​”معلومات الوزراء” يستعرض الحزم التحفيزية لتجارب توطين صناعة


11:21 م


الإثنين 15 مايو 2023

(أ ش أ):

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عددا جديدا من سلسلة “رؤى على طريق التنمية”، بعنوان “حزم تحفيزية لتوطين صناعة الهيدروجين الأخضر في مصر في ضوء تجارب الدول”.

وأشار مركز المعلومات إلى أن الهدف الرئيس لذلك العدد هو تحليل الحزم التحفيزية لتشجيع توطين صناعة الهيدروجين في ضوء بعض التجارب الدولية للوصول لأهم الدروس المستفادة وحلول علمية مثلى لتوطين صناعة الهيدروجين في مصر.

وأكد المركز أنه وفقًا لاتفاقية باريس في عام 2015، فإنه يجب الوصول لهدف صافي انبعاثات الكربون الصفري بحلول عام 2050، كما يجب أن تبقى الزيادة العالمية في درجة الحرارة أقل من درجتين مئويتين، ويفضل أقل من 1.5 درجة مئوية مقارنة بفترة ما قبل الصناعة، وهذا يعني حركة واسعة نحو إزالة الكربون في جميع القطاعات مع مساهمات من جميع البلدان.

وبين أنه يمكن للهيدروجين من هذا المنظور أن يلعب دورًا مهمًّا في مستقبل خالٍ من انبعاثات الكربون، إذ أنه يعتبر عنصر وفير مع محتوى طاقة مرتفع جدًا لكل وحدة كتلة، مقارنة بالعديد من عناصر الوقود التقليدي، ويتم إنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق التحليل الكهربائي للمياه، باستخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، وتفصل هذه العملية الهيدروجين عن الأكسجين، مما يخلق مصدرًا نظيفًا ومستدامًا للطاقة، لذا يعد الهيدروجين الأخضر وقودًا خاليًا من الانبعاثات.

ولفت إلى أن مصر تمتلك أكبر مصادر للطاقة المتجددة من الرياح والشمس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما يؤهلها لأن تكون واحدة من أكبر منتجي الطاقة النظيفة، وتهدف استراتيجية الطاقة المتجددة في مصر إلى بلوغ حوالي 42% من إجمالي الكهرباء الناتجة من المصادر المتجددة بحلول 2035، كما أن مصر من الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، (والتي تهدف إلى الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى مستوى غير خطير)، كما أنها إحدى الدول الموقعة على اتفاقية باريس، لذلك تسارع الدولة الخطى في تبني الخطط والمقترحات التي من شأنها جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في مجال إنتاج الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، بما في ذلك إقرار حوافز إضافية للاستثمار في هذا المجال، وما تقوم به من جهود لتحديث “استراتيجية الطاقة” لتشمل الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة، بما يدعم استراتيجيتها الطموح لتصبح مركزًا إقليميًّا للطاقة الجديدة والمتجددة، واستراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030.

فضلا عن أنه تم توقيع عدد من مذكرات واتفاقيات التعاون خلال الفترة الماضية، مع عدد من الأطراف والشركات العالمية لتنفيذ مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره، بما في ذلك توقيع مذكرة تفاهم مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتمويل الأعمال الاستشارية لإعداد الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين، والتوقيع على اتفاقية التطوير المشترك لمشروع إقامة وتشغيل منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الصناعية بالعين السخنة التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتوقيع اتفاقية الشروط الرئيسة لعقد شراء الهيدروجين، بين كل من: «صندوق مصر السيادي»، وشركة «سكاتك النرويجية » للطاقة المتجددة، وشركة «أوراسكوم للإنشاء » وشركة «فيرتيجلوب »، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم بين كل من الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وصندوق مصر السيادي، وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، وشركة «ميرسك العالمية»؛ لإقامة مشروع لإنتاج الوقود الأخضر لإمدادات تموين السفن والوصول لانبعاثات كربونية صفر، ومن الجدير بالذكر، أن كل هذه الجهود من شأنها تحويل مصر إلى ممر لعبور الطاقة النظيفة إلى أوروبا والعالم.

وأظهر العدد أنه لتوطين صناعة الهيدروجين في مصر وخاصة في المراحل الأولى من تطوير الهيدروجين الأخضر، تحتاج الصناعة إلى الاعتماد على حزم تحفيزية مع نشر التقنيات الجديدة وتوسيع نطاقها، وتشجيع الحوافز المالية من خلال خفض الضرائب، وكذلك تقديم الإعانات للأفراد والمشروعات تؤدي لجذب الاستثمارات.

وتناول العدد الحزم التحفيزية لتوطين صناعة الهيدروجين مشيراً إلى أن هناك أشكال متعددة للحوافز المالية التي يمكن أن تستخدم لتشجيع إنتاج الهيدروجين الأخضر على المدى القصير بينما مع مرور الوقت وظهور اقتصادات الحجم سيؤدي إلى خفض التكلفة وزيادة القدرة التنافسية لديهم، وتتخذ الحوافز لتشجيع إنتاج الطاقة الهيدروجينية الخضراء أشكالًا مختلفة، وسيعتمد على ما إذا كان الحافز يطبق في المراحل الأولى لتشجيع الإنتاج أم عند الاستهلاك لضبط الأسعار مع ظروف السوق.

