نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لرئيس مكتبها في القدس، باتريك كينغسلي، قال فيه إن رون ديسانتيس، حاكم فلوريدا والمرشح المحتمل عن الحزب الجمهوري للرئاسة، أعرب عن دعمه القوي لإسرائيل خلال زيارة قصيرة إلى القدس يوم الخميس، حيث روج لمؤهلاته الدبلوماسية في دولة تعتبر مهمة لملف السياسة الخارجية لأي رئيس أمريكي.
رفض ديسانتيس مرة أخرى تأكيد ترشيحه للسباق الرئاسي في عام 2024، لكنه استخدم خطابا وإيجازا إخباريا لاحقا لإظهار خبرته واهتمامه بالشؤون الإسرائيلية، وهي القضية التي جعلها منافسه الرئيسي، دونالد ترامب، قضيته.
شدد الحاكم، وهو مبتدئ في السياسة الخارجية، على سجله الحافل بدعم إسرائيل ويهود فلوريدا، وسلط الضوء على جهوده لمكافحة معاداة السامية في فلوريدا وبناء علاقات تجارية بين ولايته وإسرائيل.
وقال ديسانتيس في كلمة ألقاها في مؤتمر استضافته صحيفة “جيروزاليم بوست”، وهي صحيفة باللغة الإنجليزية ذات ميول يمينية: “كان الحفاظ على علاقة قوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل أولوية بالنسبة لي خلال فترة وجودي في المنصب”. وحضر الحدث شخصيات يمينية بارزة، بما في ذلك ديفيد فريدمان، الذي كان سفير ترامب في إسرائيل، وميريام أديلسون، وهي من الداعمين الأمريكيين الإسرائيليين القدامى لترامب.
وقال ديسانتيس: “تحالفنا مع إسرائيل يقوم على الصلات الثقافية والدينية الفريدة والقيم اليهودية المسيحية التي تعود إلى آلاف السنين إلى الأرض المقدسة والتي كانت ضرورية للتجربة الأمريكية”.
والتقى ديسانتيس صباح الخميس مع إسحاق هرتسوغ، رئيس إسرائيل، ولاحقا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وكان لدى ترامب علاقة قوية في البداية مع نتنياهو، لكنها تراجعت بعد أن ترك ترامب منصبه.
بينما لم يذكر ترامب بالاسم مطلقا، حاول ديسانتيس يوم الخميس تمييز نفسه عن منافسه بالإشارة إلى الكيفية التي دفع بها إدارة ترامب لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، قبل أشهر من قرار ترامب القيام بذلك.
قال ديسانتيس وسط هتافات عالية من الجمهور: “كنت مؤيدا صريحا ومدافعا عن نقل سفارتنا”. وأضاف: “كنا نحاول إقناع الإدارة السابقة بالقيام بذلك”.
كرئيس، انفصل ترامب عن عقود من السياسة الأمريكية من خلال نقل السفارة، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، وقطع التمويل عن الفلسطينيين ودعم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
يُنظر إلى أي رئيس أمريكي في إسرائيل على أنه شريك مهم؛ إذ تعتمد إسرائيل على الدعم الأمريكي لدرء الاستنكار من الأمم المتحدة وتتلقى أكثر من ثلاثة مليارات دولار من التمويل السنوي من واشنطن. لكن ترامب جعل دعم إسرائيل سياسة خارجية مميزة، ما ساعد على التوسط في العديد من الصفقات الدبلوماسية التاريخية بين إسرائيل وثلاث دول عربية.
في ظهوره يوم الخميس، أكد ديسانتيس كيف أن لديه إرثا كذلك من الدعم الثابت لإسرائيل واليهود الأمريكيين، مذكرا بأنه قاد وفدا تجاريا هناك في عام 2019 وروج للتوعية بالهولوكوست في فلوريدا. كما أنه أشاد بالصفقات التي توسط فيها ترامب، والمعروفة باسم اتفاقيات أبراهام، وقال إنه يدعم الجهود المبذولة لتأمين صفقة جديدة بين إسرائيل والسعودية.
وانتقد ديسانتيس إدارة بايدن، بسبب التدهور في عهد الرئيس بايدن في العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، واقترح أن تتجنب واشنطن الانحياز إلى جانب في النقاش الداخلي الإسرائيلي حول مستقبل القضاء. واتخذ بايدن موقفا صريحا بشكل متزايد ضد الجهود التي تبذلها الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة لتأكيد سيطرة أكبر على المحكمة العليا.
