزان بيوم القيامة لوزن أعمال العبد حتى ينال الحساب العادل بناء على وزن أعماله، وهذا الميزان هو يعلمه الله تعالى وتُشير الأقاويل على أنه ميزان كبير جدًا لا يعادله حجم أي شيء، وقد وصفه النبي الكريم بقوله” يوضع الميزان يوم القيامة، فلو وزن فيه السّماوات والأرض لوسعت، فتقول الملائكة: يا رب لمن يزن هذا؟ فيقول الله تعالى: لمن شئت من خلقي. فتقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك “، ولكن المؤكد أنه ميزان دقيق جدًا فالله تعالى لا يظلم أحدًا ولو بمقدار حبة من الخردل كما ورد في الآية 47 من سورة الأنبياء.

شاهد أيضًا: كيف يعرف اهل الوضوء من غيرهم يوم القيامة

الحوض

للرسول صلى الله عليه وسلم منزلة خاصة بيوم القيامة حيث يُعطيه الله تعالى حوض واسع جدًا يحتوي على ماء شديد البياض وله رائحة وطعم طيب، وهو ماء يأتي من نهر الكوثر المخصص للنبي الكريم في الجنة، ويشرب من هذا الحوض أمة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، فالشربة منه لا يظمأ من يشربها أبدًا.

وهناك اختلاف بين العلماء حول مكان هذا الحوض فيقول الإمامان القرطبي والغزالي أنه يسبق الصراط، والدليل على ذلك من وجهة نظرهم أنه يؤخذ بعض من المترددين على هذا الحوض إلى النار بعد ذلك لو حبطت أعمالهم، ولو كان مكانه بعد الصراط لما تمكن هؤلاء من الوصول إليه.

الذهاب للجنة أو النار

وهي آخر مرحلة من أحداث يوم القيامة، ويذهب كل شخص إلى المستقر الخاص به منهما، فالذين اتبعوا الآلهة والأصنام من دون الله تعالى يتهاوون إلى النار معذبون في سعيرها، كما يقول الله تعالى عندما تحدث عن مصير فرعون وقومه في الآية 98 من سورة هود:” يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ “.

أما المؤمنون يكون جزاؤهم هو الجنة مخلدون بها لأنهم اتبعوا ملة النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، والذين فعلوا ما أمر به الله تعالى وانتهوا بما نهى عنه وأدوا الفرائض والعبادات على أكمل وجه، ويتم اعطائهم أنوار حتى يمروا على الصراط بشكل سريع بفضل أعمالهم الصالحة وإيمانهم العظيم برب العالمين، ويعيش المنافقين والكافرين في الظلام أبد الدهر جزاء لهم بما فعلوا، ويضع الله تعالى بينهم سورًا به باب، ليفصل بين المؤمنين والكافرين الذين شككوا بدين الله تعالى وعبدوا من دونه ما لا يستحق العبادة.

وفي النهاية نكون قد عرفنا يوم القيامة في الإسلام وعلاماتها الكبرى والصغرى حيث هناك عدد من العلامات التي وضحها القرآن الكريم والسنة النبوية والتي تدل على اقتراب يوم القيامة حيث يجب على كل مسلم معرفة هذه العلامات والاستعداد للقاء ربه بالأعمال الصالحة.