واستعرض العدد هذه الحوافز المالية والتي صنفها إلى “المنح والقروض والمشاركة في رأس المال”، “والحوافز الضريبية”.

وبالنسبة للمنح والقروض والمشاركة في رأس المال، أشار إلى أن العديد من الحكومات ومؤسسات التنمية تدخل في تمويل مشروعات الطاقة الخضراء وقد تتخذ برامج التمويل أشكالًا متنوعة، ومثال على برامج التمويل المتاحة التي تم تطبيقها هي “صندوق الابتكار” التابع للاتحاد الأوروبي والذي يهدف لإظهار جدوى التقنيات المبتكرة منخفضة الكربون، وفيما يتعلق بالمنح النقدية فإنها قد تتخذ أشكالًا مختلفة ويمكن استخدامها لمجموعة متنوعة من الأغراض ويتم تقديمها من قبل جميع مستويات الحكومات ومؤسسات تمويل التنمية، وتعد المنح النقدية هي الأكثر شيوعًا ويمكن لبعض أنواع الإعفاءات الضريبية القابلة للاسترداد أن تكون مجرد شكل مقنع لمنحة حكومية وقد اعترفت “منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية” بهذا الشكل من منحة مقنعة وصنفتها على أنها “اعتمادات ضريبية قابلة للاسترداد”.

أما بخصوص “ضمان الائتمان”، فيمكن أن تتخذ أشكالًا مختلفة وتكون ضمانًا ماليًا تقليديًا لالتزام الدين؛ حيث ضمان خدمة عبء الدين من خلال السداد عند الطلب إذا فشل منتجو الهيدروجين الأخضر قبل تاريخ الانتهاء من المشروع في دفع الديون المستحقة، أو ضمان شراء الديون حين يفشل المنتج في الوفاء بتعهده المالي.

وبشأن “المشاركة في رأس المال من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص”، فيمكن استخدامها كطريقة لضخ الأموال العامة في مشروع الهيدروجين الأخضر مع أخذ الجمهور حصة ملكية فيه تشبه إلى حد ما أداة الدين القابلة للتحويل، عادة ما تكون لتلك الشراكات فترات عقود طويلة الأجل مع تمويل أولي يأتي إلى حد كبير من القطاع الخاص بينما يتحمل القطاع العام الجزء الكبير من التمويل طوال حياة المشروع.

وفيما يتعلق بـ”الضرائب”، فيمكن استخدام الأنظمة الضريبية لإنشاء حوافز لمشروعات الطاقة الخضراء، وقد تستخدم كذلك لتثبيط استخدام الكربون المكثف في أساليب إنتاج الطاقة، ويمكن توقع أن الشركات المشاركة في إنتاج الهيدروجين الأخضر عبر الوقت سيتم إلزامها بدفع ضرائب دخل الشركات، ومع ذلك في البداية قد لا تحقق شركات الهيدروجين الأخضر ربحًا، ومن هنا سيستخدم العديد من البلدان النظام الضريبي كوسيلة ليكون حافزًا للشركات لحثهم على تطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر في بلادهم من خلال تخفيض الحمل الضريبي على منتجي الهيدروجين الأخضر على مدى كبير من السنوات لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما استعرض التقرير أهم الحزم التحفيزية التي تبنتها الدول لتوطين الهيدروجين الأخضر في ضوء بعض التجارب الدولية لدول أعلنت استراتيجية وطنية للهيدروجين، أهمها تجربة “الولايات المتحدة الأمريكية” التي تعد نموذجًا واعدًا يحتذى به في مجال الهيدروجين الأخضر حيث تم تحديد هاريس الهيدروكربون كعنصر أساسي لإنتاج الكهرباء الخالية من الكربون بنسبة 100% بحلول عام 2035 والوصول إلى انبعاثات صفرية من غازات الاحتباس الحراري بحد أقصى خلال عام 2050.

أما “الاتحاد الأوروبي” فقد أطلق وعزز العديد من الحزم التحفيزية والمبادرات الصناعية والتمويلية والبحثية والابتكارية بشأن الهيدروجين من أهمها، “شراكة الهيدروجين النظيف بين القطاعين العام والخاص والتي تدعمها المفوضية الأوروبية”، “وبوصلة التمويل العام للهيدروجين وهي عبارة عن “دليل على الانترنت” لأصحاب المصلحة لتحديد مصادر التمويل العام لمشروعات الهيدروجين وتوفر معلومات عن جميع برامج وصناديق الاتحاد الأوروبي ذات الصلة بالقطاع”، “ومبادرة إنشاء بنك أوروبي للهيدروجين لخلق أمن استثماري وفرص تجارية لإنتاج الهيدروجين الأخضر الأوروبي والعالمي”، “وشبكة الطاقة الهيدروجينية وهي مجموعة غير رسمية من ممثلين من وزارات الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي تهدف إلى مساعدة سلطات الطاقة الوطنية على الاستفادة من الفرص التي يوفرها الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة، وتعمل كمنصة غير رسمية لتبادل المعلومات حول الممارسات الجيدة والخبرات وآخر التطورات في مجال الهيدروجين.

