رغم ما احتوى عليه قرار الاحتلال باحتجاز جثمان الشهيد الأسير ناصر أبو حميد، وقبله التسبب في استشهاده من خلال الإهمال الطبي، فإن التقديرات الإسرائيلية المتزايدة في الأيام الأخيرة حذرت من أن هذا الحادث سوف يتسبب في تجدد نشاط مجموعات عرين الأسود في نابلس، والمجموعات المقاومة في جنين، ما يوضح أنه لا فراغ في واقع الصراع القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أي أنه في اللحظة التي يتم فيها القبض على أحدهم، أو يستشهد، فإنه يتم الكشف على الفور عمن سيحل محله.
آفي يسسخاروف خبير الشؤون الفلسطينية بصحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أن أبو حميد لم يكن مجرد مقاوم فلسطيني عادي، لأنه نجح في حياته، وبعد استشهاده، سيصبح رمزًا للنضال الفلسطيني ضد إسرائيل، وإلى حد كبير لانتفاضة الأقصى، ورغم أنه لم يستشهد برصاص قوات الاحتلال، بل مريضا بالسرطان، “لكنه أصبح بطلاً في الشارع الفلسطيني، يريد الكثيرون الآن تقليده، وأن يكونوا مثله، وهنا تكمن مشكلة حقيقية من وجهة نظر إسرائيل”، بحسب تعبيره.
وأضاف في مقال أن “أبو حميد عمل كمقاوم خطير يشجع الهجمات والعمليات، وربما يكون مصدر إلهام لكثير من الشباب، أفراد جيل كامل من الفلسطينيين الذين لا يتذكرون أحداث الانتفاضة الثانية، وبعضهم لم يكونوا قد ولدوا أصلا حينها، لكن أبو حميد وأمثاله من جيله هم الآن صداع صغير لإسرائيل مقارنة بالجيل الجديد من الفلسطينيين الذين يحتقرونها كثيراً، ويعتقدون أن الطريقة الوحيدة لمواجهتها هي بالسلاح، كما هو الحال في شعارات المنظمات الفلسطينية في الخمسينيات والستينيات، حيث يرى الشباب اليوم أن البارودة والبندقية هي التي ستنتصر في المواجهة”.
ونقل الكاتب نتائج آخر استطلاع في الشارع الفلسطيني أظهر أن “72٪ من الفلسطينيين يؤيدون قيام مجموعات مقاومة مثل عرين الأسود، وعارض 80٪ استسلام عناصرها، وتسليم أسلحتها للسلطة الفلسطينية”.
وتوقع 60٪ أن يتوسع نشاطها، ولا يقتصر الأمر على مدن الضفة الشمالية في نابلس وجنين فقط، وهذا يعني من وجهة النظر الإسرائيلية أنه لا يوجد فراغ في واقع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لا يوجد توقف، وكل مطلوب تقبض عليه إسرائيل، أو تقتله، فسيظهر من يحل محله على الفور، أي أنه سيكون لأبو حميد من يخلفه، حيث إنه يوجد أربعة من أشقائه في سجون الاحتلال يقضون محكوميات بالسجن المؤبد، بحسب الكاتب.
وأشار إلى أن “قصة أبو حميد تكشف شيئًا من صراعات الخلافة التي تدور هذه الأيام في السلطة الفلسطينية، وما زال أبو مازن على قيد الحياة، حيث نشر مقربون منه رسالة كتبها قبل شهرين من فراش المرض، أعرب فيها عن دعمه غير المشروط لقيادة مروان البرغوثي، رفيق عمره، ما فُسِّر بأنه صفعة في وجه حسين الشيخ الذي يحاول بكل طريقة وصف نفسه خليفة لعباس”.
تشكل هذه الاعترافات الإسرائيلية التي لا تخطئها العين أن استشهاد ناصر أبو حميد داخل سجون الاحتلال إنما يصب مزيدا من الزيت على نار التصعيد العسكري القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإذا ذهب ناصر فسيأتي بعده ألف ناصر، هذه هي القناعة السائدة في أروقة الاحتلال، رغم أنه يحاول إخفاءها كي لا يظهر ضعيفا أمام رأيه العام الداخلي، لكن الوقائع الميدانية على الأرض تؤكد أن انتهاء أمد المواجهة بعيد عن الرؤية حتى الآن، وما زال في جعبة المقاومين المزيد من المفاجآت للاحتلال.
عربي21