نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعده كريس ماكغريل قال فيه إن السيناتور كريس فان هولين دعا الرئيس الأمريكي لأن يعيد النظر في المساعدة العسكرية لإسرائيل في ظل الميول المتطرفة لحكومة إسرائيل.
ودعا فان هولين بايدن إلى أن ينخرط شخصيا لمنع “العنصريين” في الحكومة الإسرائيلية من الاستيلاء على الأراضي في المناطق الفلسطينية المحتلة وتنظم “انتهاكات صارخة” ضد الفلسطينيين وإلا المخاطرة بتدمير مصداقية الولايات المتحدة.
وبعد زيارة للضفة الغربية الشهر الماضي، أخبر فان هولين، السيناتور الديمقراطي عن ميريلاند، صحيفة “الغارديان” أن على الرئيس إعادة تقييم الدعم العسكري الأمريكي الضخم لإسرائيل ومنعها من استخدامه في عمليات الضفة الغربية وقمع الفلسطينيين، بما في ذلك تواطؤ الجيش مع عنف المستوطنين ضد السكان المدنيين العرب. وحذر فان هولين من التقاعس الذي قد ينظر إليه اليمين المتطرف على أنه ضعف أمريكي. وقال إن على الرئيس بايدن أن ينخرط شخصيا في معالجة القضايا، ويجب أن نكون واضحين، مثلا فالدعم العسكري الأمريكي “يجب ألا يدعم عنف المستوطنين ويجب ألا يستخدم لغرض توسيع المستوطنات أو حماية الذين يقيمون كتلا غير شرعية”.
وفان هولين هو عضو في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، وقال أيضا إن إدارة بايدن مطالبة بالنظر إن اخترقت إسرائيل قانون ليهي (1997) والذي يحظر الدعم العسكري لدول مارست جيوشها انتهاكات حقوق إنسان.
وينضم السيناتور لعدد من الأصوات الداعية لوضع شروط على الدعم العسكري السنوي لإسرائيل وقيمته 3.8 مليار دولار ولمنع استخدام الأسلحة الأمريكية ومعدات أخرى لتعزيز الاستعمار لأجزاء من الضفة الغربية عبر بناء المستوطنات وطرد الفلسطينيين بالقوة أو تقويض السياسة الأمريكية في حل الدولتين. وطالما عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن رفضه للدولة الفلسطينية. بل ومنح المتطرفين في حكومته، مثل إيتمار بن غفير زعيم القوة اليهودية المتطرف وبتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، سلطة واسعة على إدارة المناطق المحتلة.
وقالت جماعات السلام الإسرائيلية إن التحرك من الإدارة من قبل القوات العسكرية المحتلة هو ضم فعلي لأن الحكومة الإسرائيلية وضعت وزراء في سيطرة مباشرة على المناطق. وقال فان هولين إنه شاهد النتيجة عن “سرقة الأراضي” أثناء زيارته و”عندما ترى بعينك فإن هذا يؤكد خطورة الوضع الآن مع حكومة نتنياهو المتطرفة والتي تضم عنصريين مثل بن غفير وسموتريتش ويظهر بوضوح أنها مصممة على السيطرة الكاملة على الضفة الغربية”.
وقال “أنا قلق جدا بشأن عنف المستوطنين وحقيقة أنك ترى [قوات الجيش الإسرائيلي] تحرف نظرها أو تتعاون أحيانا مع المستوطنين في الهجمات على القرى والبلدات”. وقال فان هولين إنه كان داعما بثبات للدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل وللدفاع عن نفسها ضد إيران وحزب الله والجماعات المسلحة مثل حماس، ولكن ليس لكي تستخدم في اضطهاد الفلسطينيين و”أعتقد أنه حان الوقت للنظر في الدعم الأمني الأمريكي وكيفية استخدامه”. وتحدث بايدن علنا ضد التعديلات القضائية التي دفع بها المتطرفون ليضعفوا المحاكم ومنعها من الوقوف أمام سياساتهم في الضفة الغربية، كما وتجاهل نتنياهو ولم يدعه إلى البيت الأبيض منذ انتخابه نهاية العام الماضي.
لكن فان هولين يرى أن على بايدن الذهاب أبعد، فهو يخشى من التقاعس الذي ينظر إليه كمسهل لسياسات إسرائيل وعلامة ضعف، في ظل الرفض المزدري للدعم الأمريكي بعدما وصف بايدن الحكومة الإسرائيلية بأنها “الأكثر تطرفا” في تاريخ البلد. وقال بن غفير في تغريدة على إكس أو تويتر سابقا “يجب أن يفهم بايدن بأننا لم نعد نجمة في علم أمريكا”، إلا أن النقاد قالوا إن بن غفير لم يتردد في قبول الدعم الأمريكي. وقال فان هولين إن الرئيس يحتاج لموقف قوي وإلا دمر سمعة أمريكا.
