وقع العشرات من القضاة الإسرائيليين المتقاعدين، على عريضة عبروا فيها عن اعتراضهم على المبادرات والتحركات التشريعية التي يسعى معسكر رئيس الحكومة المكلف، بنيامين نتنياهو، إلى تمريرها بما يتماشى مع الاتفاقات الائتلافية التي توصل إليها مع شركائه من الحريديين وتيار الصهيونية الدينية.
وجاء في العريضة التي نشرت اليوم، الثلاثاء، أن هذه التحركات التشريعية تشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق المواطنين واستقلال النظام القضائي وتعمل على تحويل المناصب العامة المنوط بأصحابها الحفاظ على قواعد الإدارة السليمة في الدوائر الحكومية، إلى مناصب ذات تبعية سياسية.
وأشارت هيئة البث العام الإسرائيلية (“كان 11”) إلى أن العريضة التي جاءت على شكل رسالة وجهها القضاة المتقاعدون إلى الجهات المعنية، تشكل خطوة استثنائية وغير مألوفة من جانب القضاة الذين يمتنعون عادة عن الإدلاء بتصريحات سياسية أو التعبير عن مواقفهم خارجة المنتديات أو الدوائر المغلقة ذات الصلة بالأجهزة القضائية.
وأشار القضاة في رسالتهم إلى أنهم قرروا القيام بهذه الخطوة بدافع القلق من الإجراءات التشريعية المقررة من قبل الائتلاف المرتقب، وعلى رأسها “بند التغلب” الذي يهدف إلى الالتفاف على المحكمة الإسرائيلية العليا وتقليص صلاحياتها، بحيث يتم منعها من شطب قوانين يسنها الكنيست، حتى لو كانت غير دستورية وتتعارض مع قوانين الأساس.
ويعتزم معسكر نتنياهو الذي يضم الحريديين واليمين المتطرف، سن تشريع يسمح بالالتفاف على المحكمة العليا، ويلغي سلطتها الرقابية، و”حجة عدم المعقولية”، وهي أدوات تخول المحكمة العليا بإلغاء قوانين أقرها الكنيست وتتناقض مع أحد “قوانين الأساس” أو إلغاء أمر إداري للحكومة بسبب “اللامعقولية”.
وعبّر القضاة عن قلقهم الشديد من أن “هذه التشريعات قد تفتح الباب أمام انتهاك حقوق الإنسان، وتؤدي إلى تغيير جوهري في آلية تعيين القضاة التي قد يشوبها اعتبارات سياسية، وتحويل المناصب الاستشارية القانونية إلى مناصب ثقة (خاضعة للسياسيين)، مما يضر بالأداء الوظيفي”.
وجاء في العريضة الموقعة من قبل نحو 78 قاضيا متقاعدا أن “تنفيذ التحركات التي تنتهك هذه القيم يمكن أن يغير بشكل جذري الصورة الأخلاقية لدولة إسرائيل (على حد تعبيرهم) ويضر بها ليس فقط داخليا ولكن أيضا في نظر العالم والمؤسسات الدولية والجاليات اليهودية في الشتات”.
ودعت العريضة “الكنيست والحكومة المرتقبة والجمهور في إسرائيل إلى وقف أي خطوة من شأنها الإضرار بسيادة القانون وأسس نظامنا الديمقراطي الدستوري (على حد تعبيرهم) ومواصلة احترام القيم الإنسانية والديمقراطية التي عليها تم تأسيس ‘إعلان الاستقلال‘ وسن قوانين الأساس”.