العريس عرفة محمد بين أهل القبيلة
بأهازيج العرضة الجنوبية والقصائد وقرع الطبول، زفّ أبناء قبيلة بلّحمر بمنطقة عسير شمال مدينة أبها السعودية، المهندس المصري المقيم عرفة محمد عرفة، إلى عش الزوجية، بحضور أفراد القبيلة الذي عاش والده بينهم نحو 40 عامًا، لتكون هذه المسافة الزمنية كافية لتمحو الفوارق بين الأسرتين.
العريس تربى بين أبناء القبيلة
نشأ عرفة محمد عرفة، البالغ من العمر 27 عامًا، وترعرع بين إخوانه وأقرانه من أبناء بلّحمر منذ نعومة أظافره، فهو لم يكن ضيفًا في نظرهم، إنما هو ابن لكبيرهم وأخ لصغيرهم، حتى تُوجت تلك المشاعر بالتفاف القبيلة بالكامل بروح المساواة التي جعلت من «عرفة» واحدًا من أبنائهم، إذ تلقى الشاب العشريني علومه بكل المراحل الدراسية في المنطقة، إلى جانب والده الذي يعمل في مركز الربيع التجاري الرئيسي بمركز بلّحمر، حتى تخرّج في كلية الهندسة بجامعة الملك خالد.
يروي المهندس المصري لـ«»، كواليس حفل زفافه على ابنة عمه التي تخرّجت في كلية الطب البشري بجامعة الفيوم، والذي أقامه في مصر قبل شهر رمضان المبارك، وتحديدًا في شهر مارس الماضي، ليقرر الوالد أن يقيم احتفالًا آخر في السعودية، ويستعد لتجهيز الترتيبات منذ فترة قريبة.
قبيلة آل لمعان من بني هشام نازلة بلحمر تحتفل بزواج الشاب عرفة محمد عرفه نجل أحد الاشقاء العرب من الجالية المصرية في مركز بلحمر والذي أمضى على اقامة والده بينهم أكثر من 35 عاما تقريبا #السعودية_العظمى #مصر #نازلة_بلحمر pic.twitter.com/kUEI33UnKc
— شبكة نازلة بلّحمر الإعلامية (@nazlah_com) May 13, 2023
وما إن أعلن «أبو عرفة» استعداده لإقامة حفل زفاف ابنه، حتى سارع كفيله وصاحب المتجر الذي يعمل به محمد بن عوضة بن حمدان وأبنائه، إلى أن يفتتحوا ضيافتهم الخاصة مكانًا لإقامة الفرح ودعوة القبائل المجاورة للاحتفال بالعريس على الطريقة المتعارف عليها في القبيلة، يقول: «أنا متربي معاهم وعم محمد بعتبره أب ليا، وأبنائه بعتبرهم أخواتي، وأبويا بردو بيعتبر أبنائه أنهم أبناء ليه، وإحنا بينا علاقة وعشرة سنين».
هدايا وعطور ومبالغ مالية قيمة
في يوم الحفل عُزفت الطبول على وقع أقدام الحاضرين، وهم يزفون ابنهم، ويذبحون الكباش ويقدمون المعونة المالية، كما يقدمونها لأحدهم، إذ يقول «عرفة» إنّ الاحتفالات بدأت من بعد صلاة العصر باستقبال الضيوف، جيث تبدأ القبائل والعائلات في التوافد حتى صلاة المغرب، ثم يبدأ تقديم الحفل: «فترة العصر بيتقدم للضيوف القهوة والتمر السعودي، وبعد المغرب بيبدأ تقديم الحفل لحد بعد العشاء، والحفلة بتكون عبارة عن الكلمة والقصايد والتعابير، ولو حد عايز يُلقي كلمة، وبعدين بيقوموا يتعشوا وبعد العشاء على الساعة 9 أو 10 الناس بتبدأ تمشي»، يحكي «عرفة».
في منطقة عسير قبائل بلّحمر يشاركون المقيم المصري منذ 40 عاماً
محمد عرفه زواج ابنه عرفه ويقيمون زواجاً كبيراً ويتكفلون بتكاليف الزواج كامله …
ويعينونه مادياً وعينياً بكل شيء
جزاهم الله خير . والقادم أجمل ..
هذا هو الشعب السعودي pic.twitter.com/AU8z2ATb74— سالم آل سحمان (@SalemAlSehman) May 15, 2023
كان حفل الزفاف، فرصة استغلها أهل المنطقة لتكريم الوالد الذي عاش بينهم قرابة 40 عامًا، كما حرصوا على إغداق العريس ووالده بالهدايا، إذ تلقى «عرفة» مبلغًا ماليًا قُدر بنحو 45 ألف ريال سعودي، فيما استقبل الوالد بعض الهدايا وأطقم العطور: «الهدايا والفلوس تعتبر من تقاليد القبيلة، والجماعة دول بالنسبة لي هم أخواتي وأعرفهم، وأغلب الحاضرين أصحابي اللي كانو في المدرسة، والمنطقة دي منطقة صغيرة الكل هناك يعرف بعض زي نظام قرى الأرياف عندنا في مصر».
حفل زفاف منفصل للعروس
حفل الزفاف وتكريم الوالد، حضره الوالد والوالدة ونجلهم «عرفة»، في حين انشغل بقية الأبناء بالدراسة في مصر، كما حرص أبناء القبيلة أيضًا على إقامة حفل زفاف منفصل للعروس في نفس اليوم، يقول المهندس المصري: «عدد الحضور كان حوالي 300 شخص تنوعوا بين أهل القبيلة السعودية وناس من جنسيات أخرى سودانيين وباكستانيين، والعروسة كان ليها فرح، لكنه كان مفصول عننا والنساء اتجمعوا وزفّوها وقدموا ليها هدايا عبارة عن أطقم من عطور العود».
شعور بالسعادة غمر الابن ووالده خلال الحفل، ما دفع الوالد إلى إلقاء بعض الكلمات المؤثرة لأهل القبيلة الذي عاش بينهم، بعد انتقاله من مسقط رأسه في مركز إبشواي بمحافظة الفيوم وهو ما يزال أعزب: «والدي مقيم هناك من قبل زواجه، وكان فرحان جدًا بالتكريم، وألقى كلمة وشكر للحضور قال فيها إنّه عاشر الأجداد والآباء، ودلوقتي عاشر الأبناء ووجد منهم الحفاوة والتكريم».
ويقيم العريس «عرفة» حاليًا مع زوجته في منطقة جيزان، ويعمل مهندسًا في إحدى الشركات الخاصة بمجال المنشآت، وما يزال حريصًا وأسرته على زيارة مصر، لكن على فترات متباعدة، نظرًا لإقامة الأسرة بالكامل في السعودية.