أعلنت الصناعات الجوية الإسرائيلية الحكومية، منتصف العام 2017، أنها استثمرت مليون دولار في شركتين أجنبيتين في مجالي الدفاع والهجوم السيبراني مسجلتين في هولندا وهنغاريا. إلا أن وثائق كشفت عنها صحيفة “هآرتس” اليوم، الثلاثاء، تؤكد أن كلتا الشركتين أقامهما مواطنان إسرائيليا، وطورتا برنامج التجسس “بريداتور” (Predator أي المفترس)، الذي أثار فضيحة في اليونان وفي مركز تحقيق يجريه البرلمان الأوروبي.
وأثيرت الفضيحة في اليونان، العام الماضي، في أعقاب الكشف عن زرع برنامج “بريداتور” الإسرائيلي في جهاز الهاتف الذكي لصحافي كان يحقق في قضية فساد في اليونان. ويسمح برنامج التجسس هذا لمستخدمه باختراق هاتف الضحية بشكل كامل والإطلاع على جميع البرمجيات فيه وبضمنها الرسائل المشفرة، كذلك بإمكان مستخدم برنامج التجسس أن يشغل بشكل سري الكاميرا والميكروفون في الهاتف وتسجيل كل ما يحدث حوله.
وتبين لاحقا أنه تم اختراق هواتف ذكية لرئيس المعارضة اليونانية ووزير البنية التحتية السابق ومسؤولة في فيسبوك بواسطة برنامج “بريداتور”. وفي أعقاب ذلك استقال رئيس المخابرات اليونانية ومدير مكتبه على إثر هذه الفضيحة، التي تخضع حاليا لتحقيق واسع في البرلمان الأوروبي بشأن اتساع استخدام تقنيات التجسس في الاتحاد الأوروبي.
وأظهرت وثائق، جمعتها الصحيفة من هولندا وهنغاريا ومقدونيا الشمالية وسنغافورة وإسرائيل، أن مؤسسي ومديري الشركتين، إنبيديو” و”سايتروكس”، هما الإسرائيليان أنفسهما. وقال عاملون في “سايتروكس” إنه يعمل من مكاتبهم عاملون في “إنبيديو”، الذين طوروا برمجيات التجسس، إلا أن الصناعات الجوية الإسرائيلية باعت حصتها في “سايتروكس” منذ أربع سنوات، لكن مصادر أكدت أن الأخيرة ما زالت تستثمر في “إنبيديو” بالرغم من أن هذه الشركة توقفت عن العمل.
ويظهر اسما روتيم فركاش وأبراهام روبنشطاين في وثائق مسجل الشركات الهولندي كمؤسسين لشركة “إنبيديو”، عام 2016، وهما أنفسهما مذكوران كمؤسسين لشركة “سايتروكس للبرمجيات” التابعة لـ”سايتروكس” في هنغاريا والتي استثمرت الصناعات الجوية الإسرائيلية فيها. ووقع فركاش وروبنشطاين على وثائق تأسيس “سايتروكس” بواسطة بريدهما الإلكتروني في “إنبيديو”.
ولفتت الصحيفة إلى أن فركاش معروف كقرصان ومبادر في مجال السايبر وأصبح شريكا ومسؤولا في مجموعات شركات “إنتلكسا” السيبرانية، التي أسسها في أوروبا المسؤول السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي، طال ديليان. وروبنشطاين هو خبير هايتك قدم دعوى ضد ديليان بعدما قلص الأخير حصته في “إنتلكسا”، وتوصلا لاحقا إلى اتفاق خارج المحكمة.
ولم تعلن الصناعات الجوية الإسرائيلية عن حجم استثمارها في “سايتروكس”، لكن وثائق حصلت عليها الصحيفة أظهرت أنها اشترت 31% من الشركة بواسطة ذراعها السيبرانية في سنغافورة “كاوستوديو”، كما أن مسؤولة في الصناعات الجوية كانت عضو في مجلس إدارة “سايتروكس”.
وأعلن مدير عام وزارة الأمن الإسرائيلية السابق، أمير إيشل، بعد الكشف عن الفضيحة في اليونان أنه لا يمكنه السيطرة على ديليان وأمثاله الذين يقيمون شركات خارج إسرائيل. وأضاف إيشل أنه “يقلقني طبعا أن مسرحين من وحدات الاستخبارات والسايبر عندنا، ويشغلون مسؤولين سابقين في هذه الوحدات، يعملون حول العالم من دون رقابة”.
ولا تزال للصناعات الجوية الإسرائيلية حصة في “إنبيديو”، وبواسطة الأخيرة يوجد للصناعات الجوية الإسرائيلية حصة في ذراع “إنبيديو” في مقدونيا الشمالية، وهي شركة بملكية كاملة باسم “سايبرلاب”، التي أسسها مواطن محلي وتولى منصبا رفيعا في “سايتروكس”.
ونقلت الصحيفة عن موظف سابق في “سايتروكس”، قوله إنه “كنا شركة واحدة عمليا، وجميعنا عملنا لدى إنتلكسا”. كذلك قال موظفون سابقون أن “إنبيديو” حاولت تطوير برنامجا دفاعيا، استمر قسم من موظفيها بالعمل في موازاة ذلك لصالح “سايتروكس” التي تطور برنامجا سيبرانيا هجوميا.