رفع البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة الرئيسي إلى مستوى قياسي، اليوم الخميس، فيما يحاول السيطرة على التضخم الجامح، لكنه أشار إلى أن دورة رفع المعدلات التاريخية شارفت على نهايتها.
ورفع صانعو القرارات تكاليف الإقراض بربع نقطة إضافية، ليصل معدل الفائدة على الودائع إلى 4,00 في المئة، وهو أعلى مستوى له منذ بدأ التعامل باليورو في 1999.
وهذه الزيادة هي العاشرة على التوالي، منذ أطلق البنك المركزي موجة رفع معدلات فائدة تعد الأكبر في تاريخه في تموز/ يوليو العام الماضي بعدما ارتفعت الأسعار في أعقاب الحرب في أوكرانيا.
وجاءت الخطوة رغم تنامي المؤشرات المتزايدة إلى الضغط الاقتصادي على الدول العشرين التي تستخدم اليورو، في حين شدد البنك المركزي الأوروبي على أنه يتوقع أن “يبقى التضخم مرتفعا لمدة طويلة جدا”.
وفي تصريحات أعقبت الإعلان عن القرار المرتبطة بالمعدل، شددت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد على أن المعدلات وصلت حاليا إلى مستويات من شأنها أن “تساهم بشكل ملموس” في السيطرة على الأسعار التي ترتفع بشكل سريع.
وتجنّبت التعبير عن أي التزام قوي حيال وقف زيادة المعدلات، مشددة على أن المسؤولين “لا يمكنهم التحديد” بعد أن كانت المعدلات بلغت ذروتها فيما ستعتمد القرارات المستقبلية على البيانات المقبلة.
لكن المحللين يعتقدون أن النبرة التي تم تبنيها أشارت إلى أن موجات زيادة المعدلات ستنتهي.
وقال خبير الاقتصاد لدى “آي إن جي” كارستن برجسكي إن “رسالة البنك المركزي الأوروبي واضحة: كانت زيادة اليوم الأخيرة ضمن الدورة الحالية”.
ورأى خبير الاقتصاد لدى “برنبرغ بنك” هولغر شمايدنغ، أيضا، أن الزيادة هي الأخيرة للوقت الحالي وأن المصرف المركزي “أشار إلى أنه يتوقع توقفها من الآن فصاعدا لمدة زمنية طويلة”.
وانقسم المراقبون قبل الاجتماع بشأن إن كان المصرف سيرفع المعدلات مجددا أم أنه سيمتنع لفترة فيما أقرت لاغارد بأن بعض أعضاء المجلس الحاكم الذي يضم 26 عضوا أرادوا وقفها، لكنها شددت على أن “أغلبية كبيرة” أيّدت نهاية المطاف رفع المعدلات ولم تكن النقاشات “عدائية”.
ورفع المصرف المركزي توقعاته للتضخم للعامين الحالي والمقبل، ما يسلط الضوء على الصعوبات المتواصلة في السيطرة على أسعار المواد الاستهلاكية. وخفضها بشكل ضئيل لعام 2025 إلى 2,1، وهو معدل أقرب إلى أهداف البنك المركزي الأوروبي.
لكن المصرف خفض أيضا توقعات النمو لمنطقة اليورو على مدى السنوات الثلاث المقبلة، فيما أقرت لاغارد بأن الوضع يتطور إلى الأسوأ.
وقالت: “يرجّح أن يبقى الاقتصاد ضعيفا في الشهور المقبلة.. المخاطر على النمو الاقتصادي تميل إلى كفة تراجعه”.
وكشفت بيانات صدرت مؤخرا أن النمو في الفصل الثاني وصل إلى 0,1 في المئة فقط، أي أقل مما كان متوقعا، فيما خفض الاتحاد الأوروبي الاثنين أيضا توقعاته لإجمالي الناتج الداخلي لعاميْ 2023 و2024 لمنطقة العملة الموحدة، مشيرا على وجه الخصوص إلى ضعف الأداء في ألمانيا.
تكافح أكبر قوة اقتصادية في أوروبا للوقوف على قدميها مجددا بعدما عانت من الركود عند مطلع العام، نتيجة تباطؤ الإنتاج الصناعي وارتفاع تكاليف الطاقة وتباطؤ الصادرات إلى شركاء رئيسيين مثل الصين.
وأثارت البيانات الضعيفة دعوات للبنك المركزي الأوروبي لوقف دورة رفع المعدلات خشية تعميقها الهبوط الاقتصادي.
ويحضّ سياسيون في اقتصادات منطقة اليورو التي تعاني من الديون بما فيها إيطاليا والبرتغال، البنك المركزي على وقف الزيادات.
لكن رغم الزيادة السريعة في تكاليف الاستدانة منذ العام الماضي، ثبت أن التضخم بقي عند مستواه ولم يتغير عن 5,3% في آب/ اغسطس.
وتباطأت زيادات الأسعار منذ مستويات الذروة المسجلة العام الماضي، خاصة بسبب تراجع تكاليف الطاقة، لكن المسؤولين يخشون حاليا أن عوامل أخرى تبقي الضغط قائما، خصوصا زيادة الأجور في سوق العمل في ظل نقص العمالة.
ومن المقرر أن يعقد الاحتياطي الفدرالي الذي أوقف زيادة المعدلات في حزيران/ يونيو قبل أن يرفعها مجددا في تموز/ يوليو، وبنك انجلترا اجتماعاتهما الأسبوع المقبل.