وصف موقع صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية، تجديد العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، بمثابة “صفعة” على الوجه تلقتها الولايات المتحدة من قبل المملكة العربية.
وبحسب رون بن يشاي المعلق الأمني والسياسي في صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن هذا الاتفاق يجب أن يقلق واشنطن أكثر من تل أبيب، خاصة وأن عملية التوقيع جرت برعاية الصين وهي رسالة تحد للولايات المتحدة، وضربة لمكانتها خاصة في الشرق الأوسط، وبمثابة انجاز دبلوماسي واقتصادي استراتيجي للرئيس الصيني شي جين بينغ الذي تم استضافته قبل شهرين ونصف على طريقة الملوك في الرياض، التي وقع فيها على سلسلة اتفاقيات اقتصادية هدفها توثيق علاقات المملكة مع الصين ما أثار استياء إدارة بايدن.
ورأى بن يشاي في تقرير تحليلي نشر بالموقع العبري – وفق ترجمة صدى نيوز – أن الولايات المتحدة بالأمس تلقت إشارة أخرى من العداء والإزدراء من السعودية، فيما حقق الرئيس الصيني إنجازًا أكبر.
ويقول بن يشاي إن السعودية لا زالت بحاجة لإسرائيل، للدفاع عن نفسها أمام إيران رغم الاتفاق الذي وقع بالأمس، وأنها تطمح لأن تساعدها الأخيرة في الحصول على مشروع مدني للطاقة النووية، وهو الأمر الذي تخشى واشنطن في أن يساعد المملكة في الوصول لأسلحة نووية تنافس فيها إيران، وتصبح قوة موازية للأخيرة، كما يريد ولي العهد محمد بن سلمان من إسرائيل أن تساعده في الحصول على أنظمة أسلحة متطورة من الولايات المتحدة مثل طائرات F – 35 بكامل امتيازاتها وليست مثل تلك التي قدمتها الولايات المتحدة إلى الإمارات بعد توقيع اتفاقية “أبراهام”.
ويضيف: “باختصار، تحتاج السعودية بقيادة محمد بن سلمان إلى إسرائيل في المقام الأول لفتح الأبواب أمام إدارة بايدن، التي كانت معادية له بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في اسطنبول عام 2018، كما أنه يحتاج لقدرات إسرائيل الاستخباراتية والعسكرية في مواجهة احتمال أن تهاجمه إيران مرة أخرى كما فعلتها عام 2019 حين هاجمت منشآت إنتاج النفط في السعودية، وشلت 50% من إنتاج المملكة النفطي لعدة أشهر”.
ويعتقد المعلق الإسرائيلي، بأن تجديد العلاقات بين السعودية وإيران لن يغير من أهمية هذه المصالح بالنسبة للمملكة التي لن تغير سياستها تجاه إسرائيل، وتجاه اتفاقيات أبراهام، لذلك يمكن الافتراض أن العداء بين السعودية وإيران لا يزال كما هو، وما يدل على ذلك أن العراق وعُمان حاولتا التوسط منذ عام 2019 بينهما ولم تنجح أي منهما، لكن حين أرادت الصين تحقيق انجاز لنفسها، وبما أن البلدين بحاجة إلى بكين، ولكل طرف أسبابه الخاصة، تم التوقيع على الاتفاقية التي في الواقع لن تغير على الأرجح أي شيء في المستقبل القريب.
ويشير إلى أن هناك مهمة صعبة تنتظر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وقدرته بالتأثير على إدارة جو بايدن لتخفيف مواقفها تجاه السعودية، من أجل إمكانية دخول الأخيرة في اتفاقيات أبراهام، مشيرًا إلى أن صعوبة هذه المهمة تأتي في ظل القلق الأميركي مما يحدث على الساحة الداخلية في إسرائيل، والتصعيد مع الفلسطينيين، كما أن الإدارة الأميركية لها حساب مع السعودية بعد الصفعة التي وجهتها لبايدن حين زار المملكة وطلب من بن سلمان زيادة إنتاج النفط من أجل تغطية النقص في النفط والغاز الروسي في أوروبا، لكنه قام بخفضه في إطار اتفاق أبرمه مع دول أوبك وروسيا.
ويقول: “ليس لدى إسرائيل حاليًا ما يمكن أن تبيعه للسعودية في سياق واشنطن، وبالتالي فإن فرص التطبيع مع السعودية لم تتراجع أو تتحسن بعد توقيع الاتفاق مع إيران، وما قد يحدث هو أنه نتيجة لتجديد العلاقات بين المملكة وإيران، أن السعوديين سيقللون من تحركاتهم ضد الحوثيين في اليمن، وهذا قد يسمح للإيرانيين بزيادة نفوذهم في اليمن وسيطرتهم على منطقة باب المندب المصرية والبحر الأحمر، هناك قلق في إسرائيل من منظومة الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية الموجودة في أيدي الحوثيين والقادرة على الوصول لإسرائيل، كما أن تحسين قبضة إيران على اليمن يهدد حرية إسرائيل في الملاحة بالبحر الأحمر”.
ويختم: “ليس من المشجع أن نتلقى مثل هذه الأخبار في خضم شقاق عميق في المجتمع الإسرائيلي، لكن عندما نفحص النتائج الصافية، فإن الأمر ليس بهذا السوء، الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الصين تعزز قبضتها على الشرق الأوسط نتيجة لتجديد هذه العلاقات على حساب الولايات المتحدة التي هي قوتنا الراعية في المنطقة”.