| «رمضان» يحافظ على التاريخ بالإبرة والخيط: هدوم الفراعنة مطلوبة

ورشة قريبة من منزله، تخلو من الأثاث، إلا مقعد خشبي يجلس عليه «رمضان البديوي»، ساعات طويلة من نهار يومه، غارقًا بين أكوام من القماش وأدوات الخياطة، يأتي به من أسواق القماش بالشكل الأقرب للحقبة الزمنية التي ينفذ ملابسها، يبدأ في تقطيعه ثم حياكته وتشكيله حسبما يريد، فتتجلى ندوب في يده أصابته كثيرًا أثناء العمل وتركت أثارها في راحة يديه.

خطوات مرتبة ينفذها الرجل الستيني بصبر شديد، حتى يخرج من تحت يديه ملابس لا تنمتي لعصرنا هذا وإنما تنتمي إلى سبعة آلاف عام إلى الخلف حيث عاش المصريون القدماء، لا تُغري كثير من الزبائن إلا من أحب هذا الفن.

البداية من القرية الفرعونية

قبل ثلاثين عاما، بدأ «رمضان» رحلته مع تصنيع الملابس التاريخية القديمة والملابس الفرعونية على الأغلب، قادته الصدفة يوما إلى حب الملابس التراثية، حيث كان يعمل في القرية الفرعونية، شغفته حبًا وبات بارعًا في تصميمها وحياكتها، «في يوم اقترحت عليهم نلبس البنات في القرية بواريك شعر بشكل فرعوني وبدأت بمساعدة والدتي أجرب»، يروي الرجل الخمسيني رحلة تصنيع الملابس الفرعونية والإكسسوارات الخاصة بتلك الحقبة الزمنية في بداية حديثه لـ«»، بينما انشغلت يداه بالخياطة والتطريز على أحدهما أثناء حديثه.

ملابس فرعونية

أبهر «رمضان» بما صنعته أيديه من بواريك للشعر وملابس يعود تصميمها إلى آلاف السنين من قبل، مدير القرية الفرعونية، حينها، ملابس اندثرت من كل مكان إلا من ورشته أو «الأتيليه» الخاص به، فاشتهر بين معارفه بتلك الحرفة، بعدما تعمق في دراستها بالبحث والاطلاع في الكتب التاريخية والمتاحف، وحسب روايته، «بقيت أجيب كتب وأروح المتاحف وأدرس ملابس كل عصر فرعوني من أشكال التماثيل».

بواريك شعر أوبرا عايدة

«أوبرا عايدة» أحد العروض الأوبرالية ذائعة الصيت، تم تنفيذ مرتين فقط في مصر أحدهما عند سفح الهرم والآخر في محافظة الأقصر، وفي كلايهما شارك «رمضان» في صناعة «بواريك» الشعر التي ارتداها المشاركون في العرض الأوبرالي، جاء ذلك من خلال ترشيح أحد الأساتذة المتخصصين في التاريخ الفرعوني للرجل الستيني، «أول مرة رشحني دكتور متخصص في المصريات والمرة التانية مخرج العرض الإيطالي طلبني بالإسم»، حسب قوله.

ليست الملابس الفرعونية فقط هي التي تتزين بها ورشة الرجل الستيني الكائنة بمنطقة الجيزة، وإنما يبدع أيضا في تصميم الملابس التاريخية والتراثية التي تعود إلى عصور قديمة، حسب رغبة الزبائن، حتى ذاع صيته واشتهر وأقبل عليه الزبائن من خارج مصر، «سافرت جنوب أفريقيا ودبي وشاركت في معارض والمصريين هناك كانوا بيحبوا يشتروا الملابس التاريخية الفرعونية».

هذا الفن النادر يكثر على طلبه المصريون في الخارج حبا في الحفاظ على الهوية، وأيضا المسؤولون عن المدارس حين تنفيذها حفلات تنكرية، «المدارس بتطلب مني طلبات للطلاب وبعض المصريين في دول الخليج بيحبوا يحتفظوا بالملابس التاريخية، عشان يعلموا أولادهم تاريخ ».