كون إمبراطورية كبرى بدأها من الصفر، ولم يبخل بخبرته وأمواله على غيره، ففي جنازته سار الآلاف خلفه، وكل عام يحييون ذكرى رحيله التي تحل اليوم بقلوب منفطرة ووجوه يكسوها الحزن؛ إنه رجل الأعمال محمود العربي، أحد أشهر رجال التجارة والصناعة في مصر، الذي ولد هاويًا للتجارة، وتوفي تاركًا خلفه إرثًا كبيرًا.
تمر اليوم الذكرى الثانية لرحيل رجل الأعمال الحاج محمود العربي، وكانت أول خطواته في مجال التجارة منذ أكثر من 83 عامًا، وفقا لكتاب «سر حياتي – حكاية العربي»، الذي يحكي سيرة «العربي» وهو من تأليف خالد صالح مصطفى.
رغبة العربي في كسب الأموال
كان لدى محمود العربي رغبة شديدة في كسب الأموال، والمفاجأة الكبيرة أن هذه الرغبة بدأت منذ أن كان عمره فقط 6 سنوات، فكان يريد تقليد إخوته لأن جميعهم كانوا يعملون؛ فكان يريد أن يفعل مثلهم، ويحكي «العربي» بحسب ما جاء في مذكراته: «كنت عاوز أشتغل زي إخواتي وقولت لهم كده، كانوا مستغربين لأن وقتها كان سني صغير جدًا على أني أشتغل».
أول مشروع لـ«العربي» برأس مال 30 قرشًا
لم يترك الراحل محمود العربي فرصة لإخوته للرد عليه، فأبلغهم أنه في جيبه 30 قرشًا، وطلب منهم أن يشتروا له «بلالين وبمب»، ليبيعها أمام باب المنزل، ولم يصدق إخوته ما يقوله الصغير: «مكانوش مصدقين، بس فعلًا عملوا اللي أنا عاوزه، واستجاب أخويا لطلبي وشجعني، وقتها كنت مُصر جدًا، ومكنتش عارف ليه أنا عاوز أشتغل، فعلتها ونجحت».
ربح محمود العربي 10 قروش كاملة، وأصبح رأسماله 40 قرشًا: «كنت سعيد جدًا وكنت راضي عن نفسي، كنت مبسوط أكتر لأن ببيع الحاجة بأكثر من سعرها اللي اشتريته بها، ومن وقتها واتربيت على التجارة، وبدأ الموضوع يكبر معايا».
أعمال محمود العربي الإنسانية
وكانت هناك العديد من الأعمال الإنسانية التي ظلت شاهدة على أن العربي «رجل خيري»، فكان له العديد من الأعمال الخيرية والمواقف الإنسانية مع العمال وأهالي قريته «أبو رقبة» التابعة لمركز أشمون في محافظة المنوفية، فكان يساعد غير القادرين والمقبلات على الزواج، ومن بين الأعمال الخيرية التي قام بها:
– بناء مسجد العربي في قريته.
– إنشاء عدد من المراكز المتخصصة في حفظ القرآن.
– إنشاء عدد من المعاهد الأزهرية والمدارس الحكومية.
– تجهيز الفتيات اليتيمات وغير القادرات.
– المساهمة في العديد من الأعمال الخيرية.
محمود العربي ينتمي إلى أسرة فقيرة
ومحمود العربي من مواليد عام 1932، ينتمي إلى أسرة ريفية فقيرة تعيش في قرية أبو رقبة التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية، عاش طفولة صعبة وذاق مرارة الحرمان وهو صغير السن، وبدأ يتعلم في كتاب القرية ويحفظ القرآن الكريم.
كانت بداية محمود العربي في القاهرة حين عمل بحي الحسين، وأول راتب تقاضاه 120 قرشًا في الشهر، وبعد 7 سنوات أصبح 320 قرشًا، ثم بدأ بعد ذلك في العمل بمحل جملة بدلًا من القطاعي لكي يزيد من خبرته في التجارة، وأول راتب من المحل كان 4 جنيهات، وبعد 15 عامًا صار 27 جنيها: «مكنش المبلغ ده صغير وقتها».
أول مشروع لمحمود العربي في الموسكي
عام 1963، قرر رجل الأعمال الراحل محمود العربي، والمعروف بـ«شهبندر التجار»، أن يبدأ مشروعه الخاص في التجارة، ولكن وقتها، لم يكن يمتلك المال الكافي ليبدأ المشروع، فتوصل إلى فكرة مشاركة شخص يمتلك الأموال، وتكون المساهمة هو وصديقه بالمجهود بينما الغني سيدخل المشروع مساهمًا بالمال، ونجحا الاثنان في خطتهما، وبدأ أول مشرع له برأس مال 5 آلاف جنيه، وهو محل صغير في «الموسكي» بالقاهرة، لا يزال موجودا حتى الآن.