استخفّ الجنرال الإسرائيليّ بالاحتياط يتسحاق بريك بالتهديدات التي تُطلِقها دولة الاحتلال جهارًا نهارًا ضدّ إيران، وأوضح في مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة أنّه يتعيَّن على الجميع أنْ يتذكّروا بأنّ مُزارعي الأرّز في فيتنام هزموا القوّة التكنولوجيّة العُظمى، الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ هذا الأنموذج يؤكِّد أنّه من أجل الانتصار في الحروب لا يُمكِن بأيّ حالٍ من الأحوال الاكتفاء بالتفوّق التكنولوجيّ، ويجِب أنْ يتحلّى الجنود بالروح القتاليّة، الإيمان بصوابية طريقهم والحافزيّة والجاهزيّة، على حدّ تعبيره.
بالإضافة إلى ذلك، نشر الجنرال مقالاً في موقع (ميغافون) الإخباريّ-العبري أكّد فيه عدم جاهزية جيش الاحتلال للمُواجهة في حربٍ على عدّة جبهاتٍ، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ إسرائيل في طريقها للضياع، مُشدّدًّا على أنّ الحديث لا يدور عن نبوءة غضبٍ، بل عن الحقيقة المُجردّة دون رتوشٍ، على حدّ وصفه.
بريك تطرّق أيضًا إلى العدوان الإسرائيليّ الأخير ضدّ حركة (الجهاد الإسلاميّ) في قطاع غزّة، وقال إنّه “خلال أيّام العملية العسكريّة، أظهر سلاح الجوّ قدرةً ممتازةً في اغتيال قادة الجهاد، ولكنْ بالمُقابِل فشل سلاح الجوّ في تخفيف عدد الصواريخ التي تمّ إطلاقها من قطاع غزّة باتجاه جنوب الكيان، لافتًا في ذات الوقت إلى أنّ مردّ هذا الفشل يعود إلى أنّ الغالبية العظمى من الصواريخ والقذائف يتّم صناعتها في القطاع، وتقوم التنظيمات الفلسطينيّة بإخفائها بالقرب من المساجد والمستشفيات والأماكن المكتظّة بالسُكّان، على حدّ قوله.
وشدّدّ الجنرال بريك على أنّه في المحصلة العامّة، فإنّ حركة (الجهاد الإسلاميّ) لم تتوقّف عن إطلاق الصواريخ بعد اغتيال القادة، إنّما أخطر من ذلك، قامت الحركة بإطلاق المزيد من الصواريخ وبكثافةٍ باتجاه جنوب إسرائيل، ذلك لأنّ ما تسعى إليه الحركة هو شلّ الحياة اليوميّة في الدولة العبريّة، طبقًا لأقواله.
علاوة على ذلك، أوضح اللواء بريك، الذي عرض وجهة نظره لدى كبار الجنرالات في جيش الاحتلال، أنّه وفق الأحداث الأخيرة فإنّ إسرائيل تفقِد رؤيتها الإستراتيجيّة، ومن شأنها أنْ تجِد نفسها جرّاء ذلك غيرُ مستعدة وليست جاهزةً للحرب الإقليميّة القادِمة، مُشيرًا إلى أنّ “هدوء” حركة (حماس) خطير للغاية، لأنّ الحركة تحوّلت عمليًا إلى (حزب الله) فرع فلسطين، وهذا الأمر سنكتشِفه قريبًا، طبقًا لأقواله.
وقال أيضًا إنّه قبل أنْ تتحوّل الحرب القادِمة لحربٍ إقليميّةٍ فإنّه يجِب التوقّف عند المواجهة أولاً على الجبهة الشماليّة ضدّ حزب الله، مشيرًا إلى أنّه بحسب قائد اللواء الشماليّ في الجيش، فإنّه يوميًا ستسقط على إسرائيل خمسة آلاف قذيفة وصاروخ، وذلك في الأيّام الأولى فقط من الحرب، أيْ أنّ الموجة الأولى من الصواريخ باليوم الأوّل ستكون أكثر من كلّ الصواريخ التي أطلقها حزب الله في حرب لبنان الثانية صيف العام 2006 والتي استمرّت 34 يومًا، كما قال.
