يحرص المسلمون في شتى بقاع الأرض على المداومة على العمل الصالح، وأن يتقبل الله سبحانه وتعالى أعمالهم ودعاءهم، لذا يكثر البعض من الصلاة والأدعية والأذكار طمعًا في كرم الله بتحقيق ما يرغبون.
عمل الإنسان لا ينقطع بوفاته
ويقول الدكتور أيمن الحجار، من علماء الأزهر الشريف، إنّ من مزايا شريعة الإسلام أنّها لا ينقطع عمل الإنسان في الوقت الذي عاشه فقط، بل يمتد هذا الإنسان بعطائه وعمله وما قدّمه من خير في حياته يتعدى للآخرين، يكافئه الله سبحانه وتعالى في الآخرة بألا يقتصر عمله بما عاشه في الدنيا فقط لنفسه.
وأضاف العالم الأزهري، خلال برنامج «مع الناس»، المذاع على فضائية الناس: «أنا صليت وتصدقت، فـ الصلاة عمل خاص بي، لكن الصدقة عمل يتعدى إلى الغير، فـ الصلاة تُكتب في صحيفة الحسنات ويأخذ عليها المسلم الأضعاف المضاعفة التي أبلغ بها الله سيدنا النبي محمد صلَّ الله عليه وسلم».
عداد الحسنات لا يتوقف بعد وفاة الإنسان
ويقول «الحجار» إنّ الصدقة فيها نفع للغير، فهي تعتبر عملك الذي قدّمته في عمرك الإنتاجي بالحياة سواء 60 أو 70 عامًا لكنك تصدقت كثيرًا: «الصدقة دي أطعمت إنسان آخر، وساهمت في إزالة هم وسداد دين لإنسان آخر، والحسنة دي لا تقتصر على الوقت ده فقط، وبعد ما ينتقل الإنسان إلى رحمة الله، لا يقف عداد الحسنات عند موت هذا الإنسان بل يمتد إلى الآخرين».
وروى الإمام مسلم في «صحيحه» عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إذا ماتَ ابنُ آدَمَ انقَطَعَ عَمَلُه إلَّا مِن ثَلاثٍ: صَدَقةٍ جارِيةٍ، أَو عِلمٍ يُنتَفَعُ به، أَو وَلَدٍ صالِحٍ يَدعُو لَهُ».
وقد جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: «أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ -يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا، وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ -وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ- مَلأَ اللهُ قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَها لَهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أفضل الأعمال إلى الله تعالى؟ فقال: «مَنْ أَدْخَلَ عَلَى مُؤْمِنٍ سُرُورًا؛ إِمَّا أَنْ أَطْعَمَهُ مِنْ جُوعٍ، وَإِمَّا قَضَى عَنْهُ دَيْنًا، وَإِمَّا يُنَفِّسُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرَبَ الْآخِرَةِ، وَمَنْ أَنْظَرَ مُوسِرًا أَوْ تَجَاوَزَ عَنْ مُعْسِرٍ ظَلَّهُ اللهُ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي نَاحِيَةِ الْقَرْيَةِ لِتَثبت حَاجَته ثَبَّتَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامُ، وَلَأَنْ يَمْشِيَ أَحَدُكُمْ مَعَ أَخِيهِ فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِي هَذَا شَهْرَيْنِ -وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ».