تحتفل يحتفل المصريون الأقباط، غدًا الخميس، بعيد الغطاس، وهو تذكار عماد السيد المسيح بنهر الأردن على يد القديس يوحنا المعمدان، ومن أبرز طقوس الاحتفال تناول القلقاس والقصب والبرتقال واليوسفي، وهو ما سنوضح سببه في التقرير التالي.
الاحتفال بعيد الغطاس
يعتبر عيد الغطاس هو أحد الأعياد المسيحية الكبرى التي تحتفل بها الكنيسة الأرثوذكسية سنويًا، ويُعرف أيضًا باسم «الأبيفانيا» أي الظهور الإلهي، لأن السيد المسيح تعمَّد في نهر الأردن بالتغطيس على يد القديس يوحنا المعمدان، ووقت عماد المسيح شهد ظهور الروح القدس على هيئة حمامة استقرت على كتفه بعد خروجه من الماء، وسُمع صوتا من السماء ينادي قائلًا: «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا» (مت 3 : 17).
ومن أبرز طقوس الاحتفال بعيد الغطاس هو تناول المسيحيون للقلقاس والقصب والبرتقال واليوسفي، لعدة أسباب، فالقلقاس يحتوي على مادة هلامية، وهي مادة سامة مُضرة للحنجرة، إلا أنها في حال اختلاطها بالماء تتحول إلى مادة نافعة ومغذية، وهو يتشابه مع فعل المعمودية في المفهوم المسيحي الأرثوذكسي؛ إذ أنه من خلال المعمودية يتطهر الشخص من سموم الخطية كما يتطهر القلقاس من مادته السامة.
علاقة القصب بعيد الغطاس
كما أن القصب هو حد النباتات التي تنمو فى الأماكن الحارة ذات الأجواء الجافة، لذا فإن تناوله في عيد الغطاس يرمز إلى أن حرارة الروح تُنضِج الإنسان وتجعله ينمو ويتدرج على رحلة الصعود الروحى، وكما أن القصب ينمو على شكل «العُقل الساقية» بعد غرسها في التربة حتى يصبح نبات كامل وحي، كذلك الأمر في حياة الإنسان؛ إذ يكتسب في كل مرحلة عمرية من حياته فضيلة «عُقلة».
ومن الأسباب التي تجعل المسيحيون يأكلون القصب في عيد الغطاس هي أن عود القصب الممتد فى صلابة ظاهرة يُخفي بالداخل قلبه الأبيض اللين والحلو المذاق، فهو إشارة إلى أن ظاهر الشيء ليس كباطنه، وأن الإنسان مهما فعلت به الحياة أو جار عليه الزمان، سيقف صلبًا شامخًا لكنه سيظل بداخله في عُمق الروح لينًا طيبًا.
أما البرتقال واليوسفي فهو يعد من الفواكه التي تحتوي على كمية كبيرة من الماء داخلها، ولذلك يعد إشارة إلى الطهارة المختبئة في قلب المؤمن، كما أن الخيوط البيضاء التي تظهر على ثمرة البرتقال أو اليوسفي بعد تقشيرها ترمز إلى البركات والفضائل التي تُغطي قلب الإنسان بعد المعمودية.
الاحتفال بعيد «الثيؤفانيا» في القرون المسيحية الأولى
وذكر ماركو الأمين، باحث في التاريخ القبطي، أن عيد الغطاس كان يُطلق عليه في القرون المسيحية الأولى اسم عيد «الثيؤفانيا» أو «الأبيفانيا»، وهو أقدم الأعياد التي عرفتها الكنيسة المسيحية إلى جوار عيد القيامة، مضيفًا أنه خلال هذا اليوم كان يتم الاحتفال بثلاثة أعياد وهي عيد الميلاد وعيد عماد السيد المسيح وعيد عرس قانا الجليل.
فى القرن الخامس الميلادى استقر فصل عيد الميلاد عن عيد «الثيؤفانيا» بحسب «الأمين»، وأنه بعد 12 يومًا من عيد الميلاد يتم الاحتفال بعيد عماد السيد المسيح «عيد الغطاس»، وبعد نحو 3 أيام أخرى يتم الاحتفال بعيد عُرس قانا الجليل.
سبب تناول القلقاس والقصب والبرتقال خلال الاحتفال بعيد الغطاس
وعن سبب تناول القلقاس والقصب والبرتقال خلال الاحتفال بعيد الغطاس، أوضح الباحث القبطي لـ«»، أنه على الرغم من الرمزية التي تحملها تلك الأطعمة إلى أنه يتم أكلها لكونها تنمو في هذا الوقت، موضحًا: «ده الموسم اللي بتطلع فيه الأنواع دي من الفاكهة»، لافتًا إلى أن القلقاس يتم تناوله في عيد الغطاس لكونه يحتوي على مادة سامة ويتم «نقعه» في الماء كي يتخلص من هذه السموم، وذلك يتشابه مع فعل المعمودية؛ إذ بعد تغطيس الشخص في الماء يتخلص من سموم الخطية والشر.