اصطفى الله تعالى بعض المواطن والأوقات وجعلها مظنَّةً لإجابة الدعاء رحمةً منه وتفَضُّلًا على عباده؛ ومن هذه الأوقات: الدعاء عند نزول المطر ويوم عرفة وغيرها؛ لأنَّها أوقات مِنَّة وفضل ولطف ورحمة من الله على عباده، فـ عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ: عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَعِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ، وَعِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَعِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ».
معنى قوله تعالى «أستجب لكم»
الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامي، تحدث في لقاء تليفزيوني على قناة «الناس» عن أسباب عدم استجابة الدعاء، إذ استشهد بقوله تعالى: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ»، ففي اللغة العربية يوجد فعل الشرط وجواب الشرط، على سبيل المثال إن تذاكر تنجح، إن تأكل الدواء تكبر، إن تأخذ الدواء تشفى، بتقديم فعل الشرط على جواب الشرط، إلا أنّ الله سبحانه وتعالى في الآية الكريم قدّم جواب الشرط على فعل الشرط «أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ» أي قدّم الإجابة على السؤال.
وأضاف الداعية الإسلامي أنّ الله سبحانه وتعالى في هذه الآية يُطمئن عباده، وكأنّه سبحانه يقول للعبد: «اوعى تخاف أو تقلق أنا كده كده هستجيب دعائك»، واستشهد «عبدالمعز» بقوله تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ».
ويقول الشيخ رمضان عبد المعز في تفسير الآية، إنّ الله سبحانه وتعالى لم يكتفِ في الآية الكريم بأن يقول «أستجب» فقط، وإنما قال «أستجب لكم» وهي تعني أستجب لكم لما فيه منفعتكم، يقول «عبد المعز»: «افرض انت طلبت طلب فيه شر ليك زي ما ربنا قال (وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ)، يعني لو الدعوة غلط يغيرهالك ويبدلهالك، أنت طالب حاجة معينة فيها مفسدة ليك، يقوم يجيب لك حاجة بدالها أحسن منها».
وعدّ الشيخ رمضان عبدالمعز ثلاثة احتمالات للدعاء، مؤكدًا أنّ الله لا يقبل دعاءً فيه إثم أو قطيعة رحم، ولكنه ضمن لعباده السعادة بقوله «أستجب لكم» أي بما فيه منفعتكم، وبالتالي يكون أمام العبد عند الدعاء إما أن يصرف عنك من السوء بمثل هذا الدعاء، أو يدفع عنك من الشر بمثلها، أو يدخرها لك في الآخرة: «أنت بتدعي في اتجاه معين وده مفيهوش منفعة بالنسبة لك، أو كانت هتحصل لك مصيبة، والدعاء اللي أنت دعيت بيه منع المصيبة مع أنّه مكانش ليه علاقة بالمصيبة، كأنه رصيد ليك».
سبب عدم استجابة في الدعاء
ويقول الشيخ رمضان عبدالمعز إنّ من رحمة الله بعباده أنّ هناك جانب كبير من دعوات العباد تُدخر لهم في الآخرة وتكون بمثابة رصيد في الجنة: «تدخل الجنة تلاقي 9 ولا 10 قصور تستغرب جم منين، صلاتك وزكاتك مكنتش هتكفي، لكن أنت كنت بتدعي فـ ربنا ادّخر ليك جزء من الدعوات عشان يعملك رصيد في الآخرة، وساعتها المؤمن لما يشوف ده في الجنة يقول يارتني مفيش دعوة استجابت ليا في الدنيا وكان كله يتم ادخاره في الآخرة»
وأكد الداعية الإسلامي أنّه لا يوجد دعاء يدعو به العيد يُرد أو يضيع هباءً طالما كان دعاءً صالحًا، ومعنى الدعاء الصالح أن يكون مطابق للشروط والمواصفات، كأن يدعو أحدهم بقطيعة الرحم، أو أن يدعو العبد بدعوة غير مُحقق تنفيذها كأن يدعو بأن يرزقه الخلود في الدنيا، أو يرزقه الوسيلة في الجنة، والوسيلة تعتبر أعلى منزلة من الجنة ويختص بها النبي محمد صلّ الله عليه وسلم فقط.
ويقول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو اللهَ بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلا أعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا أنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلهَا» أخرجه أحمد في (مسنده).