وقال ديسانتيس: “يجب علينا أيضا في أمريكا أن نحترم حق إسرائيل في اتخاذ قراراتها الخاصة بشأن حكمها. أنتم بلد ذكي. وستحلون إشكالاتكم، فلا ينبغي لنا أن نتدخل في هذه القضايا المهمة”.
وصل ديسانتيس إلى إسرائيل ليلة الأربعاء وكان من المقرر أن يغادر بعد ظهر يوم الخميس. وكانت زيارته هي المحطة الثالثة في جولة سريعة مر فيها باليابان وكوريا الجنوبية ولاحقا في بريطانيا.
الجولة هي اسميا فرصة لبناء العلاقات التجارية بين فلوريدا والاقتصادات العالمية الرئيسية مثل إسرائيل. يرافق ديسانتيس العديد من المستثمرين ورجال الأعمال في فلوريدا. في مؤتمره الصحفي، أعلن ديسانتيس عن عدة مبادرات تجارية جديدة بين شركات فلوريدا ونظيراتها الإسرائيلية، بما في ذلك باحثون طبيون وشركات طيران.
لكن ديسانتيس استخدم الرحلة أيضا لعرض موقفه من الشؤون الخارجية والتقاط صور له مع قادة العالم.
لم يضع ديسانتيس أبدا رؤية شاملة للسياسة الخارجية. لكن تحليل تعليقاته ومقابلاته مع زملائه السابقين يشير إلى أنه يدعم إجراء دوليا حاسما من جانب الولايات المتحدة لحماية مصالحها، لكنه أقل اهتماما بجهود الولايات المتحدة لدعم النظام الدولي الليبرالي.
وتعرض ديسانتيس مؤخرا لانتقادات من قبل زملائه الجمهوريين لوصفه غزو روسيا لأوكرانيا بأنه “نزاع إقليمي” لم يكن ذا أهمية حاسمة للولايات المتحدة، قبل أن يتراجع في وقت لاحق عن تلك التعليقات.
في اليابان، التقى برئيس الوزراء فوميو كيشيدا وأعلن دعمه للتحالف بين الولايات المتحدة واليابان، فيما بدا أنه خروج عن موقف ترامب الأكثر فتورا عندما كان رئيسا. ويوم الخميس في القدس المحتلة، استخدم ديسانتيس جزءا من إيجازه الإخباري للتوقيع على إعلان يشيد بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس إسرائيل. ثم وقع على مشروع قانون قال إنه سيحارب معاداة السامية في فلوريدا.
وأشار إلى جهوده كحاكم ولاية في استهداف “Airbnb”، بعد أن حذفت الشركة من قائمة العطلات لفترة وجيزة عقارات في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل قبل بضع سنوات من موقعها على الإنترنت. وكرر موقفه الذي طالما تعلق به في الضفة الغربية، والتي يقول ديسانتيس إنها منطقة متنازع عليها وأشار إليها باسم “يهودا والسامرة”، مستخدما الاسم التوراتي للأرض، الاسم الذي يستخدمه الإسرائيليون.
ويتعارض موقفه مع موقف معظم الدول التي تعتبر الضفة الغربية أرضا محتلة لأن إسرائيل احتلتها من الأردن خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967.
في مؤتمره الصحفي، تلقى ديسانتيس بشكل أساسي أسئلة من المراسلين لوسائل الإعلام اليمينية بما في ذلك: المنفذ الأمريكي Newsmax؛ و Israel Hayom وهي صحيفة يمينية حرة تنشرها أديلسون؛ و”القناة 14″ وهي قناة عبرية تلفزيونية خاصة مؤيدة لنتنياهو.
لكن بعض الصحفيين أطلقوا الأسئلة دون أن يتم استدعاؤهم، بما في ذلك أحد المراسلين الذي سأل ديسانتيس عن الفترة التي قضاها كضابط في القاعدة الأمريكية في خليج غوانتانامو، كوبا، حيث احتجزت الولايات المتحدة أشخاصا يشتبه في ارتكابهم أعمالا إرهابية.
وقال المراسل، الذي لم يذكر اسمه، إنه تحدث إلى معتقلين سابقين اتهموا ديسانتيس بحضور إطعام قسري للسجناء في القاعدة.. أجاب ديسانتيس: “هل تعتقد بصدق أن هذا موثوق؟ هذا عام 2006، أنا ضابط صغير. هل تظن بصدق أنهم سيتذكرونني أصلا؟ بالطبع لا”.