اللحظات الأخيرة في حياة المقربين لنا على قيد الحياة، ربما تظل محفورة في الذاكرة لا يمكن نسيانها مهما عفا عليها الزمن، إذ تكون بين الانكسار والأمل، صاحبها لا يستطيع الخروج من آلامها حتى الممات، وهو ما حدث مع المخرج المصري هشام علي عبدالخالق، الذي رثى والده في الذكرى السنوية الأولى، لوفاة والده المخرج الراحل علي عبدالخالق، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ساردًا كواليس الساعات الأخيرة له بجواره قبل انتقاله للرفيق الأعلى.
آخر لحظات علي عبدالخالق قبل وفاته
«في مثل هذا اليوم من سنة وفي مثل هذا التوقيت، كنت أنا وأختي في الكوريدور الطويل الفارغ، وأمسكت بيدها مشينا تاركين أبي على جهاز التنفس الصناعي، وكنا قد علمنا أنه القرار الطبي الأخير، و أن الأمر لن يستغرق ساعات ليكتب سطر النهاية لهذا المقاتل الذي نهشه المرض الخبيث»، عبارة ممزوجة بالحزن وقلة الحيلة تحدث من خلالها المخرج هشام علي عبدالخالق، عن لحظات وفاة والده ووداعه له بعدما أنهكه المرض، وعن الحالة السيئة التي عاشها رفقة شقيقته.
كان اللقاء الأخير الذي جمع بين الأب وابنه، داخل غرفته في المستشفى حيث كان يتلقى علاجه، لتكون تلك النظرة التي لا زالت محفورة في ذاكرته، مضيفًا: «نظرت إلى أختي كانت تبكي ونحن في طريقنا إلى الباركنيج، و لم أكن منتبها أني أبكي أيضًا، رحلت وفقدت جزءا من قلبي هناك في هذه المحنة، وما هي إلا ساعات كما قال الطبيب وأبلغونا بالنهاية.. نسألكم الدعاء من القلب و ليس مهمًا أن يتم الأمر هنا على فيس بوك».
الابن يصف الأب ويتغزل فيه
ببلاغة شديدة، تحدث الابن عن عظمة والده في عالم الفن والإخراج، الذي لقبه بالصنايعي صاحب الحرفة واللغة السينمائية شديدة البلاغة، مضيفًا: «كان صاحب حرفة فنية عالية ولغة سينمائية شديدة البلاغة.. المخرج الكبير أستاذنا علي عبد الخالق، الذي دخل الآن لحياته الثانية، حياة السيرة العطرة، لم يصعد في أفلامه على أسماء نجوم عصره من الممثلين كما فعل غيره، بل صعد هو بأسمائهم للقمة».
واختتم الابن البار بوالده الحديث عنه، في ذكرى وفاته قائلًا: «كان مخرجا بحق تسمع كلمته وتنفذ مطالبه، كان شديد الذكاء عندما آمن بدور السينما ولم يتاجر بها بل تجرد من عطاياها وقدم موضوعات مجتمعية هادفه اثرت في العالم العربي، وأتخيل أنها ستدّرس لكافة الأجيال القادمة، ولا زلنا حتى اليوم لم نعد اكتشاف قيمة هذا المخرج الكبير، فهو يحتاج إلى خبير مثمن من عالم الدراما، حتى يشرح لنا كم البلاغة والمتعة والقيمة من سينماه التي قدمها وأزعمأانها لم ولن تتكرر».
علي عبدالخالق من العظماء
«سينما علي عبد الخالق تستحق أن توضع على شاشات العالم العربي بجوار عظماء هذا الفن الرفيع، من أمثال يوسف شاهين وصلاح أبو سيف وعاطف الطيب ورضوان الكاشف ومحمد خان وسمير سيف وهاني لاشين ومحمد عبد العزيز»، عبارة اختتم من خلالها المخرج هشام علي عبدالخالق، حديثه عن الأب كمخرج، قائلًا: «نعم مات المخرج الكبير علي عبد الخالق، لكن السينما المصرية ستظل حية ومنورة ومتألقة على شاشات العربي بحسه وحس أمثاله من عظماء السينما الذين رحلوا، ومن عظمائها الذين لا زالوا يبدعون، رحم الله المخرج الكبير، علي عبد الخالق، في ذكرى رحيله الأولى اليوم».