صاروخ خير من ألف شهر… صلاة التراويح الموحدة في القدس وغزة ولبنان والأغوار..

ربما أصبح من الضروري جدا توفير هيئة أو مرجعية استشارية  جامعة تتمتع بقدرات وتخصصات مركبة من السياسة والاقتصاد  والانثروبولوجي وعلم النفس والأديان  كي تتمكن من تحليل وفهم التركيبة غير الآدمية لأولئك الذين ينتمون إلى عصابة الكيان الصهيوني من مسؤولين ورجال دين ومستوطنين ، كل هذا الكيان بما فيه من كائنات ربما غير بشرية خرج من ذمة آدم  وفقد هبة الاستخلاف في الأرض ، لقد أصبح من المتعذر تفسير هؤلاء بمرجعيات دينية ايديولوجية متزمتة كما لم يعد من  المقنع تفسير أفعالهم وموبقاتهم من خلال حبكات ومسارات وغايات سياسية ، إنهم خليط من الشر والأذى والمؤامرة ومضادات الإنسانية حيثما حلوا أو وجدوا أو تدخلت أيديهم الدموية .
من الصعب على متابع خارجي أن يفهم ما يجري في فلسطين  بالضبط  ، من الصعب عليه أن يفهم كيف لمسؤول برتبة رئيس وزراء أن يقدم على  كل هذه الاعتداءات والتوترات التي تنعكس بقتل العشرات من أبناء جلدته وإثارة الغضب عليه، من الصعب فهم العقلية التي تعتدي على المتعبدين في الأقصى وتعتقل وتحطم وتضرب النساء في الوقت الذي تحيط  به الضغوط السياسية من كل اتجاه  من الداخل الصهيوني وخارجه وهو يدرك أنه أضعف من كل ذلك، الشيء الوحيد العقلاني في زمن الهزل والهزال  والاستديو التحليلي لسباق الإبل وتكميم العقول هو التفسير الكاريكاتيري لما يجري حيث أن لدينا هنا ( بات مان ) الشعب اليهودي والذي يبحث نهارا في العقبة وشرم الشيخ عن السلام والحمام ولكنه يقلب و يرتدي بذلته السرية ليلا و يطارد ويقتل ويعتقل ويفتك بكل (الإرهابيين ) الذين يهددون شعب الله المختار، كما لدينا هنا ( سبايدرمان ) السمين ذي النظارات الدائرية والذي يريد إنشاء قوة عنكبوتية بقوائمه الثمانية  لتقييد وتربيط كل أبناء الشعب الفلسطيني وقرصهم بالسُّم إذا اقتضى الأمر لأجل نفس الغايات السامية التي أعلنها رئيسه ، لا ننسى أن نضيف إلى المذكورين (ديرتي مان ) الأشقراني ذي القبعة الصغيرة الملتصقة بجلد رأسه والذي يلعب دور (جراندايزر) في الاجتماعات ولكنه ينسى دوما عصبة العينين في جيب بنطاله الخلفي ، لدينا ايضا قائمة طويلة عريضة من الأسماء العربية في الزمن الكاريكاتوري والذين يلعبون اليوم بلا أقنعة وبلا إخفاء للشخصية السرية لأن ذلك لم يعد ينفع ، كما أن المرحلة هي مرحلة نزع الأقنعة والمجاهرة بمكان الولاء ودين الإنتماء وإعادة الإحيــاء !
فلنسأل أنفسنا  ما هي الغايات التي يسعى وراءها مثل نتانياهو أو عصابته ؟ وهل يمثل هذا المخلوق نفسه أم يمثل مجتمعه ومواطنيه ؟ هل توحي مثل هذه اللامبالاة بالقتل والضحايا وقابلية انتشارالنار بالمنعة والقوة الهائلة والجسارة في القرار والقيادة أم ماذا ؟ ما هو سبب هذا الإصرار العجيب على اقتحام المقدسات وإحياء ( طقوس الفصح ) وقصف غزة وكل هذا الضجيج الذي أمكنه اختصاره وتوكيله لجماعة ( إكس مان ) بقيادة البروفيسور إكس المقعد والمنتهية صلاحيته؟
الحقيقة ان هذا الرجل وحكومته وأفرادها هم مرآة عاكسة لما في  نفوس ما يسمى بالمجتمع الاسرائيلي الفاسد والمغرق بالعنف وشهوة الدماء وتقديس حفلات قتل العرب والفلسطينيين  ، ما يجري وجرى في باحات الأقصى وغزة ولبنان  هو ما يريده المشاهدون الاسرائيليون وما يتوقعونه ممن انتخبوهم ليكونوا قتلة بالقدر الكافي  وخارجين عن قانون البشرية بالمستوى المناسب لسمعة بني اسرائيل ولكنهم يريدون من ينفذ ذلك دون ان يضطروا للإختباء في الملاجىء!

