| «ربنا يرجعك من الموت بعد ما ياخدك».. «عمر» يروي سر أغرب دعوة تلقاها في حياته

«ربنا يرجعك من الموت بعد ما ياخدك».. دعوة غريبة تلقاها الشاب العشريني عمر مهران، من إحدى سيدات الصعيد في أثناء زيارتهم لمستشفى سرطان الأطفال، هزت كيانه وأثلجت صدره، وبات يفكر في معنى الجملة التي لم تسمعها أذناه من قبل.

عمر يعاني من مرض السرطان والتصلب المتعدد

الشاب العشريني عمر مهران جرى تشخيصه بمرض سرطان ساركوما العظام قبل عام، ومرض التصلب المتعدد قبل 3 أعوام، يروي لـ«» تفاصيل أغرب دعوة تلقاها من سيدة جمعتهما زيارة لمستشفى سرطان الأطفال، وقبل الزيارة طلبت هذه السيدة لعبة لنجلها من أحد فريق الزيارة الذي حرص على شراء الهدايا للأطفال، فحصلت على واحدة، ثم طلبت منه أخرى لنجلها الأصغر فـ اعتذر منها لتظهر على وجهها علامات الحزن والضيق.

لاحظ «عمر» علامات الحزن التي بدت واضحة على وجه السيدة، فـ بادر بإعطائها «لعبة وكابين» لنجليها، لتتحول ملامح الحزن إلى دموع وابتسامة خفيفة وقالت له: «روح يا ابني زي ما جبرت بخاطري وخاطر ولادي اليتامى ربنا يرجعك من الموت بعد ما ياخدك»، يحكي الشاب العشريني: «أنا معرفش الست دي وكنت أول مرة أشوفها، واستغربت الدعوة جدًا وقولت لها هو فيه حد بيرجع من الموت؟، قالت لي دي دعوة من ولية غلبانة خدها مني وسُر، وعينيها دمعت من الفرحة وخدت بعضها ومشيت».

وبعد هذا الحديث بأيام قليلة، كان «عمر» على موعد مع الجرعة الثانية من الكيماوي التي صاحبتها تشنجات شديدة وانخفاض في ضربات القلب والتنفس، ليقرر الأطباء نقله إلى قسم الصدر ووضعه على أجهزة التنفس الصناعي بعد أن دخل في غيبوبة لمدة 48 ساعة، يقول «عمر»: «بعدها فوقت على منظر إنّ إيدي ورجلي الاتنين مربوطين وحاسس بوشي متغطي بس لسه جهاز التنفس في فمي، ومن الصدمة مكنتش حاسس بنفسي ومكنتش عارف في إيه وشيلت إيدي ورجلي وشيلت الغطا والأجهزة من فمي لقيت الدكاترة جم يجروا من برة».

كان السؤال الأول الذي نطقه «عمر» بطريقة متلعثمة «هو أنا لسه عايش؟»، ليجد الأطباء وطاقم التمريض يخبرونه أنّه في حالة جيدة، إلا أنّه لاحظ أنّ شقيقه قد دخل في نوبة من البكاء: «أخويا كان منهار من العياط لأنهم قالوا له عمر تعب وتعالى استلم حاجته وانزل خلص إجراءات ثلاجة الموتى علشان أخوك ميتبهدلش».

هذه الحالة من التشنجات وفقدان الوعي تكررت مع صاحب الـ29 عامًا نحو مرتين إلى ثلاث مرات عند تلقي جرعات الكيماوي، وفي كل مرة يفقد الأطباء الأمل في إنعاش قلب قد توقف تمامًا عن النبض وتشنجات لا تتوقف، لمريض يرقد على سرير الرعاية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي يصارع الموت، إلا أنّه القدر كان له رأي آخر في حالة عمر: «آخر مرة حصل لي كده، فوقت من الوضع اللي أنا فيه بعد 48 ساعة بحالة هيستيرية وقالو لي إني تعبت تاني وعلقوني تاني على التنفس الصناعي وكانو فقدوا الأمل في كل حاجة وشالو مني المحاليل لأن الموضوع كان شبه انتهى ومبلغوش أهلي كلهم، بلغوا بس أخويا وبعض أصدقائي وكانو بيستعدوا لنقلي لتلاجة الموتى، ووقتها أنا فوقت بعد ما خرجت من الرعاية أو بعد ما دخلت التلاجة».

حالة عمر مهران كانت لغزًا حيَّر الأطباء

كانت العودة من هذه الحالة الميؤس منها لغزًا حير الأطباء، دفع الطبيب المعالج لـ«عمر» أن يسأله: «قولي إيه السر بينك وبين ربنا؟»، يحكي عمر: «الدكتور قالي أنت حالتك لو أي شخص تاني وصل للمراحل دي أو الوضع ده بينتهي ومبنحاولش معاه المرات دي كلها، قولي إزاي بعد ما بنكون فقدنا الأمل أنت بترجع تاني أكيد فيه سر، ووقتها جه في دماغي دعوة الست دي».

محاولات عديدة من «عمر» لكي يلتقي بهذه السيدة مرة أخرى التي لم يرها سوى هذه المرة، ولكن محاولاته باءت بالفشل خاصة وأنّه لا يعرف اسمها أو أي معلومات عنها: «حاولت أروح المستشفى أكتر من مرة ولكن ملقتهاش، ولو عرفت مكانها هروحلها مخصوص».

ويعمل عمر مهران محاضرا في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة بمجال التنمية والموارد البشرية وتطوير الذات، ومقدم محتوى دعم نفسي وتمارين رياضية لمرضى التصلب المتعدد والسرطان، وحاصل على الدكتوراه المهنية في التأهيل الحركي وأيضًا التنمية والموارد البشرية، وكان من ضمن أفضل 100 شخصية مؤثرة على مستوى العربي لعام 2022، وأيضًا هو مؤلف كتاب «حرب الميالين» الذي نشر في معرض القاهرة للكتاب 2023 يقدم خلاله العديد من النصائح حول الغذاء الصحي والدعم النفسي والتمارين الرياضية لمحاربي التصلب المتعدد.