بعد توريط يهود ليبيا للمنقوش ورئيسها بالتطبيع.. هل وصل قطار الموت الى طرابلس؟

نجلاء المنقوش السيدة الجميلة المثقفة، والتي رغم هُزال ماضيها السياسي، إلا أنها أثبتت حُضورا مُتميزا على الساحة الدُولية والإقليمية، وزيرة خارجية ليبيا وجدت نفسها دون سابق إنذار في قفص الإتهام بسبب لقاء لا نعرف إن كان فرديا ؟  أم كانت السُلطات الليبية على معرفة مُسبقة به وتم التنسيق له على أعلى مستويات؟ أم أنه رسالة من الجانب الإسرائيلي لليبيين ليُحضرهم للواقع المرير الذي سيكون بإراداتهم أو غصبا عنهم، الأكيد أن الشعب الليبي الأصيل لن يقبل حتى بالفكرة التي لا يتوان الإسرائيليون في الترويج لها بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، والهدف واضح وهو إثارة البلبلة والصراعات الداخلية، للوصول للهدف المنشود، فالعرف الدبلوماسي يقتضي الرجوع للمسؤول الأول في الدولة قبل الإقدام على أي خُطوة، وإجراء لقاءات يُمكن أن تكون ببرنامج مُسبق للوزير أو السفير، ولا نظن أن “نجلاء المنقوش” أول إمرأة تتولى منصب في الدولة، تجرؤ على كسر البرتوكول والتمرد على القوانين، ونسف مُستقبلها السياسي ومكانتها الإجتماعية،  وفي هذه الحالة الفرضية الثانية التي تقول أن “الدُبيبة” إستعملها لجس النبض ومعرفة رأي الشارع الليبي قبل الإقدام بالخطوة، أقرب للحقيقة  والتصديق، فهي ضحية لأهداف الدُبيببة وطموحاته.

فالتضحية بكبش الفداء عادة ليست جديدة على المسؤول في الدولة، فإن كان رئيسا يُضحي بوزيره والوزير بمُستشاره أو زميله في الحُكومة، المهم أن تهدأ الأمور وترجع لنصابها الطبيعي، أما أن تكون المُضحى بها امرأة في مُجتمعات ذُكورية مازالت لم تستسغ بعد وصولها لأعلى المناصب، فهذا دليل قاطع على الطريقة التي يُفكر بها بعض الرجال والمسؤولون العرب الذين مازالوا يعتبرونها ناقصة عقل ولا يُمكن لها إعتلاء المناصب العُليا رغم دراستها وتفوقها في كثير من المجالات، فالدُبيببة كغيره من رجال الحُكم العرب قبل بإدراة المرأة شؤون البلاد لإرضاء الطرف الآخر والحصول على تقديره، هو نوع من التملق للحكومات الغربية، وليس له علاقة بالتقدم الحضاري أو نقلة في وعيهم.
فالليبيون كغيرهم من شُعوب المنطقة لا يُقبلون بالمُتاجرة بالقضية الفلسطينية، ولديهم إهتمام وأولوية للشعب الفلسطيني وقضيته، وإستمرار الإنتهاكات الإسرائيلية للفلسطيني في مسألة المُقدسات أو الأٍراضي، وحتى مُبادرات السلام وإخلال إسرائيل وعدم إلتزامها بالقرارات الشرعية الدُولية ستُغذي الرأي العام وتجعل من إسرائيل بالأمس واليوم وغدا العدو الرئيسي، لكن حسابات الوسطاء كانت بعيدة عن طموحات الشعب الليبي، فهم إستغلوا إنشغال الليبيبن بأزمتهم الإقتصادية وعدم قدرة “الدُبيببة” على حل الكثيير من المشاكل، لذا رأى الطرفان أن إقامة صفقة يستفيد منها الجانبين هي الحل الأمثل، فالإسرائيليون ومع أزماتهم الداخلية مع حكومة “نتنياهو” والإصلاحات القضائية، ورغبة هذه الحكومة في إستخدام توسعة دائرة السلام الإقليمية والمعاهدات، والإتفاقات الإبراهيمية كنوع لتصديرها للداخل، ” عبد الحميد الدبيبة”  أيضا بعدما أحس بالتغير الأمريكي نحوه ورغبته في تغيير الحكومة وفتح المجال لإنتخابات ديمقراطية، حاول الضغط على  الموقف الأمريكي من خلال اللوبيات الصهيونية والإسرائيلية داخله،