عندما تعلن  حركة “عائدون لجبل الهيكل” المتطرفة كمثال بأنها  قد رصدت مكافأة قدرها 20 ألف (شيكل) للمستوطن الذي يتمكن من ذبح “قربان الفصح” داخل الحرم القدسي أو  مبلغ خمسة آلاف  ( شيكل )لأي مستوطن يتم اعتقاله أو منعه من إدخال القربان إلى الحرم القدسي فيمكننا أن نفهم كيف تجري الأمور ولماذا يفعل (بات مان ) وعصابته ما يفعلون .

على الصعيد السياسي السطحي المقروء في سياق الأحداث والاضطرابات والمهاترات التي تعصف بالكيان فلدينا رئيس وزراء لا أخلاقي مع عصابة من المتزمتين الذين يلعبون في ظل زمن اللعب وكثرة الدعم وكثرة الحلفاء المجانيين للاستيلاء على المشهد السياسي وتعظيم المكانة للدولة الدينية وتحقيق المكتسبات والحضور والثقل الاقليمي والعالمي وممارسة أكذوبة تحقيق الأمن والأمان لشعب الله المختار الذي يخدمه كل السياسيون ، ترحيل الأزمات وتحقيق المعجزات من خلال طرق أبواب مختلفة هو ما يبدو أنه يهيمن على عقلية إجرامية لشخص مثل نتانياهو في ظل مطاردات قضائية قادمة لا محالة بحقه وسط شد وجذب مع وقائع سياسية كبيرة تفرض نفسها في كل شيء داخل هذا الكيان من تهديات ايران إلى الحرب الروسية إلى تأرجح العلاقة مع الولايات المتحدة وغيرها من تفاعلات اللوبي المتصهين عبر العالم القريب والبعيد.

أما القراءة  التي يجب أن نغوص في عمقها فهي ليست شيئا بعيدا أبدا عما يحدث على تخوم الجزيرة العربية وحدود طهران والامتثال لأوامر  البيت الأبيض في تموضعه الجاري والقادم حول الصين وروسيا والحلف الجديد الصاعد الذي يحاول الكيان إعادة فهمه واستيعابه ليكون مستغلا ومتطفلا عليه كما هي العادة ، أما القراءة الأعلى الأكثر شمولية لما نراه فلا تتعدى الاقتراب من لحظة الحقيقة ، الحقيقة التي تقول بأننا بصدد مشروع مارشال ديني قسري في المنطقة ، كبير وقديم  يتخذ صيغا جيو- سياسية واقتصادية واجتماعية حداثية ولكنه في آخر الطريق مجرد رؤية دينية استعبادية ترسم بلاد العرب كما تلك رسومات الكهوف الأولى التي تنبأت بسنة الطوفان ثم يعقبها سنة الخوف الكبير، هذه القراءة والتي تؤكد بان هؤلاء يلعبون في مساحة وحجم أكبر من حجمهم التاريخي والزماني والمكاني هي التي تؤكد حقيقة هشاشة هذا الكيان وقابليته للسقوط لأدنى اهتزازات وهذه هي الحقيقة الوحيدة التي تكشفها الأحداث كل مرة.

إن مصدر القوة الحقيقي لهذا الكيان هو الهزال الوجداني لأمة العرب وتغلغل هذا الكيان السرطاني داخل صناعة القرار في كل بلد عربي وصناعة أجيال  كاملة على مدى عقود مترابطة فاقدة لأهلية الوعي المعرفي والوجداني والمستقبلي لأنه تم تحريف كل وقائع الحياة وترجمتها إلى كل ما يخدم سقوط المناعة الايديولوجية وتنامي مظاهر التقبل لهؤلاء جغرافيا وديموجرافيا ولكن كل ذلك بدأ بالفعل يتغير وكل الخطط الكبيرة تتآكل من الأطراف والمركز وفي كل مرة يتجدد وعي الشعوب وتتقد مشاعرها حيال ما تراه ، على صعيد السياسة والفقه العلماني ومعادلات العالم المجردة من الأخلاق والضمير فدولة اسرائيل هي كيان قوي وحليف متين ودول العرب ذكية وفطنة وتحرص على ديمومتها ومواطنيها وتسعى في مصالحها ، أما على صعيد العظمة وباب التاريخ وفصل المجد فاسرائيل هي مجرد وهن تاريخي أصاب ساق الزمان فعرج ولا يداويه إلا من يرجم الصواريخ أو يطلق النار بصدر حر ، أما دول العروبة التي تلعب دور الحياد والوساطة والنأي بالنفس فقد عادت بأكملها إلى عصر الخوف والاستعباد الاختياري .

