تحل اليوم الذكرى الخمسين لوفاة طه حسين، الذي يُعتبر واحدًا من أبرز رموز الفكر في القرن العشرين، وقد أصبح رمزًا للأدب العربي بفضل مؤلفاته وكتبه ومساهماته العلمية.. لم تكن السينما بعيدة عن تأثير هذا العبقري الأدبي الذي رحل عنا في 28 أكتوبر عام 1973.
في سن الرابعة، تعرض طه حسين لمرض الرمد الذي سرعان ما أطفأ ضوء عينيه إلى الأبد، ويعزى هذا الحدث المأساوي إلى غياب المعرفة والجهل، حيث لم يتم استدعاء الطبيب بل تم استدعاء الحلاق الذي أوهمه بأنه قادر على استعادة بصره.
على الرغم من فقدانه البصر، قرر الصبي طه حسين الانضمام إلى كتاب القرية لحفظ القرآن، رغم أن البعض اعتبره غير مؤهل لذلك، واستطاع طه حسين تحقيق إنجازٍ باستكمال حفظ القرآن في سن التاسعة، وهو ما هزم توقعاتهم السلبية، بعد أن لاحظوا استثنائيته وتميزه عن أقرانه.
وقرر طه حسين وشقيقه الانتقال إلى العاصمة عام 1902 للالتحاق بالأزهر، الذي كان في ذلك الوقت مركزًا للعلم والمعرفة الدينية، وهناك استفاد طه حسين بشكل كبير من المصادر المتاحة له وروى شغفه بالمعرفة، ولكنه واجه تحديات من الأفكار المحافظة والمناهج القديمة التي لم تتطور، ومع ذلك، استمر طه حسين في بحثه المستمر والتوسع في معرفته، ونجح في الحصول على درجة الدكتوراه عام 1914 عن رسالته «ذكرى أبي العلاء»، وتطرقت هذه الرسالة إلى أفكار المتشددين الدينيين الذين يعتبرون تفكيرًا في الحياة واستنباط أمور جديدة مرفوضًا.
بعد ذلك، قرر طه حسين السفر إلى فرنسا للانضمام إلى جامعة مونبيليه، حيث قضى فترة طويلة هناك، وخلال فترة إقامته، استطاع أن يقارن بين الأزهر والجامعات العربية في ذلك الوقت والجامعات الغربية في مجال التدريس، وأثارت هذا المقارنة انزعاج الكثير من الأشخاص حوله، ومع ذلك كبطل مغامر، أصر على متابعة طريقه دون أن يخشى الانتقادات، وقدم عمله الأول «في الشعر الجاهلي»، الذي اعتمد في كتابته على أسلوب ديكارت.
وفي النهاية، توصل إلى استنتاج أن الشعر الجاهلي كتب في العصر الإسلامي، ولكن تم نسبه إلى العصر الجاهلي لأسباب سياسية واجتماعية، وهذا الرأي أثار غضب بعض الأشخاص تجاه الأديب والمفكر «طه حسين».