الانصراف عن العمل
من الأمور المتعارف عليها بين زملاء العمل، أن يقوم أحدهم بإثبات حضور زميله على الرغم من غيابه وعدم حضوره إلى مقر العمل، في حين يرفض البعض هذا الأمر ويتجنبون القيام به، لعدم معرفة حكم الدين به، وما إذا كان يجوز فعله أم لا، وغير ذلك من السلوكيات والممارسات التي يفعلها الموظفون داخل المؤسسات وقد يجهل البعض مدى كراهتها أو حرمانيتها.
وبحسب دار الإفتاء، فإنّ هناك بعض الممارسات التي يفعلها البعض داخل المؤسسات تندرج تحت بند الكراهة أو خيانة الأمانة، وتتمثل في الآتي..
إثبات الحضور للزميل الغائب عن العمل
وفي هذا الصدد، ذكرت دار الإفتاء المصرية إنّ إقدام الموظف على إثبات حضور زميله في العمل دون حضوره بالفعل إلى المقر أمر محرم شرعًا ومجرَّمٌ قانونًا؛ لما فيه من الكذب والإخبار على خلاف الحقيقة؛ بتوقيعه لزميله الغائب عن العمل، وكذلك لما يشتمل عليه فعله هذا من التزوير والغش؛ وكذلك خيانة صاحب العمل بإثبات شيء على خلاف الواقع، وفيه تعاونٌ على المعصية.
أما الموظف الموقع له بالحضور دون أن يأتي للعمل، تقول دار الإفتاء إنّه شخص آثم أيضًا لأنه يعتبر خائن للأمانة من خلال التقصير في وظيفته التي تعاقد عليها وائتُمِن على أداء مهامها؛ فإنَّ الموظف يتقاضى راتبًا مقابل عمله وعدم القيام بهذا العمل يجعل الراتب الذي يحصل عليه مقابل الساعات أو الأيام التي ثبت له فيها الحضور دون أن يأتي للعمل لا يحلّ له، بل يعدُّ من باب السُّحت، الذي ورد النهي عنه شرعًا.
وتقول دار الإفتاء إنّ إثبات الحضور في العمل على غير الحقيقة يتنافى مع أداء الأمانة من ناحية أولى، وعدم الوفاء والالتزام ببنود العقد من ناحية ثانية، والتي يأتي في مقدمتها: الالتزام بمواعيد العمل الرسمية.
الانصراف من العمل قبل المواعيد الرسمية
وأضافت دار الإفتاء، أنّ الانصراف من العمل قبل المواعيد الرسمية سواء كان بإذن غير رسمي أو بمأموريات وهمية فيه ضياع للعمل المنوط به، وهذا مخالف للدين؛ لأن الوقت المحدد للعمل رسميًّا حق للعمل لا يجوز الانصراف قبل نهايته إلا لحاجة العمل فقط أو بإذن صحيح من صاحبه، ولا يختلف هذا الحكم من وقت دون آخر في شهر رمضان أو غيره.
وفي ذلك يقول الله عز وجل: «وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ»، وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، والموظف في الحكومة أو غيرها راعٍ في عمله الذي يعمل به وهو مسئول عن ذلك يوم القيامة.
استخدام هاتف العمل في مكالمات شخصية
وأحيانًا ما يستخدم بعض الموظفين بالشركة تليفونات العمل في مكالمات شخصية «نداء آلي، مباشر»، وفي هذا الأمر تقول دار الإفتاء إنّ استعمال التليفونات الخاصة بالعمل في غير ما خُصصت له غيرُ جائزٍ وحرامٌ؛ لما فيه من الإضرار بالمال العام، وعلى ذلك فلا يجوز للعاملين بالمصالح العامة والخاصة أن يستخدموا تليفون النداء الآلي في مكالماتٍ شخصيةٍ إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك، لا سيما وأن هناك نظام الاتصال عن طريق الكروت الخاصة، والضرورة تقدر بقدرها.
الانشغال في وقت العمل الرسمي بأعمال خاصة
وتقول دار الإفتاء إنّ الموظف مُؤتمنٌ على العمل الذي كُلِّف به، ولا يجوز له تركه والانشغال عنه بأعمال خاصة، إلَّا ما كان متَّفقًا عليه عند التعاقد، أو جَرى به العرف؛ كالأعمال التي يقوم بها في وقت الراحة نحو أداء الصلاة المفروضة، وتناول الطعام، فإذا صَرَف العامل وقت عمله في غير ما تعاقد عليه كان مُخِلًّا بعَقْده، مستوجبًا للذَمِّ شرعًا، وللعقوبة قانونًا.
وإذا ما انشغل العامل والموظف في أوقات العمل الرسمية عن الأعمال المكلف بها بأعمال أخرى فإنَّه قد يلحق بالجهة التي يعمل بها ضررًا من تفويت الوقت عليها، وعدم إنجاز المطلوب، وهذا أمر منهي عنه شرعًا، ويدل لهذا ما رواه ابن ماجه في (سننه) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَار».
استخدام سيارة العمل في الأغراض الشخصية
وفي هذا الشأن تقول دار الإفتاء إنّ العامل مؤتمنٌ على العمل الذي كُلف به، ومؤتمن كذلك على ما تعطيه له الدولة أو الجهة التي يعمل بها ولو كانت شركةً خاصة؛ لأنها صاحبة المال والأدوات والآلات التي يتم بها العمل، فلا يَستعمل شيئًا منها إلا للعمل أو ما يتعلق به، وعلى ذلك فلا يجوز استعمال سيارة العمل في الأغراض الشخصية.
تقديم الأعذار الطبية الكاذبة
وأوضحت دار الإفتاء، أنّ من يقوم بتقديم المأموريات والإجازات المرضية الوهمية الكاذبة تهاونًا منه وتكاسلًا، فهذا الأمر مُحرَّمٌ شرعًا ومخالِفٌ قانونًا؛ لما اشتمل عليها من كذب ومفاسد. وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ويرجع عن هذه المعصية، ويسعى في إتقان عمله والقيام بواجبه؛ حتَّى يُحلِّلَ كسبه ويطيب عيشه، ويحرص على خدمة مجتمعه ووطنه.