الحلم سهل المنال حينما يكون الصبر رفيقا لصاحبه، تلك المقولة التي دائما يؤمن بها باهي عبدالوهاب صلاح من محافظة الاقصر والذي جاء إلي قاهرة المعز للعمل حارسا لأحد العقارات بالدقي، قبل أن يحدد عدة شروط لقبول العمل كـ«بواب»، أبرزها أن يكون أصحاب العقار من محبي فن العود الذي جذب الأربعيني منذ نعومة أظافره لدرجة أنه قرر تعلمه حتي وإن كان هو الوحيد بقريته، وتحقق له ما أراد بالفعل وتعلم الفن وأصبح بارعا في العزف علي العود يشارك سكان العمارة يوميا مقاطع يعزفها بإتقان شديد كما لو كان أحد عمالقة العزف.
الموسيقي تؤنس «باهي» وتطرب السكان وتشغل وقت فراغه، بعدما نزح من صعيد مصر إلى القاهرة حيث العاصمة الصاخبة جالبة الأرزاق من أوسع الأبواب: «كنت شغال في البلد مزراع وبالليل بروح الأفراح أغني في الأفراح والمناسبات وكانت حياتي ماشية كويس لكن كان عندي حلم بتمني تحقيقه».
تعلم العزف على العود تحدي باهي
كثيرا ما تمني «باهي» أن يتعلم العزف علي العود لأنه كان يراه دائما في الأفراح ويطرب من صوته الشجي ما جعله يقرر تعلمه حتي وإن كلفه الأمر الانتقال من بلد مولده إلي مكان قصي: «لازم الإنسان كل يوم يكون عنده تحدي جديد في حياته، وكان التحدي بالنسبة ليا إني اتعلم العزف علي العود وكمان أشتري عود رغم ضيق الحال، وده لأني كنت عايز أضيف لنفسي مهارة جديدة بخلاف العزف علي الطبلة والدف، وفعلا ربنا كرمني وتعلمت».
«باهي»: جئت إلى القاهرة قبل 10 سنوات
عندما جاء «باهي» ومعه أطفاله الصغار إلى القاهرة قبل 10 سنوات قرر العمل حارسا للعقارات فبدأ رحلته داخل عمارة بحدائق الأهرم، ثم عمارة بفيصل، وهناك انزعج سكانها من عزفه على العود: «قالولي هو إحنا قاعدين في كباريه، علشان كده نقلت لعمارة في الدقي ودي اللي أنا فيها حاليا واللي فيها لاقيت سكان بيحبوا العود وعندهم رغبة لسماعه باستمرار لدرجة إنهم فخورين أن معاهم بواب بيعزف عود».
يبدأ يوم «باهي» عند الفجر، حيث يستيقظ ليصلي جماعة ثم بعد ذلك يقوم بتنظيف سيارات السكان، وإن احتاج مدخل العمارة إلى تنظيف يقوم بالمهمة، ثم يجلس طيلة اليوم أمام العمارة، مرةً يُغني على عوده، وأخرى يراقب ما يجري داخل العقار الذي يحرسه ويوفر الخدمات لسكانه: «نفسي عيل من عيالي يتعلم العزف من الصغر لأنه جميل ويهذب النفس، ولأني تعلمت العزف وسني كبير، كان معايا 3 أولاد وقتها وعمري كان 30 سنة علشان كده بحلم إن حد منهم يتعلم وهو صغير».