تقود عربة «كارو» في محيط سوق «مدبح» بالسيدة زينب في محافظة القاهرة، وتحمل ربطات البرسيم على كتفيها، تسير بها إلى أصحاب «الزرايب» وتجار المواشي ورعاة الأغنام، غير مهتمة بحرارة الشمس أو العرق الذي ينصب من جبينها، كل ما تفكر به أحلام أبنائها الـ9.
تبدأ نعمة أحمد 43 عامًا، يومها في الثالثة فجرًا، لتستقل سيارتها «الكارو»، متجهة إلى مدبح السيدة زينب القريب من منزلها، وتذهب إلى التجار ورعاة الأغنام، لتعطي لهم كمية البرسيم المتفق عليها، لتكفي إطعام المواشي على مدار اليوم، وتدور في السوق طوال يومها حتى تنفد الكمية، وتغيب الشمس وتختفي حرارتها القارصة، بحسب حديثها لـ«»: «ربنا بيكرمني والرزق دا بتاع ربنا، ممكن السنة تبقى كلها حلوة، أو يوم كويس والتاني لأ».
كفاح «نعمة» منذ الصغر
كانت «نعمة» تعمل في بيع البرسيم مع والديها في الفيوم، منذ أن كانت في عمر التاسعة، ولم تكن محظوظة بطفولتها، وتخلت عن دراستها في الصف الثالث الإعدادي، لتتزوج من ابن خالتها، الذي يعمل في البرسيم هو الآخر، وتستقر بمحافظة القاهرة: «دي مهنة والددتي ووالدي، وأنا صغيرة كنت بشوف عربيات كبيرة مليانة برسيم، وكنا بناخد منها كميات كبيرة وننزل نبيعها».
تواصل «نعمة» عملها في بيع البرسيم
لم تتخل «نعمة» عن العمل في البرسيم بعد الزواج، بل استمرت في هذه المهنة لتوفير كافة الاحتياجات لأبنائها التسعة، فهدفها الأساسي تعويض كل ما أرغمتها الحياة على تركه، خاصة دراستها وحلمها بالالتحاق بالجامعة، الذي لم تستطع تحقيقه: «بنتي الكبيرة في سنة تالتة كلية حقوق جامعة القاهرة، وابني الصغير في تانية ابتدائي».
حياة «نعمة» بين غرفتين وصالة
تعيش «نعمة» في شقة بالإيجار، بسعر 650 جنيهًا شهريًا، مكونة من غرفتين، تنام مع بناتها الـ3 في غرفة، وأولادها الـ6 مع والدهم في الغرفة الأخرى: «مش محتاجة حاجة غير فضل ربنا عليا».