اعتبر بنك البريد طوال عشرات السنوات الماضية أنه البنك الاجتماعي، كونه منح الشرائح الضعيفة إمكانية إدارة حسابات مصرفية من دون قيود مشددة، باستثناء عدم سحب مال بدون وجود رصيد، والفوائد متدنية قياسا بالبنوك الأخرى، وخاصة الفائدة على إدارة الحساب.
وأعلنت شركة بريد إسرائيل الحكومية، الأسبوع الماضي، أن البنك سيبدأ بجباية عمولات مقابل الخدمات المصرفية التي كانت مجانية أو بفائدة متدنية جدا وبسعر رمزي، وذلك من خلال خطة إشفاء لبنك البريد، لكن هناك قسما خفيا في هذه الخطة ولم يتم الإعلان عنها.
ويتبين أن حوالي 600 ألف مواطن لا يعلمون أنه في الأشهر الأخيرة لا تخضع أموالهم للرقابة المطلوبة على الخدمات المالية، وعدد الموظفين الذين يفترض أن يعتنوا بحسابات المواطنين تقلص إلى الثلث، كما أنه تم دمج منظومة الحوسبة للبنك وخدمات الزبائن بمنظومة شركة البريد. ويشكو قسم من الزبائن من أوقات انتظار طويلة لتوجهاتهم من خلال البريد الإلكتروني وأن الرد الهاتفي ليس مهنيا.
وقال مصدر مسؤول في بنك البريد إن “أموال الزبائن تواجه خطرا حقيقيا. لا توجد وحدة رقابة ولا وحدة أموال، ولا أحد يفحص إذا كانت هناك عمليات غير مألوفة في الحسابات. وخلال السنتين الأخيرتين فككت شركة البريد بنك البريد. وجرى توحيد خدمات الحوسبة، ومجال خدمات الزبائن والبدالة مع شركة البريد”، وفق ما نقل عنه موقع “واللا” الإلكتروني اليوم، الأحد.
وأضاف المصدر المسؤول أنه “كنا شركة يعمل فيها 240 موظفا، واليوم تقلص عددهم إلى 70 موظفا، يعملون على 600 ألف حساب مصرفي. يستبيحون الزبائن ولا أحد يهتم. أفرغوا البنك. والمراقب، وهو موظف في وزارة الاتصالات، تعاون مع الوزير السابق ونفذ ما أراد، وبدلا من أن يقوم بعمله، تخلى عن البنك”.
يشار إلى أن بنك البريد ليس مصرفا عاديا ولا يخضع للبنك المركزي الإسرائيلي، والرقابة عليه تتم بواسطة مراقب خاص. ووفقا للقانون، فإن بنك البريد هو كيان قانوني مستقل في شؤون الحفاظ على أموال الزبائن. ونص قانون البريد، من العام 2012، على أن يكون هناك فصل بنيوي كامل بين شركة البريد وبنك البريد، من خلال مجموعة أنظمة لإدارته، بهدف توسيع الخدمات المالية ووضع رأس مال ذاتي وتحصين صلابته المالية.
غير أنه وفقا لتقرير مراقب الدولة، من العام 2018، فإن نص القانون لم تنفذها وزارتا المالية والاتصالات وشركة البريد. ولم يتم تنظيم قضية رأس المال الذاتي، وهذا كلّه لم يمنع المرحلة التالية التي أقرتها الحكومة وهي خصخصة بنك البريد. وفي هذه الحالة، أي إذا لم يكن البنك مستقلا ولا يمنح خدمات متنوعة، فإن قيمته لا ترتفع وسعر خصخصة مستقبلية للبنك، التي أعلنت عنها الحكومة ويفترض بها أن تراقب تطبيق القوانين التي سنها الكنيست، ستكون أقل.
وأشار “واللا” إلى أنه “مرّت خمس سنوات منذ نشر تقرير المراقب، لكن الوضع ازداد سوءا، وذلك باسم الخصخصة التي قادها وزيرا الاتصالات والمالية السابقان، يوعاز هندل وأفيغدور ليبرمان، والتي يفترض أن تنتهي من خلال بيع البنك لجهة خاصة في نهاية العام 2023”.