| قصة أسعد يوم في حياة نجيب محفوظ.. استقبل خبر فوزه بـ نويل وهو نائم

لم يكن يتصور بالطبع أنّ هذا اليوم على وجه التحديد يختلف كثيرًا عن بقية أيام عمره، وأنّ اسمه سيملأ أرجاء الدنيا ويتردد في وقت واحد، بل في لحظة واحدة، تقديرًا لمكانته وفكره الذي قدمه على مدى سنوات عمره منذ بدأ يتجه إلى الأدب، فهو الأديب العالمي نجيب محفوظ الذي تحل اليوم ذكرى وفاته، ولا يزال حيًا في ذاكرتنا بتراثه الأدبي الفريد الذي تحول إلى بصمة لا مثيل لها في تاريخ السينما والدراما المصرية.

أسعد يوم في حياة نجيب محفوظ

قصة أسعد يوم في حياة الأديب نجيب محفوظ، عندما خرج من منزله صباحًا ليتجه إلى مكتبه بجريدة الأهرام كما تعوّد كل يوم خميس، ولم يقابله أو يشد اهتمامه شيء غير عادي حتى عاد إلى منزله ليتناول غداءه البسيط تمشيًا مع تعليمات الأطباء له خوفًا من مضاعفات مرض السكري، وفي غرفة نومه بدأ يستسلم للراحة، وبعد دقائق قليلة من نومه دق جرس التليفون في منزله وردت زوجته، وقال لها المتحدث أنّه يتحدث من جريدة الأهرام لينقل إلى الكاتب الكبير التهنئة بفوزه بجائزة نوبل العالمية، وأنّه أول كاتب عربي ينال هذا التقدير.

وبحسب تصريحات صحفية نادرة عام 1988، تقول الزوجة إنّها لم تتمالك شعورها وأسرعت إلى غرفة نوم «محفوظ»، ودون أن تتأكد من أنّه ليس نائمًا قالت له: «مبروك يا نجيب حصولك على جائزة نوبل»، ليرد عليها في هدوء كأن الأمر لا يعنيه في شيء قائلًا: «صدقيني لا داعي إطلاقًا لمثل هذه الأحلام»، وتضيف الزوجة أنّ زوجها أراد أن يعود إلى النوم بسرعة قبل أن يهرب منه، ولكنها عادت لتؤكد له أنّ ما قالته حدث بالفعل منذ دقائق.

مقابلات مكالمات هاتفية لا تتوقف

وبحسب اللقاء الصحفي، تقول الزوجة: لقد ظل الشك يملأ قسمات وجهه وأمسك بسماعة التليفون ليسمع بنفسه تفاصيل النبأ، وأدركت منذ اللحظة الأولى لهذه المكالمة أنّ النبأ الذي نقلته إليه حقيقة واقعة وليس حلمًا لا داعي له كما قال منذ لحظات.

وتضيف زوجة الكاتب الكبير نجيب محفوظ التي تزوجته عام 1954 وهي ما تزال واقفة وسط منزلها: «جرت الأحداث بسرعة هائلة، فقد وصل إلى منزلنا سفير السويد بالقاهرة لارس أرلوف ليبلغ النبأ السعيد إلى زوجي مُهنئًا بهذا التقدير»، وانتهى اللقاء بعد فترة قصيرة بينما جرس التليفون لا يتوقف، مكالمات متتالية أولها تهنئة من الرئيس مبارك، وبعضها من الأصدقاء، بينما كانت باقات الورود تصل إلينا واحدة تلو الأخرى، بداية من باقة ورد من صديقه المخرج السينمائي توفيق صالح.

كانت شقة الكاتب الكبير قد امتلأت بالعشرات من مندوبي وكالات الأنباء العالمية ومراسلي وكتاب الصحف المحلية والعالمية، وبدأ وجه الزوجة الهادئة يتصبب عرقًا وهي تبتسم في وجود كل هذا الحشد، الذي لا تعرف كيف تتصرف معهم وهم جمعيًا داخل البيت وخارجه ينتظرون عودته لتستقبله عدساتهم التي ينتظر العالم في هذه اللحظات لقطاتهم التاريحية لتحتفل الصفحة الأولى في كل جرائد العالم وأغلفة مجلاته، والجميع يتسائل: «أين الكاتب الكبير ومتى يعود؟»، ولكن دون إجابة قاطعة من أحد.