الشق الثاني المرافق عادة للتصعيد في الأراضي الفلسطينية هو  تصريحات الإدانات ومعلبات العبارات الجاهزة المخصصة للتعامل مع التحرش الصهيوني بالعرب  وقتل الحقيقة وتحويلها إلى برغر أمريكي يوزع مجانا للتخدير ، ماذا يقصدون بكلمة ندين بشدة ؟ ما الذي يعينه أن فلان أصيب بالصدمة مما حدث  وماذا ينعكس ذلك على الحقوق الفلسطينية االبشرية والمادية ؟ ما الذي تقصده عواصم العرب بأنها تحذر وتحمل المسؤولية ؟ من منكم يتحمل أي نوع من المسؤولية ؟  جميع مكونات جوقة التضليل تعزف على نغمة التهدأة والهدوء إلى درجة اننا أصبحنا نشعر معها بأننا في حفلة مهرجين ! ما هو تعريف الهدوء المطلوب هنا ؟ ما معنى هذه الكلمة بالضبط وما هي دلالات هذه الكلمات التي تسممون بها وعينا ؟

لو كان في هذا العالم حياء يا سيدتي التي تعبدين الله في الآقصى لكنا الان زحفا إليك من فج عميق !   على مائدة الدم الفلسطيني سقط كل أصحاب النياشين المطلية بالذهب وأمام طرح المتعبدات أرضا هُدِر شرف العروبة وانكسرت صيحة وامعتصماه وتقلقل الرجل في قبره  ، كيف للعرب يا أيها المسجد الأقصى أن يؤمنوا بك وقد نسوا محمد ؟ كيف يعرفون أنك محررهم وقد عبدوا من بعد هجرك  أنبوبة القطران وترغدوا في نعيم الردة ؟  عندما تكون مقاوما فليس مطلوبا منك ان تسد جوع مليار عربي ولا أن تهدي من أحببت ، تكفي رصاصة منك أو سكين أو صاروخ لكي تشهد بأنك من عظماء التاريخ وأنك أكبر من الحصار ، يكفي أن تبقى مصليا عابدا لربك الأحد لكي تقول بأنك على العهد ولم تهزمك كل تلك الاشياء الهشة ، وعندما تبقى في هذا الحصار وحدك  يصبح الصاروخ والرصاص خير من تعبد ألف شهر ،  لم يعد لدينا من دولة عربية لأن الدولة ليست بنايات وشوارع وخدمات ومسؤولين يخضعون لإمرة الحاخام الذي يتقمص دور رئيس وزراء ، الدولة هي قرار وإرادة وعزة حتى لو كنت تعيش فوق الركام ، الدولة الوحيدة للعرب الان هي المقاومة حيثما حلت ووجدت الكرامة بصحبة أي شيء يصلح لتقول من خلاله لا !

لا احد يعلم من أين ستأتي شرارة بدء يوم القيامة الفلسطينية ، لكن الصواريخ التي سقطت على الجليل وتلك التي انطلقت من غزة ومقتل ثلاثة من اللابشر المستوطنين في الأغوار هي وجهة  النظر الفلسطينية والعربية الحقيقية  التي لا يمكن  الاحتيال عليها أو إيقافها ولا تأجيلها ولا مراودتها عن نفسها بأكاذيب مثل السلام او التهدأة او الرشوات الغذائية والاقتصادية ، وجهة النظر هذه لن تتنازل عن أي شبر من فلسطين ولا غيرها من الأراضي العربية ، وجهة النظر هذه محفوظة حفظا تلقائيا في كل جينات عربية من حدود الماء المالح حتى حدود الماء العذب المقدس الذي تعمد فيه الأنبياء والمقاتلون ، هذه هي صلاة التراويح التي وحدت القدس مع غزة ولبنان والأغوار  وستوحد جميع العرب قريبا جدا، وجهة النظر هذه هي التي تحفظ كرامتنا وتلبي نداء مقدساتنا ونساءنا واهلنا في فلسطين ، شعب فلسطين ماض في طريقه حتى النهاية وشعوب العرب على ذات العهد والوعد ستكمل درب النضال حتى التحرير .
كاتب عربي فلسطيني