يديعوت أحرونوت – بقلم ليمور لفنات ماذا حصل له، يسأل كثيرون من الجمهور الإسرائيلي. ماذا حصل لنتنياهو، الساحر، ملك الحملات، الخطيب العظيم، ذاك الذي تسير كاريزميته وسحره الشخصي أمامه؟
ماذا حصل له؟ تسأل الإدارة الأمريكية وزعماء أوروبا. إلى أين يقود الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط فيما يحاول تحطيم جهاز القضاء، ذاك الذي هو نفسه تباهى به جداً، ذاك الذي بفضل مكانته الدولية، طيارونا، ضباطنا ومقاتلونا، الذين يعملون خلف خطوط العدو، لا يقدمون إلى المحاكمة في لاهاي؟
ماذا حصل له؟ يسأل أصدقاء إسرائيل ومؤيدوها في العالم كله. إلى أين يركض، لماذا العجلة؟ لماذا هذا التعاون مع الكهانيين، والمسيحانيين، والمعادين للبشر، المتعصبين؟ العالم لا يفهم.
ليس العالم وحده هو من لا يفهم، الليكود أيضاً لا يفهمون.
كثيرون في قيادة الليكود وحتى بين النواب، لا يفهمون ماذا حصل لنتنياهو الذي عرفوه، الذكي، الحاد، المتفكر، الأمني، الخبير في الاقتصاد والذي أنقذ الاقتصاد كوزير للمالية – لكنهم ينقصهم الشجاعة اللازمة للنهوض وللقيام بفعل ما، تلك الشجاعة التي أبداها يوآف غالنت قبل يومين.
لقد ارتكب رئيس الوزراء كل الأخطاء الممكنة. في الأشهر الثلاثة الماضية من لحظة نصره الكبير في الانتخابات، لم يعالج غلاء المعيشة والسكن، ولا الحوكمة، ولا الأمن – لكنه نجح في دفع مئات آلاف الأشخاص للخروج إلى الشوارع على مدى 12 أسبوعاً، وأحياناً أكثر من مرة في الأسبوع، في احتجاج شعبي لم يكن له مثيل في إسرائيل.
وما الذي حققه بذلك؟ ما الذي حققه في العجلة المجنونة لتشريع مناهض للديمقراطية في لجنة الدستور برئاسة سمحا روتمان من حزب هامشي؟ ما الذي حققه بتعيينات هاذية لسموتريتش الذي دعا إلى محو حوارة، أو محب إشعال النيران بن غفير كوزير مسؤول عن الشرطة؟ أو بتعيين وزيرة الإعلام غاليت ديستل التي وصفت الطيارين بـ “سقط بعوض”، أو الوزير كرعي الذي بعث بهم إلى الجحيم – مجموعة رعاع لا علاقة بينها وبين الليكود الذي كان ذات مرة يميناً رسمياً – ليبرالياً.
هكذا فقد نتنياهو كل العوالم. اضطر إلى الإعلان عن وقف الإصلاح في خطاب مقسم ألقاه أمس، وعندما بدأ ائتلافه ينزف اضطر لإعطاء بن غفير مهراً في شكل ميليشيات مسلحة تكون تابعة مباشرة إليه.
إن إقالة وزير الدفاع يوآف غالنت لكونه عكس صورة الوضع بمسؤولية وبشجاعة، فاقمت الاحتجاج لدرجة إضراب الاقتصاد، واختفى نتنياهو، اختبأ يومين عن عين الجمهور. لا يؤدي مهامه.
هذا ليس احتجاج يساريين ولا فوضويين كما حاول أن يسوق للجمهور. نحن لسنا خونة ولا إرهابيين، هذا احتجاج وطنيين، صهاينة، يمينيين ويساريين، علمانيين ومتدينين، يرون دولة إسرائيل تتحطم أمام عيونهم عشية يوم الاستقلال الـ 75 لها والقائد الذي وعد بأن تكون يداه على الدفة لم يعد القائد إياه الذي عرفناه.
في السنوات الأخيرة أعود لأحذر من على صفحات هذه الصحيفة ومن على كل منصة ممكنة: نتنياهو الذي عملت معه سنوات طويلة لم يعد نتنياهو إياه. ماذا حصل له؟ يمكن التخمين، لكن واضح أن بيبي فقد هذا.
الوضع الآن خطير. عندما لا يكون رئيس وزراء إسرائيل، الدولة المحوطة بالأعداء وتحت التهديدات الأمنية الأخطر في العالم، مركزاً أو منصتاً لمحافل الأمن، ولا يعقد الكابينت لشهر ونصف، ثم يقيل وزير دفاعه ويصر على إجازة قوانين تمس بالديمقراطية، حينئذ ثمة سبب للقلق. وعليه، يجب الدخول إلى مسار الحوار انطلاقاً من أمل بالنجاح، ثم مواصلة رفع أعلام إسرائيل إلى الأعلى فأعلى.