138 عامًا مرت على ميلاد السلطانة منيرة المهدية معشوقة الجماهير في بدايات القرن العشرين، ذاع صيتها بشكل كبير ما جعلها نجمة الغناء الأولى في عهدها، قدّمت ما يقرب من 100 «طقطوقة»، اتسمت غالبيتها بالجرأة، وبدأت الغناء في مقاهي وأفراح مدينة الزقازيق، حتى أُعجب بصوتها أحد أصحاب المقاهي الصغيرة، وأقنعها بالسفر إلى القاهرة لتصبح «منيرة المهدية».
صوت لا يتكرر إلا كل 100 عام
ولدت منيرة المهدية في 16 مايو 1885، في قرية المهدية بمحافظة الشرقية، بدأت بالغناء في عمر الـ8 سنوات بقصائد الشيخ سلامة، إذ وهبها الله صوتًا قيل عنه أنّه لا يتكرر إلا كل 100 عام، بحسب لقاء نادر للراحلة منيرة المهدية أكدت خلاله أنّ الشيخ سلامة حجازي وصف صوتها بـ«الصوت الأبيض»، «لما عرفت إنّ ده الشيخ سلامة قولت له أنا بقول حاجتك كلها، قالي طب أنا عايز أسمعك، قولت له قصيدة سمحت بإرسال الدموع محاجري، قالي محدش هيورثني إلا أنتي».
وفي لقاء نادر قبل وفاتها عن عمر يناهز الـ80 عامًا مع الإعلامية أماني ناشد على قناة «ماسبيرو زمان»، قالت إنّ منيرة المهدية هو لقب الشهرة، بينما اسمها الحقيقي هو زكية حسن منصور، إذ قدمت «منيرة» خلال مسيرتها الفنية العديد من المسرحيات والمونولجات والقصائد، ومن عبائتها خرجت الكثير من الأعمال الفنية، كانت تسكن في «عوامة» على شط النيل، شهدت على كواليس كل ما كان يدور في هذا الزمن.
أسست «المهدية» مقهى وملهى بمسرح كبير في حي الأزبكية، أطلقت عليه اسم «نزهة النفوس»، وأطلقت عليه الصحافة حينها «هواء الحرية»، وكان كبار السياسيين والأدباء في مصر وبلاد الشام والسودان يجتمعون فيه، كما كونّت فرقة حملت اسم منيرة المهدية، والتي كانت حلمًا فيما بعد لعاشقي الفن للعمل بها، بعد أن ذاع صيت السيدة التي لُقبت بـ«السلطانة».
وتألفت الفرقة في ذلك الوقت من الممثلين والممثلات، عبدالعزيز خليل «الممثل الأول والمخرج»، أحمد فهيم، عبدالمجيد شكري، أحمد حافظ، محمد سعيد، منسي فهمي، فؤاد فهيم، استر شطاح، وردة ميلان، ألمظ استائي، سرينا إبراهيم، ماري إبراهيم.
الراحلة منيرة المهدية زارت دول العالم من الشرق للغرب بحد وصفها، كما أدت مناسك الحج والعمرة نحو 6 مرات مع زوجها الذي كان يحاول منعها من الغناء مُعللًا طلبه بأنّ صوت المرأة عورة، تقول: «بطّلت الغنا وقت الحرب لأنّ وقتها كانت الزمارة تضرب ويطفوا النور والناس تجري، وجوزي قالي بزيادة أنتي بتشتغلي من وأنتي عيّلة، ودلوقتي ماشاء الله عندك من جميع الدول ومقدّرينك ومديينك كل حاجة، عايزة إيه زيادة عن كده؟ كفاية كده».
منيرة المهدية لم تطمع في مال أو سلطة
تربّحت الفنانة منيرة المهدية من الفن مبالغ طائلة إلا أنّها لم تطمع في مال أو سلطة، إذ قالت في اللقاء النادر، «لو كنت على رأي الجرائد والمجلات بيقولوا لو منيرة المهدية حاشت قرش عن كل جنيه صرفته كان زمان عندها نص مصر ملكها، الحفلة كانت تجيب 2000 جنيه دهب وأتبرع بيهم، وأنا الوحيدة اللي لا طمعت في مال ولا في رجال ولا في عيال ولا في غنى، أنا كنت في إيدي كل حاجة لكن عمري ما بصيت للمادة، وكنت بضحي بمالي وصحتي، لا أنا فقيرة ولا أنا غنية، وعندي بنت واحدة خلفتها وأنا عندي 13 سنة».
عشقت منيرة المهدية الحيوانات واقتنت منهم الأليف والسام، فكانت تمتلك في «العوامة» التي تسكنها قطط وكلاب ونسانيس وسبع وثعبان، تقول «كنت عاملالهم بيوت زي جنينة الحيوانات وخدّامين مخصوص وطباخ مخصوص، كان عندي 3 كلاب قعدوا 15 سنة وماتوا وكان عندي تعبان كبير بحب ألعب بيه».
ومع تغير الزمن والدفع بالأغنية المصرية إلى شكل جديد بظهور كوكب الشرق أم كلثوم، توقفت منيرة المهدية، لترحل «السلطانة» عام 1965، وقد تجاوزت الثمانين من عمرها بعد أن أدركت أنه لم يعد زمانها.