وشدّدّ اللواء الإسرائيليّ على أنّ خطة (حزب الله) تقضي باستغلال قصفه إسرائيل بشكلٍ مكثّفٍ كي يدفع بوحدة النخبة (الرضوان)، التي يصل تعداد أفرادها بحسبه إلى حوالي عشرة آلاف مقاتل، من الكوماندوز، المُدّربون جيّدًا والذين يحملون الأسلحة المتطورّة والفتاكّة، حيث سيعبرون الحدود عن طريق البرّ، بهدف السيطرة على عددٍ من المُستوطنات الإسرائيليّة في الشمال، والتوقّف عند هذا الحدّ والبدء بمفاوضاتٍ.
وبحسب الجنرال بريك فإنّ أكثر ما يُقلِق في هذا السيناريو أنّ الإرشادات التي تلقاها سُكّان المنطقة الشماليّة في الأسبوع الأخير من الجيش، وهي مكتوبة، تأمرهم بإخلاء المناطق التي يُقيمون فيها خلال أوّل ساعتين من اندلاع المواجهة مع (حزب الله)، لأنّه إذا لم يتّم تنفيذ ذلك لن يتمكّن السُكّان من إخلاء أنفسهم لأنّ الطرق ستكون مغلقةً، وأضاف: “في هذه النقطة أنا جدًا قلق، فمَنْ سيقوم بالدفاع عن المستوطنات؟ من سيُواجِه قوّة (الرضوان) عندما تصِل إلى المستوطنات؟ الحقيقة أنّه عمليًا لا يوجد مَنْ يُدافِع عن المستوطنات الشماليّة”، مُشيرًا إلى أنّ “قوات الاحتياط في الجيش ناقصة جدًا، وغيرُ مؤهلةٍ للدفاع عن المستوطنات، لأنّهم سيكونون مشغولين في مهامٍ أخرى أكثر حساسيّةً، وبالتالي سيُترَك سُكّان الشمال كالأيتام على موائد اللئام”، على حدّ وصفه.
وتابع قائلاً إنّ “تفوّق التنظيمات الإرهابيّة المُعادية لإسرائيل في المنطقة تكمن في أنّهم يستخدِمون التكنولوجيا البسيطة، ولكن بكمياتٍ كبيرةٍ، وهو العامِل الذي يجعل الهوّة لصالحهم كبيرةً مُقابِل الجيش الإسرائيليّ”، طبقًا لأقواله.
وشدّدّ الجنرال الإسرائيليّ على أنّه “حتى اليوم لم يتمكّن جيش الاحتلال من الانتصار على حركتيْ (حماس) و (الجهاد الإسلاميّ) في جميع جولات القتال التي نشبت بين الطرفيْن، وذلك على الرغم من امتلاك إسرائيل إحدى أقوى أنواع التكنولوجيّات في العالم، والطائرات الأكثر تطورًا وقوّة، والقذائف الذكيّة والصواريخ الدقيقة”.
ومضى قائلاً “رغم أنّ تكلفة كلّ جولة قتال تصِل إلى مليارات الدولارات، لم تتمكّن إسرائيل من تخفيف وطأة إطلاق الصواريخ من غزّة باتجاه الأراضي الإسرائيليّة، ونصف الكيان كان مشلولاً خلال جولات القتال، وفي الحرب الإقليميّة الشامِلة سيكون الوضع أخطر من ذلك بعشرات المرّات، لأنّ دولة إسرائيل بكاملها ستكون بمثابة مجمّع أكل كبيرٍ سيلتهمه الأعداء الذين سيُهاجِمون الكيان”، طبقًا لأقواله.
بريك أوضح في الختام أنّه “إذا قرر الكيان تنفيذ الهجوم ضدّ البرنامج النوويّ الإيرانيّ، فعلى الحكومة الإسرائيليّة أنْ تأخذ على محملٍ من الجدّ الضربة التي ستتلّقاها إسرائيل من إيران ردًا على الهجوم، كما أنّ العملية بحدّ ذاتها، حتى لو شاركت فيها الولايات المُتحدّة الأمريكيّة ستكون نتيجتها تعطيل البرنامج النوويّ الإيرانيّ لعدّة أشهرٍ لا أكثر، ولكن الأخطر من ذلك أنّنا سنتعرّض لهجومٍ بآلاف الصواريخ يوميًا، والذي سيُحدِث دمارًا مُطلقًا، لم نكُن نتوقعّه، كما لم يتوقّعه أجدادنا”، كما أكّد.