تبدو الأوضاع السياسية في ليبيا، تراوح مكانها دون تغيير واضح في مراكز القوة، رغم مرور ما يزيد عن الـ 12 عاما على اندلاع الأزمة، إلا أن الانقسامات والخلافات ما زالت عالقة دون إيجاد حلول لها، وهو ما سوف يؤدي بالدخول بالبلاد إلى ساحة من العنف، وهناك شكوك حول إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في ظل الانقسام العميق داخل المجتمع الليبي.
لا يوجد حل
قال الخبير في الشؤون الليبية، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بالقاهرة الدكتور أحمد عليبة، إن الأزمة الليبية تظل إحدى الأزمات التي تشهدها المنطقة العربية بعد قرابة أكثر من عقد من الزمان، ولا يوجد حل حاسم لها حتى الآن، وبالتالي ما يتحدث عنه البعض ما هو إلا حلول تكتيكية مرحلية، مشيراً إلى أن البيان الصادر أمس (الخميس) ما بين رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، بشأن «الوثيقة الدستورية» بحضور رئيس مجلس النواب المصري المستشار حنفي الحبالي، ما هو إلا محاولة لإنقاذ الموقف في ظل حالة الانسداد السياسي التي تواجه البلاد، وعدم وجود خطة أو توجه محل اتفاق بين الأطراف المعنية بالصراع، بشأن إدارة عملية التسوية خلال المرحلة المقبلة، وإجـراء الاستحقاق الانتخابي، وهو ما تسبب في المزيـد مـن تعقيد الأزمة.
الانفراجة السياسية
وأضاف عليبة لـ«»، إن الوثيقة الدستورية تعني أنه من الضروري أن يكون هناك حل دستوري، وهي تختلف عن القاعدة الدستورية التي توصلت لها اللجنة القانونية بملتقى الحوار الليبي، والتي بمقتضاها يتم تنظيم العمل السياسي في ليبيا خلال الفترة القادمة، من انتخابات برلمانية ورئاسية وصلاحيات لمؤسسات الدولة ومسؤوليها، وهي ما زال الخلاف فيها قائما على مزدوجي الجنسية وترشيح العسكريين في الانتخابات الرئاسية، موضحاً أن الانفراجة السياسية في ليبيا مرهونة بإنهاء حالة الانقسام السياسي، وتشكيل حكومة أخرى، خاصة وأن حكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهية ولايتها مازلت تمثل عقبة فى البلاد، رغم كونها فقدت رصيدا كبيرا جداً من القواعد الشعبية نتيجة حالة الفساد التي انتابتها، وعلاقتها الخارجية المشبوهة.
ونوه الباحث أن إجراء الاستحقاقات الانتخابية في ليبيا يستغرق ليس أقل من عام، محذراً من خطورة الوضع الراهن في ليبيا في ظل حالة التصدع السياسي، مما سيؤدي إلى انفجار شعبي خطير في حال تأزم الأوضاع.
انقسام واضح
وحول أوضاع إخوان ليبيا، قال عليبة، إن الإخوان لديهم انقسام واضح فى ليبيا، ما بين الحزب الديمقراطي بقيادة الإخواني محمد صوان، وحزب العدالة والبناء بقيادة الإخواني عماد البناني، وهناك تيار ثالث بقيادة على الصلابي القيادي الإخواني الموجود في إسطنبول، ويحاول الأخير رغم فقد ثقله إيجاد حالة من لملمة الجماعة مرة أخرى قبل أي انتخابات في البلاد، والإخوان في ليبيا أصبح دورهم أقل، خاصة في ظل حالة التقارب بين مصر وتركيا، وكلاهما يرى أهمية استقرار ليبيا.
البعثة الأممية تتابع
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، قد حثت القادة السياسيين في البلاد، مساء (الخميس)، على الإسراع في الاتفاق على «ترتيبات كاملة ونهائية ومحددة زمنيا، للسير بالبلاد نحو الانتخابات خلال العام الحالي»، وذلك في أعقاب إعلان مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا أمس الخميس عن اتفاقهما على وضع «خارطة طريق» لاستكمال العملية الانتخابية وتوحيد المؤسسات الليبية.
وأفادت البعثة، في بيان لها نشرته على صفحتها في «فيسبوك»، أنها علمت بالبيان المشترك الصادر عن رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الأعلى للدولة بشأن مناقشاتهما في القاهرة، وحضت البعثة المجلسين بقوة على الإسراع في التوصل إلى اتفاق كامل ونهائي، بما في ذلك حول القضايا الخلافية، بغية استكمال الخطوات الضرورية لإجراء انتخابات وطنية شاملة ضمن إطار زمني محدد، مؤكدة أنه من واجب القادة السياسيين إبداء التزام حقيقي ومتواصل إزاء تحقيق سلام دائم.
وجددت البعثة تأكيد موقفها بأن هنالك حاجة ماسة إلى تسوية وطنية لإطلاق مسار واضح يفضي لتنظيم الانتخابات في عام 2023، معتبرة أنه من المهم بالنسبة للشعب الليبي ومن حقه اختيار قياداته، واستعادة الشرعية لمؤسسات الدولة دون مزيد من التأخير.