وارتباطًا تعد كل من “أستراليا وتشيلي” من أوائل المنتجين للهيدروجين الأخضر حيث تتمتع هاتان الدولتان بوفرة أشعة الشمس والرياح مما يمنحهما ميزة في إنتاج الهيدروجين الأخضر.

قدم العدد دروس مستفادة وحلول علمية مثلى في ضوء التجارب الدولية لتشجيع توطين صناعة الهيدروجين في مصر ومن أهمها، “عمل مبادرة مركز الهيدروجين”Hydrogen Hub” ومن خلالها يتم إنشاء مركز للهيدروجين الأخضر وتمويله من خلال عدد من المنح التنافسية وكذلك إنشاء مجموعات تعاون صناعية في مركز الهيدروجين المحتملة ومنصة تعاون رقمية مخصصة لتسهيل الاتصالات بين شركاء سلسلة التوريد الدولية والمحلية المحتملين لسهولة تبادل المعرفة والطلب الكلي على الهيدروجين”، وبحيث يربط المركز بين مناطق ومحاور يوجد فيها العديد من مستخدمي ومنتجي الهيدروجين عبر أسواق الصناعة والنقل والطاقة، ويمكن أيضًا ربط مشروعات ومرافق البحث والتطوير بالمحاور، والاستفادة من البنية التحتية للمركز وتبادل المعرفة لتقديم الابتكار التكنولوجي وتحسين الكفاءة وخفض التكاليف مما يدعم وفورات الحجم في إنتاج وتسليم الهيدروجين إلى المستخدمين النهائيين.

بجانب عمل فريق بحثي للهيدروجين الأخضر وتخصيص الموارد للمؤسسات البحثية الوطنية لإرساء المعايير الوطنية لإنتاج الهيدروجين الآمن وتخزينه ومعالجته وتوزيعه واستخدامه وتحديد أفضل الممارسات التي تمكن من الوصول إلى سلاسل التوريد الفعالة من حيث التكلفة”.

وأضاف المركز أنهةيمكن تقديم امتيازات مؤقتة لمنتجي الهيدروجين من استخدام الشبكة الكهربائية، حيث إن أكبر مدخلات تكلفة لإنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق التحليل الكهربائي هو سعر الكهرباء الموردة.

فضلا عن إنشاء المجلس الوطني الأخضر للهيدروجين تحت مظلة وزارة الكهرباء وهيئة الطاقة المتجددة وتخصيص موارد له لدعم برنامج للأعمال المتعلقة بالمهارات والتدريب والمعايير وتطوير السياسة التنظيمية الفنية والترخيص الاجتماعي، ويكون مسؤولًا عن مراقبة استراتيجية لتوطين صناعة الهيدروجين الأخضر، والتنسيق وتنفيذ خطة العمل، مع تحديثها عند الحاجة ويتم التنسيق من خلال عمل منصة حوار بين القطاعين العام والخاص لربط الصناعة مع الجهات البحثية ومنظمات المجتمع المدني وشركاء دوليين.

وتكثيف التعاون الدولي لتجارة الهيدروجين: حيث سيعتمد تطوير سوق عالمية للهيدروجين منخفض الانبعاثات بشدة على التعاون الدولي الفعال في عدة مجالات تتضمن وضع معيار لكثافة انبعاثات إنتاج الهيدروجين ونقله، وإنشاء أطر تنظيمية، وتحديد معايير ولوائح قابلة للتطبيق وتخفيف الحواجز التجارية وضمان التشغيل البيني وتجنب تجزئة السوق، والعمل على تعزيز التعاون في البحث والتطوير والابتكار وتبادل المعرفة التي تعد ضرورية لخفض التكاليف وزيادة القدرة التنافسية لتقنيات الهيدروجين.

وأكد المركز إلى أن هناك حاجة إلى العديد من الأشكال المختلفة لإنتاج الطاقة الخضراء للحد من تحديات تغير المناخ العالمي، حيث يعد إنتاج الهيدروجين الأخضر أحد أهم تلك الأشكال، وفي ضوء اهتمام مصر بقضايا المناخ واستضافتها لمؤتمر المناخ COP27 وكذلك اهتمامها بتنويع مصادر الطاقة وتنميتها للطاقة المتجددة، تتواصل الجهود المصرية لتشجيع إنتاج الهيدروجين الأخضر ولكن يثير هذا الاهتمام الحاجة للعديد من الحزم التحفيزية للإسراع بتطوير صناعة الهيدروجين الأخضر في مصر وجذب الاستثمارات لذلك تظهر الحاجة إلى تحديد المزيج الأمثل من تلك الحزم التحفيزية لتحقيق أهدافها، كما يجب أن تصاغ تلك الحزم بشكل يكون واضحًا وشفافًا للشركات والمواطنين وبسيطًا بما يكفي للتنفيذ والمراقبة.