للموتى حرمة كبيرة، فهم أولئك الذين سبقونا لدار الحق، وتعد مقابرهم عبرة لنا، تُذكرنا بأنّ لا شيء باقِ، وأنّ العمر مهما امتد بنا، فمصيرنا إلى هذه المقابر لا محالة، تلك الرؤية دفعت أهالي قرية الشين بمحافظة الغربية، إلى التفكير في إطلاق مبادرة لإنارتها، حتى تصبح مكانًا آمنًا، يصلح للزيارات في أي وقت، بدلًا من ظلمة المكان وقلة المترددين عليه.
مبادرة تطوعية لإنارة المقابر
تبنى عبد العزيز حسب الله عضو رابطة شباب قرية الشين الخدمية، إحدى قرى مركز قطور، مبادرة لإنارة المقابر، بعدما حضر الأهالي جنازة إحدى السيدات بالقرية مؤخرا، بعد صلاة المغرب، ولاحظ الجميع ظلمة المقابر، بسبب وجود 4 أعمدة إنارة فقط.
«وقت الجنازة سمعت الجميع يترحم على محمود صالح رحمه الله»، يقول «حسب الله» لـ«»، إنّ هذا الشاب قبل وفاته اعتاد على العمل التطوعي وإنارة المقابر بمساعدة أهالي القرية، وبعد وفاته أصبحت المقابر مكانًا مظلمًا، بسبب قلة أعمدة الإنارة: «فيه واحد اسمه مصطفى اقترح إننا نشتري أطباق ألومنيوم، ونركّب لها دواية ولمبة ليد، ونرجع ننور المقابر تاني، زي ما كان بيعمل أخونا محمود رحمة الله عليه».
تكلفة العمود الواحد 120 جنيها
اقترح الأهالي إنارة الأعمدة داخل المقابر وتغطيتها بأطباق الألومنيوم حتى لا تتأثر وتتلف من مياه الأمطار، إذ يقول عمر فوزي أحد شباب القرية، إنّ إنارة 10 أعمدة، تبلغ تكلفتها حوالي 1200 جنيه، و20 عمودًا بتكلفة 2400 جنيه: «سألنا في محل كهرباء تكلفة إضاءة وتشغيل العمود الواحد (الطبق واللمبة والدواية والسلك)، لقينا تكلفتها حوالي 120 جنيه».
وبعد انتشار المبادرة بين أهالي قرية الشين، تسابق العديد بالمشاركة في تكلفة أعمدة الإنارة، حتى تصبح مكانًا آمنًا لاستقبال جنازات القرية أو زيارة المقابر في الأوقات المتأخرة من الليل: «في استجابة فورية، وفي أسرع استجابة، وجدنا أحد الطيبين في القرية بيتعهد بتحمل إضاءة 10 أعمدة، في المقابر بتكلفة 1200 جنيه».
مبادرات خيرية يتبناها أهالي قرية الشين
يقول عبد العزيز حسب الله، إنّ هناك عددا من المبادرات الخيرية التي تتبناها الرابطة داخل القرية، بخلاف إنارة وتنظيف المقابر، مثل تمهيد الطريق بالجهود الذاتية، وتحويل أماكن الخلاء إلى مُصلى للجنائز، وزراعة الأشجار في القرية، بالتعاون مع الوحدة المحلية.
إضافة إلى ذلك، حرصت الرابطة الخدمية التي يبلغ عدد مؤسسيها نحو 25 فردًا، على إنشاء وحدات للمراحيض العامة، على طريق السكة الحديد، بتكلفة وصلت إلى 130 ألف جنيه، وأيضًا توزيع شنط رمضان، وتوزيع اللحوم في عيد الأضحى، بالتعاون مع مبادرة حياة كريمة، وتجهيز العرائس، وتسديد ديون الصيدليات، خاصة مرضى الأمراض المزمنة غير القادرين، والمساعدة على شفط مياه الأمطار: «أي عمل خدمي داخل القرية بنشارك فيه لدعم مؤسسات الدولة».
جهود فردية وذاتية لشباب الرابطة، تتبنى هذه الحالات والمبادرات، ويمكن الاستعانة بجهود الأهالي في حال الحاجة: «الناس كلها بتتعاون بحاجات عينية أو مادية، فيه ناس بتجيب أجهزة كهربائية للعرائس، أو تجيب أدوات الإنارة، أو بيساهموا بمبلغ مادي لحالات زواج الأيتام، كل واحد حسب قدراته».