| «البوظة» مشروب «الحرافيش» المصري.. تاريخه يرجع للفراعنة

مشروب البوظة أو «مشروب الغلابة» كما يطلق عليه البعض، إذ ينتشر في المناطق الشعبية والريفية، ويحظى بقبول عدد كبير من المصريين، يذكر أن واقعة حدثت مؤخرا أعادت الحديث عنه وهي تسببه في تسمم نحو 400 شخص في قنا، جميعهم خرجوا من المستشفيات، بعدما ضبطت الأجهزة الأمنية بائع بوظة بحوزته كميات كبيرة منها غير مستوفية لاشتراطات النظافة الصحية، ولا يمتلك شهادة صحية من الجهة المختصة.

ورغم شعبية هذا المشروب وتواجده بشكل كبير في المناطق الشعبية خاصة محلات العصائر أو من قبل الباعة الجائلين، إلا أن الكثيرين لا يعلموا أن هذا المشروب المعد من خلال تخمير الشعير دون إضافة كحول، مشروبا تاريخيا يعود إلى مصر القديمة.

وقال الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، إن مشروب البوظة واحدا من المشروبات المتوارثة عن القدماء المصريين، مؤكدًا أنها كانت ضمن موائد القرابين التي توضع إلى جوار المتوفى في مقبرته، ويدل على انتشار هذا المشروب والاهتمام بوجوده واستخدامه، وكان يلقى قبولا لدى المصريين القدماء. 

وأضاف «عبد البصير» في تصريحات خاصة لـ«»، أنّ مشروب البوظة ارتبط في أذهاننا بالحقبة الزمنية في روايات الأديب الراحل نجيب محفوظ والأفلام السينمائية منها «الحرافيش»، مع اختلاف أن بوظة الحرافيش كان يضاف إليها الكحول على عكس مشروب البوظة في الصعيد يكون غير مضاف عليه كحول، ويقبل عليه أهالي الصعيد بسبب ارتفاع درجات الحرارة. 

المصري القديم رسم مشروب البوظة على جدران المعابد 

وبدأت قصة مشروب البوظة في مصر منذ عهود قديمة، إذ ذكر الرحالة الألماني بورشارد صناعة «البوظة» بشكلها القديم في مصر،  قائلًا في مذكراته إنّ تحضيرها كان يشبه تحضير «الجعة»، وهي مشروب انتشر منذ عهود قديمة في مصر، وكانت تستعمله الطبقات الفقيرة، ويحتوي على كحول بنسبة 7%، وتشرب طازجة بعد إعدادها مباشرة، وتصنع «البوظة» الحالية من القمح المطحون أو من الشعير والذرة العويجة.

«البوظة» مشروب مصري قديم

والبوظة مشروب مصري قديم، وجد على أحد جدران قبر «تي» بسقارة منذ عهد الأسرة الخامسة، كما عثر عليه في قوالب من الخشب تشبه ما عثر عليه بالدير البحري بطيبة من عهد الأسرة الحادية عشرة، وتبين عمليات طحن الغلال وعجن الخبز وقطعه إلى أرغفة تبل في الماء لصنعه، كما عثر على نماذج مماثلة في قبور بني حسن من عصر الدولة الوسطى، وفقًا لما ذكره الكاتب وليم نظير في كتابه «الثروة النباتية عند قدماء المصريين». 

 

 

وقد كشفت مجموعة من  الحفائر عن بقايا الأواني التي كانت مخصصة للبوظة، وحفظت في القبور محفوظ بعضها بقسم الزراعة القديمة بالمتحف الزراعي، وبفحص بعض البقايا التي عثر عليها في قبور عصر ما قبل الأسرات حتى الأسرة الثامنة عشرة، تبين احتوائها على حبوب قمح نشوي وخميرة وبكتريا ونسب صغيرة من أنواع أخرى، كما تبين أن بعضها يحتوي على خليط من القمح والشعير.