هذه قصة روان.. –

كان سند حمد وزوجته وطفلاته الثلاث ضحايا آخر قصة تروى عن ما يجري على طرق يحفها الموت من الجانبين.. لكنها ليست الأخيرة.

فقبل قصة اصغر الضحايا حدثت قصص دامية كثيرة، راح ضحيتها العديد من الفلسطينيين، وبعدها لا أحد يعرف متى وأين تحدث القصة القادمة.

مساء الجمعة، وهو الموعد الذي يصطحب فيه حمد عائلته في نزهة أسبوعية بعد أيام عمل متواصلة الى اطراف قريته اوصرين قرب نابلس، عندما القى مستوطنون حجرا كبيرا تجاه مركبتهم من طرف جبل كانوا يتحضرون لهجوم بالقرب منه.

حدث هذا في منطقة لم تشهد أحداثا مماثلة من قبل، كما يروي حمد، لكن نهاية القصة لم تظهر بعد. فالطفلة التي اصيبت بشظايا الزجاج والحجارة والتي لا تعي ما حدث لها، ما زالت تعاني بعد يومين من الحادثة من اضطراب النوم .

“مازلت الطفلة تنام وتصحو خائفة” قال حمد.

لا تقتصر أدوات الهجوم التي يستخدمها المستوطنون على الحجارة، ففي مرات عديدة استخدموا الاسلحة النارية، وفي مرات اخرى استخدموا النيران مثلما حدث عندما احرقوا عائلة دوابشة وهي نائمة في منزلها في قرية دوما في تموز عام 2015.

يروي الوالد أن بناته الثلاث لطيفة وروان وشيرين، اصغرهن تبلغ من العمر عشرين يوما كانت في المقعد الخلفي عندما ارتطم حجر بالمركبة وتحطم داخلها بعد أن اخترق الزجاج ووصل الى المقعد المخصص لجلوس الأطفال وحطم جزء منه.

في الماضي شهدت الكثير من الطرقات جنوب نابلس تحديدا أحداثا مشابهة عندما كمن المستوطنون غالبا في الليل وهاجموا المركبات الفلسطينية بالحجارة.

في العام 2018 رشقت مركبة بالحجارة، ما ادى الى استشهاد المواطنة عائشة رابي ( 45 عاما) عندما كانت بصحبة زوجها يعقوب الرابي عائدين الى منزلهما في قرية بديا قرب سلفيت من زيارة عائلية لابنتهما في الخليل.

وهذه الهجمات القاتلة تكررت على اكثر من طريق، وحتى الهجوم الاخير الذي ادى الى اصابة روان أصغر الضحايا، لم يجد المواطنون الفلسطينيون ملاذا امنا للتحرك والنأي بانفسهم عن هجمات مفاجئة غالبا ما تخلف ضحايا.

وشهدت بيانات لخبراء امميين في الاونة الاخيرة استخدام مصطلح تفشي “عنف المستوطنين” بشكل ملحوظ، وفي حقيقة الأمر، يشاهد ذلك عبر البث المباشر لوسائل التواصل الاجتماعي، الا أن مسؤولين رسميين فلسطينيين اكدوا ان الادانة والتوصيف لا يكفي لوقف هذه الاعتداءات.

ويرفض أهالي القرى الذي يتعرضون الى اعتداءات مشابهة تكاد تكون شبه يومية تلطيف ما يجري بوصفه بـ”العنف”، ويقولون انها احداث دموية لا تقل عن كونها جرائم قتل واضحة.

بالنسبة لسند، لم يشهد من قبل اعتداءات مشابهة، وغيره من أهالي القرية ايضا، الا ان آخرين في قرى ومناطق قريبة، سيكونون معرضين لاعتداءات مشابهة.

قال والد روان” لم نتوقع ما جرى (…) كل شيء حدث فجأة. القوا الحجارة وهربوا” وهو بذلك يشير الى مجموعة من المستوطنين كانوا يحضرون الى اعتداء على المركبات في مكان قريب.

“كنا في إجازة قصيرة. لكن هذا ما حدث” أضاف الشاب.

وغالبا ما تلقى الحجارة مباشرة على زجاج المركبات وتصل الى الركاب، وفي كلا الحالات السابقة كانت الإصابات المباشرة بالرأس.

قالت عائلة روان التي بثت لها صورا عبر مواقع التواصل الاجتماعي ان مسافة قليلة حالت دون اصابة الطفلة مباشرة بالحجر.

في الاونة الأخيرة، ازدادت اعتداءات المستوطنين، وثمة ما يشير على الأرض إلى أن نجاح اليمين اليهودي المتطرف في الانتخابات الاخيرة، سيعطيهم المزيد من الحرية في استهداف المواطنين الفلسطينيين وقراهم.

وعمليا يسيطر المستوطنون على شبكة الطرق التي تربط بلدات وقرى جنوب نابلس ببعضها البعض، وخلال الشهرين الماضيين اغلق هؤلاء الطرق ببساطة شديدة أمام الفلسطينيين كما حدث في بلدتي حوارة وبيتا.