شنت إسرائيل عملية عسكرية اجرامية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة بذريعة اعادة الردع المتآكل، وتحقيق الامن للمستوطنين في غلاف غزة.
واستهدفت الطائرات الحربية الشقق السكنية الخاصة واغتالت ثلاثة من القادة العسكريين في الصف الاول لسرايا القدس في حركة الجهاد الاسلامي، واعترفت إسرائيل بالاغتيال وانها استهدفت شقق سكنية وماهولة بافراد العائلة، والنساء والاطفال ينامون فيها، واستشهدوا وهم نيام. وهي جريمة حرب ومن العار عدم محاكمة المسئولين الاسرائيليين.
وصلت حصيلة المجزرة الاسرائيلية حتى اليوم، 25 شهيداً و 76 جريحا جراء عمليات القصف بالصواريخ من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي. ومن بين الشهداء 6 اطفال و 4 نساء و 2 من المسنين، و الجرحى 24 طفلا و 13 سيدة و 3 مسنين. بدون حماية.
استنكرت إسرائيل رد المقاومة الفلسطينية، واعتقدت انه ليس من حق الجهاد الرد على الجريمة، ولماذا لا يرد الجهاد؟ ولم يرد الجهاد والفصائل إلا بعد نحو 35 ساعة من المجزرة، وكانت خطوة وتكتيك، واستفز إسرائيل والافتراض القائل بأن الجهاد يجب أن يرد على الجريمة الصارخة.
وفي اليوم التالي للمجزرة روح الاعلام والمسؤولين الاسرائيليين ان الجهاد الاسلامي مصدوم! الصدمة في قتل 13 مدنيا فلسطينياً؟ صدمه الجهاد؟ الدولة التي تدعي انها ديمقراطية قتلت الاطفال والنساء، المعتدين الإسرائيليين الذين ينشرون القتل ويمتلكون مهارة سفك الدماء في غزة منذ 16 عاما؟ ويحاصرونها، المقاومة هي الصمت، لأن الصمت هو سلاح ايضاً وقد يكون فتاك، ويجعل تفتخر إسرائيل ونجاحها في ارتكاب مجزرة فارغ من أي احتفال، المقاومة تهز الردع وتحقق انجاز في مواجهة الاحتلال وروايته الكاذبة.
وتستند إسرائيل إلى افتراض بأن كل المقاومة تريد قتل اليهود. وهذا غير صحيح. بالتأكيد هناك صراع وحتى نوع من الحرب، لكن المقاومة منغمسة ومشغولة بالقتال من أجل البقاء في غزة، حيث الظروف الحياتية والانسانية والمعيشية من بين الأسوأ في العالم، ويعيش السكان في غيتو ومحاصر، ويتحمل الاختلال المسؤولية الكاملة عنه.
تعتمد غزة على المساعدات من العالم في معيشتهما، وخاصة العالم العربي، وهذه المساعدات شحيحة لابقاء الفلسطينيين علي قيد الحياة. وإسرائيل تعتمد أيضًا على هذا العالم لكن هناك فرق كبير حداً والذي يقدم لها الدعم والحماية والمساعدات المالية والعسكرية الطائلة.
قبل المجزرة والاغتيال كانت المقاومة في اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل التي لم تتوقف عن اتهام المقاومة بالتحريض والتخطيط لعمليات فدائية. وإسرائيل قوة الاحتلال وتمارس الاضطهاد والعنصرية والفاشية لم تتوقف عن التخطيط لعمليات عسكرية ضد المقاومة والمواطنين.
تقود المقاومة الفلسطينية منظمات سياسية وليست وحوشاً متعطشة للدماء، وإسرائيل هي التي انتهكت وقف إطلاق النار بشكل صارخ وغير قانوني.
اسرائيل تعتبر نفسها متوازنة في العدوان والافتراض ان هناك طرفان يقاتلان من أجل هدف مقدس، والمقاومة تفهم تماماً أولوية إسرائيل، والثمن الباهظ الذي سيدفعه الفلسطينيين في غزة.
كما تعرف إسرائيل، والاسرائليين لا يعتقدون أنه يمكن القضاء على إسرائيل في معارك عدوانية تشنها إسرائيل وروايتها الكاذبة، و النقاش حول شرعية قتل الأطفال يبدو ضلال. والحكومة الإسرائيلية عبارة عن مجموعة من المتعصبين الفاشيين الذين يقتلون بسبب وبدون سبب.
وفي الوقت الذي تنتشر فيه الانباء عن وقف اطلاق النار المستمر ومنها وقف الاغتيالات، والحقيقة أنه لم يعد من الممكن العيش مع هذا الخيال بانه لن تكون هناك حرب، لأنه لا يوجد شيء للقتال من أجله، لا تريد إسرائيل اجتياح غزة والسيطرة عليه لتحقق الامن لمستوطناتها، لكنها تدرك التكلفة الباهظة لهذا الخيار.
المطالبة بوقف العدوان لأنه في الواقع لا جدوى من الاستمرار فيه، وتعرف إسرائيل جيداً أن الاغتيالات لم تحقق شيئاً ، وأنه كلما طال القصف، سيموت المزيد من الأبرياء.
غزة ليس لديها سبب للقتال إلا لنقل رسالة مفادها أنها ما زالت هنا وعلى قيد الحياة، ولا أحد خارج غزة يتخيل القهر الذي يعيشه اهل غزة.
منذ الامس تزداد المطالبات من عدد من المحللين العسكريين والباحثين الاسرائيليين لنتنياهو بضرورة وقف العملية العسكرية ضد غزة، و عدم قدرة إسرائيل على تحقيق الردع، لا سيما أن المقاومة هي التي حققت الردع بقصف تل ابيب وان تحقيقه مع غزة اصبح بعيد المنال.
وما زال البعض يوجه النقد لنتنياهو واتهامه بعدم قدرته على تحقيق الردع، كما هو الحال مع كل عملية عسكرية في غزة منذ أن أصبح رئيسا للوزراء، وأنه لا يعرف متى ينتهي. وان العملية العسكرية وصلت في مرحلة التعقيد، ومن الصعب الاستنتاج الخروج من العملية بأي شيء مفيد.
ويظهر ذلك بشكل أساسي بكيفية الخروج من العملية مع الحفاظ على الإنجاز العملي فيها واغتيال القادة ودون تطور الاشتباك وتفاقم الاوضاع مع المقاومة.
وإن الاستمرار وتوسيع العملية سيزيد بشكل كبير من احتمال دخول حماس إلى العملية (وهي خطوة تحاول إسرائيل منعها منذ اللحظة الأولى)، وتركز الاستهداف ضد الجهاد الاسلامي والاستفراد بها.
ويمكن محاصرة النار، لكن المشكلة عند الدخول في حملة تم تحقيق أهدافها في الثواني الأولى لعملية الاغتيال. أصبح الردع مصطلح بعيد المنال.