وقال “بن غفير يضم إصبعه على نفسه ساخرا من الولايات المتحدة ويشير إلى أنهم يفعلون ما يريدون، مهما كان موقف الولايات المتحدة، ولهذا أعتقد أنه في غياب مطالب فيها محاسبة من الولايات المتحدة فإننا نقوض سمعتنا” و”يجب علينا أن نقف من أجل مبادئنا والتي تعلم سياسة الولايات المتحدة، وهي قيم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وحكم القانون، ولو لم نقف من أجل هذه السياسات، حتى لو كنا نتعامل مع دول صديقة مثل إسرائيل، فإننا نقوض مصداقيتنا حول العالم”.
ومع أن العالم ركز على بن غفير وسموتريتش إلا أن فان هولين يعتقد أن كل الحكومة الإسرائيلية بحاجة لأن تحاسب “من الواضح أن بقية الائتلاف إما متواطئة مع أفعالهم من خلال الدعم الناشط أو الإهمال. وكل هذا يحدث في ظل الحكومة وهي بحاجة لأن تكون مسؤولة عن أفعالهم، ولو رفضوا الحد من تصرفاتهم”، كما قال. وأضاف “الرئيس يواصل القول إنه يدعم حل الدولتين بإجراءات متساوية من الكرامة والحرية للشعبين، ولكن ما يحدث على الأرض والوقت الحقيقي يقوض الرؤية التي حددها الرئيس بايدن بنفسه. وهذه هي لحظة إعادة فحص السياسة الأمريكية ووضع محددات للمضي قدما”.
وعندما سئل عن السبب الذي يمنع بايدن من اتخاذ موقف قوي، أثنى فان هولين على تصريحاته المتعلقة بالتعديلات القضائية وعكس بعض سياسات ترامب إلا أنه لم يذهب بعيدا “أعتقد أن ما يحدث على الأرض يستدعي الانتباه الآن”. وفي تشرين الثاني/نوفمبر دعا السفير الأمريكي السابق لإسرائيل دانيال كيرتز وأرون ديفيد ميلر، المفاوض السابق لخطوة غير مسبوقة ومثيرة للجدل، والتوقف عن الدعم العسكري والدبلوماسي غير المشروط لإسرائيل وقطع الإمدادات العسكرية. وهناك دعوات من منظمة جي ستريت الموالية لإسرائيل ومع السلام للتأكد من عدم استخدام المساعدات الأمريكية لتعزيز الاحتلال.
وتظهر استطلاعات الرأي بأن غالبية اليهود الأمريكيين تقدم دعما أمريكيا مشروطا لإسرائيل والتأكد من عدم استخدامها لتوسيع مستوطنات الضفة الغربية، إلا أن أي تحرك لقطع المساعدات أو وضع شروط عليها، سيواجه بضغوط من جماعات اللوبي، مثل اللجنة الأمريكية- الإسرائيلية للشؤون العامة أو إيباك المرتبطة بأعضاء الكونغرس. واختار فان هولين لغته بحذر وكان على معرفة بردة الفعل ضد رئيسة مجموعة التقدميين الديمقراطية براميلا جايابال عندما وصفت إسرائيل بالعنصرية ثم تراجعت.
ووصف فان هولين بن غفير وسموتريتش بالعنصريين، لكن هل يوافق أن سياساتهما عنصرية؟ ويجيب “بالتأكيد فإن الأفعال التي قام بها سموتريتش هي انتهاك صارخ لحقوق الفلسطينيين، وهو يحاول توسيع الإدارة المدنية للضم الفعلي، وهي خطوة للضم، ودعا لمحو قرية حوارة الفلسطينية”. و”لديك بن غفير وهو يشارك في مسيرات أشخاص يهتفون “الموت للعرب”، ولديك صعود في النشاطات المعادية للمسيحيين، ومن الواضح أن لديك متطرفين قوميين يخرقون حقوق الفلسطينيين”.
وهناك موضوع الموازاة بين إسرائيل ودولة التمييز العنصري، حيث قالت رئيسة أيرلندا السابقة ماري روبنسون والأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون من لجنة الحكماء التي أنشاها نيلسون مانديلا عام 2007، إن هناك أدلة متزايدة على أن الوضع يصل لمناسبة التعريف الدولي للأبارتهايد، وذلك بعد زيارة للضفة الغربية. وقالا إن سياسات الحكومة الإسرائيلية “تظهر بوضوح نية الضم الدائم بدلا من الاحتلال المؤقت وبناء على التفوق اليهودي”.
ولكن فان هولين كان حذرا وحذر قائلا: “لا أصف ما يجري في الضفة الغربية حتى الآن بأبارتهايد كما تعرف، وهناك نقاش بشأن تعريف ما يجري هنا، ولكن من الواضح أنه عندما يكون لديك عنصريون مثل بن غفير وسموتريتش يقودان المسيرة وعلى مدى من السياسات، فهناك خطر حقيقي للطريق الذي تسير فيه إسرائيل بالضفة الغربية”.