شهد العاشر من المحرم حدثًا عظيمًا ومعجزةً كبرى لنبي الله سيدنا موسى عليه السلام؛ إذ نجاه الله وقومه حين شق لهم في البحر طريقًا يبسًا فكان لهم أمنًا ونجاة، ثم أطبقه على فرعون وجنوده فكان عليهم عذابًا وهلاكًا، وأغرقوا جميعًا، قال تعالى: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى، فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ}.
فضل يوم عاشوراء
ومن وفاء سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم، لحقّ أخيه سيدنا موسى عليه السلام أن صيام هذا اليوم؛ شكرًا لله تعالى على نجاته ونصر الله له؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قدم النبي صل الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «مَا هذا؟»، قالوا: هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، قال: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ»، فصامه، وأمر بصيامه.
كما يستحب صيام يوم تاسوعاء لقوله صلى الله عليه وسلم: «لئن بقيتُ إلى قابلٍ لأصومنَّ اليومَ التاسعَ»، ولما كان صوم عاشوراء مستحب يثاب فاعله ولايعاقب تاركه فمن شرع في صيام عـاشوراء ثم أفطـر عامـدًا فلا شئ عليه عند جمهور الفقهاء لقول النبي ﷺ الصائم المتطوع أمير نفسـه.
وذهب فقهاء الحنفية إلى أن من تلبس بصوم النفل لايجوز له الفطر لقوله تعالى: «ولا تبطلوا أعمالكم» فـإن أفطر وجب عليه القضاء، أما من أفطر ناسيًا في صوم عاشوراء أو غيره فصومه صحيح لم يبطل لقوله صل الله عليه وسلم: «من أكل أو شرب ناسيًا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه».
حكم الجمع بين نية صيام تاسوعاء والخميس
ومن المقرر أن يوافق يوم تاسوعاء وهو التاسع من محرم يوم الخميس الموافق 27 يوليو، إذ تسائل البعض عن جواز الجمع بين نية صوم يوم الخميس ونية صوم يوم التاسع من المحرم، وذلك في حال اعتاد الشخص على صيام يوم الخميس من كل أسبوع، ويوافق التاسع من شهر المحرم هذا العام يوم الخميس.
وأوضحت دار الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني، أنّه يجوز شرعًا الجمع بين نية صوم التاسع من شهر الله المحرم ونية صوم السُّنَّة في صوم الخميس، ويحصل بذلك إدراك فضل صوم كلٍّ من هذين اليومين؛ إذ المقصود بصوم يوم الخميس وصوم يوم التاسع من شهر الله المحرم إحياء اليوم بالصوم، وهو حاصلٌ في هذه الحالة، فاعتُبِرَت النِّيَّتان.