لقاءات إسرائيلية ليبية من ترتيب يهود ليبيا برئاسة “رفائيل لوزون” رئيس إتحاد ليبيا، الذين يُريدون عودة قوية لموطنهم، ولم تكن وليدة اللحظة بين الجانبين، بل منذ سنوات، وما حدث للمنقوش و”للدُبيببة” سيخدم أعداءه في الداخل ويُقلل من شعبيته، سيتحرك السياسيون والجيش لوضع حد لهذا التجاوز، و”الدُبيببة” إن كان له يد في الأمر فهو خدم الليبيين ووحد بينهم بشكل لا يتصوره أحد، وقطار الموت على حد تعبير الرئيس “معمر القذافي” الذي تنبأ به وحاول منعه والتصدي له، قد وصل لليبيا وبتنسيق أمريكي إسرائيلي ليببي بقيادة “الدُبيبة” الذي كان بإمكانه المُناورة وإعطاء الأولوية للقضايا الداخلية دون مُساعدة خارجية، لكنه إستسلم وإختار التطبيع الذي من شأنه تعميق الضياع الإستراتيجي لهذا البلد، وزيادة  حالة اللإستقرار السياسي والأمني والاجتماعي لليبيا، وسيزيد من شك الجيران ( الجزائر خاصة  وتونس بدرجة أقل بسبب الأوضاع التي تعيشها) لحكومة الدُبيببة المُهددة بالسقوط.
 فمصالح الإسرائيليين كثيرة من هذا التطبيع، فليبيا بالنسبة لهم بعد سقوط “القذافي” أصبحت مصدرا لتزويد حركات المُقاومة في قطاع غزة بالسلاح، ولهذا طلبت من الرئيس السيسي وقف تهريب السلاح الليبي إلى غزة، كما أن خُطوة التطبيع من شأنها التخلص من إتفاق ترسيم الحدود المائية التي توصلت إليه حكومة الوفاق مع تُركيا،  لأن هذا الإتفاق من شأنه أن يجعل تصدير الغاز الإسرائيلي تحت رحمة أنقرة، ولهذا فهي تعتمد على النفوذ الأمريكي والأوروبي ، وبشكل خاص إيطاليا، طبعا بمساعدة مصر والإمارات، ولهذا جرها للتطبيع ليس بالأمر العجيب، بل هو هدف مُسطر منذ زمن بعيد في وجود رجال خونة غير غيورين على وطنهم وحريته، ومرة أُخرى تظهر إسرائيل على حقيقتها وبأنها طرف خبيث لا يهمه سوى مصلحته وفقط، فالتسريبات كانت من طرفها، ولكنها في نفس الوقت خدمت الليبيين وأظهرت الخونة على حقيقتهم.
 وفي الأخير نقول أن “الدُبيبة بهكذا خُطوة أثبت لليبيين والعالم بأنه غير كُفؤ وقادر على حُكم ليبيا وإيصالها لبر الأمان، فالذي يضحي بأي شيء من أجل مصلحته ومصلحة الواجهة التي يعمل لأجلها لا يُؤتمن، وهو شخص غير موثوق وخطير، إحترق سياسيا ولم يبق له الكثير للتقاعد المُبكر داخليا وخارجيا، والورقة التي كان يُساوم بها أمريكا وأُوروبا لم تعد لها قيمة في مواجهة الأوضاع الجديدة، ليبيا تحتاج ملامح جديدة ورؤى ثاقبة لمواصلة التحديات والخروج من نفق الميليشيات، والتشتت الحكومي، إنقسام المؤسسة العسكرية، وجود القوات الأجنبية، سيطرة شبكات الفساد على دواليب الإقتصاد وحركة المال والإعتمادات المصرفية وغيرها من الصراعات التي أثقلت كاهل إخواننا الليبيين.
كاتبة من الجزائر