ساعات طويلة أصبحنا نقضيها أمام الهواتف الذكية، خاصة بعد انتشار مقاطع الفيديو وما تبعها من ظهور الريلز القصيرة التي جذبت الكثير من المشاهدين لقصرها وتنوعها، لكن كيف تؤثر هذه المقاطع على عقل ودرجة الانتباه لدى الإنسان؟، ويجيب على هذه التساؤلات استشاري الصحة النفسية.
انتشار الريلز بالتطبيقات كافة
قال الدكتور وليد هنداوي، استشاري الصحة النفسية، في حديثه لـ«»، إن هناك مخاطر عديدة للمكوث فترات طويلة امام الفيديوهات القصيرة الريلز والتي تستغرق حوالي 90 ثانية تقريبًا، خاصة بعد انتشارها على العديد من مواقع التواصل الاجتماعي كـ«فيسبوك وإنستجرام وتيك توك»، إذ ينتج عنها شعور قصير بالسعادة وهو ما يجعل الأفراد يقبلون عليها لفترات طويلة وهو ما له تأثيرات سلبية على الدماغ.
فيديوهات قصيرة متنوعة المحتوى
فالشعور بالراحة النفسية والسعادة وخفض التوتر إضافة الى التنوع الكبير بالمحتوى جذب شرائح كبيرة من رواد السوشيال ميديا للريلز كونها تثير الفضول، فتظهر أمام المشاهد فيديو عن المكياج يعقبها فيديوهات عن السياحة أو الآثار ثم فيديوهات عن تنظيف المنزل، تتبعها فيديوهات عن دروس بالحياة أو تلخيص للكتب وهو ما يحقق نوع من السعادة المؤقتة والوهمية، بحسب ما أكده استشاري الصحة النفسية.
انخفاض تركيز الإنسان لـ8 ثواني
وقال الدكتور وليد هنداوي، إن إفراز هرمونات السعادة القصيرة المفعول بصورة مستمرة كهرمونات السيروتونين والدوبامين يقوم بتنشيط الخلايا العصبية عند الإنسان خاصة تلك المقاطع «الريلز» التي يتوحد معها الإنسان ويكسبها الكثير من التعاطف، مشيرا إلى أن تقرير هام لشركة ميكروسوفت عام 2015، أعلنوا به انخفاض معدل الانتباه لدى الإنسان بداية من عام 2000 من 12 ثانية لـ 8 ثواني وهو ما يقارب انتباه السمكة أي أنه لا يكاد يكون ينتبه.
مخاطر جسيمة ناتجة عن المتابعة المستمرة للريلز
وكشف «هنداوي»، عن أن إدمان رؤية هذه المقاطع يؤدي إلى انعدام عملية الانتباه كليًا، فمن الآثار السلبية لإفراز الدوبامين المستمر إصابة الإنسان بالشرود والسرحان المستمر، أو إصابته بالتشوه الذهني وتعرضه للتسطح العقلي، كون المشاهد السريعة والمتلاحقة تحد من التركيز وتصيب العقل بقصور الانتباه وتقلل من تمييزه بين الثواب والخطأ.
كما أن المكوث أمام مقاطع الريلز فترات طويلة يصيب الإنسان بما يعرف باسم «الإغراق الحسي» ينتج عنه خواء روحي، يبعده عن العمق ويجعله يبحث عن الأشياء السطحية سريعة الفهم، فتجد الإنسان بعيدًا عن القراءة أو سماع الأغاني الطويلة أو محتوى ذات قيمة أو عمق أو تفاصيل تثري الوجدان، وفق تأكيد استشاري بالصحة النفسية.
وتابع، أن التسطح العقلي ينتج عنه خداع حسي يجعل الإنسان سهل الانخداع بالظواهر دون الغوص في تفاصيلها لتبين حقيقتها، لتزيد لديه السلوك الاندفاعي والانشقاق الفكري نتيجة تتابع المحتوى بسرعة ولفترات طويلة، فيفقد الملامح الفكرية والمعمار الفكري الذي يجسد نمط التفكير لديه، إضافة لإصابته بالكسل، كاشفًا عن أن العقل المتجول دائمًا ما يكون محبط وغير سعيد، ويفتقد لسلوك الإنسانية ولخبرات التعلم من الماضي نتيجة السطحية مع انحصار لملكات التخيل وسيطرة حالة من عدم الرضا ناتجة عن المقارنة.