على جانب أحد شوارع محافظة القاهرة، في منطقة شعبية غير معروفة، لكنها تحوي كنزًا ثمينًا يعود لعشرات السنين، حيث يجذبك منزل مكون من 10 أدوار، تصعد السلم، فتصادف القطط على درجاته، بعضها يأكل من أطباق وضعت لها أمام أبواب الشُقق، وأخرى تجلس رافعة رأسها للسماء، وفي آخر دور بالمنزل، تقع شقة سمير سيد، التي تحتوي على مُقتينات نادرة وأدوات وأجهزة تحمل تاريخ طويل.
تخطى «العم سمير»، الخامسة والسبعين من العمر، رجل ذو شعر وذقن لا تكاد تعثر فيهما على خصلة شعر واحدة لونها أسود، يستقبلك بالتهاني والترحاب، فهو يعيش وحيدًا بين 4 جدران، أولاده الثلاثة تزوجوا ويعيش كل منهم في منزله.
تحف نادرة وأنتيكات ومقتنيات قديمة
صالة كبيرة، تمتلء بأدوات وأجهزة نادرة عفا عليها الزمن، عديد منها يعمل، رغم مرور قرن من الزمان على صناعته، تحف نادرة، أنتيكات، مُقتنيات حصل عليها منذ سنوات واحتفظ بها، جولة في منزله، ستدخلك عالمًا مُختلفًا عن الواقع، ما إن تطأ قدماك باب شقته، ستدخل في حقبة زمنية قديمة، تعود بك إلى خمسينيات وأربعينيات القرن الماضي.
خبرات وسنوات طويلة طبعتها الحياة على جبين «عم سمير»، وبوجه مرسوم به معالم الزمن، يتحدث لـ«» عن شقته ومقتنياته النادرة: «أنا عايش كده بيها، الحاجات دي لو بعتها هيحصل لي حاجة، بصحى الصبح بشوف الحاجات دي ببقى مبسوط، أنا عايش علشانها، حياتي كل المقتنيات والحاجات دي».
سنترال ملكي ودفاية إنجليزي وحذاء الملك فاروق
سنترال ملكي من عهد أجداده، دفاية إنجليزي تعمل بالجاز، ماكينة كتابة خاصة بالملك فاروق، بيانو قديم، كاميرات، مايكروسكوب ألماني، حذاء وسلاح وطبنجة خاصين بالملك فاروق، بورترية كبير لمحمد علي باشا، وشرائط كاسيت لمطربي الزمن الجميل، بالإضافة إلى طاقية وطربوش، جزء فقط من ما يمكله «سمير»، بعض منها فاز بها من خلال مزادات كان يشارك فيها، والبعض الآخر احتفظ به من جده وجدته.
مقتنيات نادرة لا تنتهي.. ليست الصالة فقط
ما إن تنتهي من تفحص صالة شقة «عم سمير»، حتى يفاجئك بأن الصالة فقط مجرد جزء من مملكته، فهناك طرقة طويلة تفصل بين الصالة وغرفة النوم، تنتهي بغرفة أخرى أيضًا تحوي مقتنيات قديمة، يتحدث عم «سمير» عن المزادات التي يشارك فيها: «بروح مزادات في إسكندرية علطول، كل فلوس بتكون معايا مش بشيلها، أي فلوس بتيجي لي بشتري بيها المقتنيات دي، أنا غاوي كده، أنا زي جدتي وجدي».
آلات موسيقية لكبار الفن في مملكة «عم سمير»
أدوات ومقتنيات أخرى حصل عليها من مطربي الزمن الجميل، مزاد عُرضت فيه الآلات الموسيقية للفرقة الماسية، التي صاحبت أكبر مطربي العربي، فكان له نصيب في الحصول على القانون الخاص بالموسيقار أحمد فؤاد حسن، مايسترو الفرقة، ومزادات أخرى، فاز فيها بالكمانجا الخاصة بالموسيقار أحمد حفناوي، والعود الخاص بمحمد القصبجي، الملحن والموسيقار الذي عمل لسنوات مع كوكب الشرق أم كلثوم: «كل الحاجات دي ذكرى».
45 عامًا يبحث عن نفسه
لأكثر من 45 عامًا، استمر «عم سمير» في تجميع كل هذه المقتنيات التي تملء جوانب شقته، وأصى أولاده الثلاثة، بالمحافظة عليه: «لو حصل لي حاجة، ولادي موصيهم على الحاجات دي كلها، لو جرالي حاجة يعملوا فيها إيه، قولت لهم مش عاوز حد جاهل ميعرفش قيمة الحاجات دي ياخدها، أولادي مسئولين عن الحاجات دي بعد وفاتي».