مع تصاعد التوترات الأمنية بين الاحتلال والقوى المعادية له، تتزايد تقديراته بإمكانية تعرضه لهجوم مشترك، ويعتقد في الوقت ذاته أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيبادر بخطوة مغامرة لإسكات الاحتجاجات الداخلية، رغم أنه أظهر حذرا في الماضي.
ودأب بعض السياسيين الإسرائيليين في الآونة الأخيرة على نشر تقديرات مبالغ فيها، ويؤججون المخاوف الداخلية، ولكل منهم دوافعه الخاصة في زيادة منسوب القلق.
رون بن يشاي الخبير العسكري بصحيفة يديعوت أحرونوت، قال إن “السؤال المتكرر عليه هو: هل ستكون قريبا حرب شاملة؟ وهو سؤال يتكرر بشكل عشوائي في مناسبات اجتماعية عديدة، ويبقى اعتقادي بأن مثل هذه الحرب لن تندلع قريبا، بالتزامن مع شعور غالبية الجمهور الإسرائيلي بالانزعاج من تحقق مثل هذا الاحتمال هذه الأيام، مما يستدعي تحليل مكان ظهور هذه الظاهرة، ومن أين نشأت، والتعرف على الحقائق على الأرض”.
وأضاف أن “الإجابة عن هذا السؤال الخطير يتطلب تقرير حقيقة أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية ليس لديها أي تحذير أو معلومات محددة تشير لخطة أو تخطيط أو استعدادات من قبل الأعداء الرئيسيين والخطرين لشن هجوم مفاجئ بشكل مشترك على كل الجبهات في نفس الوقت، رغم أن إيران وحزب الله والتنظيمات الفلسطينية يرغبون بتنفيذه، رغبة منهم بالاستفادة مما يرون أنه فرصة لا تتكرر”.
وأشار إلى أن “هذه الفرصة التي يراها أعداء إسرائيل لا تتكرر تتمثل بالضعف غير المسبوق في المجتمع الإسرائيلي المنقسم، والانقسام في الجيش بسبب رفض الخدمة العسكرية؛ وتراجع الولايات المتحدة عسكريا، وفقدان اهتمامها بالشرق الأوسط، وعدم نجاح المحور العربي الإسرائيلي الذي حاولت واشنطن إقامته في الخليج ضد إيران، بسبب الحكومة اليمينية في إسرائيل، وسياستها المعلنة تجاه الفلسطينيين والمسجد الأقصى”.
وأوضح أنه “رغم كل هذه الحقائق، لكن كل هذه التهديدات لإسرائيل غير قادرة حاليًا على ترجمتها، باستثناء بعض الجولات أو أيام المعركة، مع أن ما حدث في رمضان الحالي لا يختلف عما حصل في رمضانات سابقة إلا في عاملين، أولهما عملية مجدّو الخطيرة، وثانيهما إطلاق غير عادي من صواريخ حماس من جنوب لبنان باتجاه فلسطين المحتلة، ردّا على ما شهده المسجد الأقصى، خاصة من حيث الكمية، رغم أنها جاءت قصيرة المدى”.
وأشار إلى أن “كل هذه التفاصيل تعني أنه إضافة لتحسين التنسيق والتوقيت بين الفصائل الفلسطينية، خاصة حماس واتفاقها مع حزب الله، فإن الحديث يدور عن مبادرة إيرانية لمشاهدة عرض غير عادي أو قدرة عسكرية عملياتية، رغم أن هذه الأطراف تواجه صعوبات جمة في الداخل، تمنعها من تحقيق خطاباتها الحربية”.
ونقل عن “مسؤولي المخابرات الإسرائيلية تقديرهم، أنه بعد شهر رمضان ستهدأ الأجواء الأمنية قليلاً، لكن موجة المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية سوف تستمر، وفي غزة والشمال سنعود بشكل أو بآخر للوضع الراهن منذ بداية العام، رغم أن المخاطر الرئيسية الآن تنبع من نقطتي احتكاك محتملتين: التدهور والتصعيد، وإمكانية وصولهما لمجموعة غير متوقعة من الأسباب والظروف في أحد قطاعات لبنان أو غزة، فضلا عن الهجمات المسلحة في الضفة الغربية، التي لن يتمكن الجيش والشاباك من إحباطها”.
وأكد أن “نتنياهو سيرى خطوة عسكرية مغامرة خيارا وحيدا أمامه: إما لإسكات الاحتجاجات الداخلية، بحيث يسعى لتوحيد الإسرائيليين في أوقات الطوارئ، وتجميد الانقلاب القضائي، أو لإجبار بيني غانتس وحزبه على أن ينضموا لحكومة وحدة وطنية طارئة، رغم أنه أثبت في الماضي حذرا في قراراته الأمنية، وقد لا يبادر لمثل هذه الخطوة، وإن بادر فسيواجه معارضة شديدة من وزير الحرب وقادة الجيش، مع أن الجمهور الإسرائيلي يسمع ويقرأ أن جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، يعتقد أن احتمالية الحرب زادت في 2023، وهو أمر مقلق”.
ويمثل هذا التقدير الإسرائيلي المتضارب نموذجا للتشاؤم الذي يصل إلى درجة القلق، بما يميل لأن يكون له تأثير سلبي على ردع الاحتلال، وقدرته على العمل في حالات الطوارئ، رغم أن قادة الائتلاف الحكومي ينشرون التهديدات، والتقديرات المبالغ فيها للوضع بشكل متعمّد لإخماد الاحتجاجات، وقمع أي سلوك ضد تصرفات الحكومة، حتى وزير الحرب يوآف غالانت، الذي يُظهر مسؤولية غير عادية في المشهد الليكودي، يبالغ قليلاً في فورية وشدة الخطر الأمني، ولعله يفعل ذلك للضغط على نتنياهو لوقف انقلابه القضائي.
على الشق الآخر، فإن قادة المعارضة، بقيادة غانتس ويائير لابيد، يزرعون القلق العام، ويؤججون المخاوف من أجل إقناع معسكر اليمين المتأرجح بالضغط على نتنياهو لإيقاف السباق من أجل الثورة القانونية التي تفرق الإسرائيليين، وتضعفهم، فيما لا يبذل كبار قادة الجيش والشرطة جهودًا فعلية لتهدئة مخاوف الجمهور، لأن الخوف من حدوث تصعيد كبير يحصد القتلى يخدمهم في جهودهم لكبح الوزيرين إيتمار بن غفير وبيتسلئيل سموتريتش.
عربي21