عملية تحديد الأنساب والوصل إلى أجداد الأجداد تبدو بسيطة في ظاهرها، إلا أنّها عملية معقدة تمر بالعديد من الخطوات التي تمتد لأيام وأحيانًا أسابيع وشهور، حتى يحصل الشخص في النهاية على أنّه فلان الفلاني الذي ينتسب إلى عائلة فلان.
وداخل مصر يوجد 5 أماكن تختص بالمخطوطات والكتب، مثل دار الكتب ودار الوثائق وسجلات المحاكم الشرعية، ودار المحفوظات الموجودة بالقلعة والتي تختص بالأراضي والأطيان وبعض سجلات المواليد القديمة وعقود الزواج، والتي انتقلت أغلب مقتنياتها إلى دار الوثائق، وأيضًا الكتب خانة أو دار الكتب المصرية بجوار المتحف الإسلامي في باب الخلق والتي تحوي عدد من المخطوطات العلمية.
أحمد عبدالنبي فرغل الدعباسي رئيس لجنة تحقيق الأنساب في مشيخة السجادة البكرية، ورئيس مركز التراث البكري، يقول لـ«»، إنّه يوجد العديد من الطرق للحصول على الأنساب وأصول الأجداد تتمثل في التالي:
– سِرك النسب الموجود داخل الوحدات الأرشيفية في مشيخة الطرق الصوفية بدار الوثائق، والسرك هو عبارة عن ورقة صغيرة يُكتب فيها عمود النسب أو شهاة نسب تكون مُعطاة للأسر، ويكون لكل أسرة سِرك خاص بها.
– أرشيف المحاكم الشرعية الذي يحتوي على العديد من قضايا إثبات النسب مثل قضية إثبات نسب الهمامية أنساب شيخ العرب همام في الصعيد، ويوجد داخل المحاكم الشرعية ما يُسمى بالوثائق المُفردة، فـ كل شخص يمتلك شجرة عائلة يُقدمها للمحكمة بالإضافة لعدد من الإثباتات التي يمتلكها ويتوجهّه للقاضي حتى يحصل على الختم.
– وثائق حجج الوقف، إذ دائمًا ما يذكر صاحب الوقف نسَبه كاملًا، ويوجد بعض منها في دار الوثائق داخل محافظ حجج الأوقاف.
– بعض أرشيفات المحاكم القديمة كالمحكمة النجمية التي كانت مملوكة لصالح نجم الدين أيوب في أواخر عهد الدولة الأيوبية وتحتوي على عدد من الوثائق الخاصة بالأنساب.
– الألقاب في أواخر الأسماء أيضًا تدل على النسب أحيانًا، وهذه الألقاب موجودة في أرشيف الباب العالي ومحكمة القسمة العسكرية وبعض المحاكم الأخرى.
– دفاتر تعداد النفوس هي أشهر مصادر الأنساب، وهو عبارة عن حصر للسكان، أنشأه محمد علي لمعرفة عدد السكان في مصر وقتها حتى يتم تجنيدهم إجباريًا، فـ مثلًا يوجد في دفتر تعداد قنا عام (1847 م – 1264 هـ) في بند حي المغاربة مذكور فيها بعض الناس أصحاب المنازل ومدون بجانبهم أصلهم من المغرب، ف يُكتب من مدينة فاس أو مدينة طنجة أو حارة بني حسن التي تخص الأشراف الحسنيين (العنقاوية ذرية سيدنا حسن) والتي تفيد أنّ الشخص ينتمي للأشراف، كما تذكر أحيانًا عبارة فلان الفلاني الشريف الحسني وهو نادرًا ما تجده داخل تعداد النفوس.
– مُكلفات الأطيان والأراضي الموجودة داخل دار المحفوظات يكتب فيها اسم الشخص حتى الجد السابع وهو ما يفيد في معرفة بعض أسماء الأجداد، وأيضًا بعض مخصصات الأراضي التي تنتمي للأشراف، فـ من يثبت ورثه بها يكون من النسب الشريف.
ويقول رئيس لجنة تحقيق الأنساب في مشيخة السجادة البكرية، إنّ الكتب التي يتم البحث فيها عن الأنساب والأجداد تتنوع على النحو التالي..
– كتب تاريخية تسرد أحداث ووقائع مثل «تاريخ الجبرتي».
– كتب خاصة بالتراجم مثل كتاب «تعطير النواحي والأرجاء بذكر علماء جرجاء» للإمام المراغي الجرجاوي، والتراجم هي عبارة عن السير الذاتية للعلماء ويُذكر فيها عمود النسب للشخص ومعلومات عن نسبه وأصوله.
– الكتب الخاصة بالأنساب مثل كتاب «سبائك الذهب» للسويدي، و«نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب» لشهاب الدين القلقشندي الذي اعتنى بذكر الأنساب والقبائل التي جاءت إلى مصر.
وقد ذكر «الدعباسي» في كتابه «السلالة البكرية الصديقية» أكثر من 100 عائلة في مصر والعالم، وأيضًا في كتابه «التبيين فيمن وطئ أرض مصر من العمريين» تناول كل شخص ارتحل إلى مصر من ذرية عمر بن الخطاب من بداية الفتح الإسلامي وحتى نهاية الدولة الأيوبية عام 648 هـ وأغلبهم كانو في شمال مصر ومنهم عائلات شهيرة مثل عائلة «البرلس».
– كتب الرحالة مثل كتاب «الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحج ومكة المعظمة» للرحالة الجزيري، وتناول خلاله الأشخاص الذي تقابل معهم في الطريق إلى الحج مثل الشيخ محمد البكري شيخ السجادة البكرية، وذكر أيضًا قبائل شمال الحجاز مثل قبيلة بنو عطية وبعض القبائل التي كانت على طريق الحج.
– كتب الجغرافيا أيضًا من أبرز مصادر الحصول على النسب مثل كتاب «الخطط التوفيقية» لعلي باشا مبارك الذي كُتب في زمن الخديوي توفيق، وكتاب «معجم البلدان» ليقوت الحموي، وعدد من الكتب الجغرافية الذي تذكر البلدة والقبيلة التي تسكنها ونسبها، إلا أنّ هذه الكتب غالبًا ما ينتابها الضعف لعدم اختصاص الجغرافي بالأنساب ما يجعله يتساهل في إثبات النسب ونفيه لذا لا يُعوّل عليه.
– الإجازات العلمية أو إجازات الطرق الصوفية الموجودة داخل دار الوثائق والتي يُذكر فيها نسب المُجيز والمُجاز، مثل إجازة الشيخ علي البكري الحسيني في الطريقة الخلوتية التي أثبتت أنّه حُسيني النسب وليس من البكريين وإن كان يلقب بالبكري.