خلال مسيرات العودة عام 2018، وفي أثناء احتفالات يوم الأسير الفلسطيني، الذي يوافق السابع عشر من أبريل من كل عام، تعرّض الطفل عبد الرحمن نوفل إلى قصف من قِبل قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليكون أصغر طفل يتعرض لبتر قدمه في مسيرات العودة، ومع مرور السنوات، يفتح القدر أبوابه أمام الصغير، ليقرر نادي الزمالك ضمّه لفريق الساق الواحدة.
الزمالك يضم «عبدالرحمن» لفريق الساق الواحد
يامن نوفل والد الشاب الفلسطيني يحكي لـ«» كواليس استقبال نادي الزمالك لنجله في تدريبات الفريق الأول لكرة القدم، بعدما ظهر الصغير في مقطع مسجل تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عند بدء الحرب على غزة، يتحدث خلاله عن حلمه بزيارة نادي الزمالك ومقابلة نجومه المفضلين: «إحنا جينا قبل الحرب بأسبوع وبالصدفة اتقابلنا مع صحفي وسمعه وهو بيحكي عن الزمالك، وهو من زمان كان نفسه يلعب في الزمالك، وقال نفسي أقابل أعضاء الفريق».
ساعات قليلة منذ انتشار مقطع الفيديو، حتى قرر الزمالك تحقيق حلم الطفل الفلسطيني صاحب الـ16 عامًا، وتواصلت إدارة النادي وأعضاء المجلس مع والده وطلبوا منه إحضار «عبدالرحمن» إلى مران النادي، وحظى باستقبال كبير من جميع اللاعبين وأعضاء الجهاز الفني: «استقبلونا والله أحلى استقبال، ولما عرفوا إنّ عبدالرحمن كان بيلعب في منتخب فلسطين للساق الواحدة، قرروا يضموه للفريق، وصار الآن في فريق نادي الزمالك للساق الواحد وهادا شرف لنا».
وعلى الرغم من المأساة التي يعيشها الأب يامن نوفل ونجله «عبدالرحمن» جراء الحرب على قطاع غزة، إلا أنّهم شعروا بفرحة غمرت قلوبهم وتبدّلت أحزانهم بالانضمام لصفوف الفريق الذي لطالما عشقه منذ طفولته: «مقدرش أوصف الفرحة اللي كان فيها ابني رغم الحزن اللي إحنا فيه وحالة الحرب اللي عنّا بغزة، وفاقدين كل التواصل مع أهلنا هناك».
كرة القدم كانت عشق «عبدالرحمن» منذ طفولته، وراح يلعبها بجوار السلك الشائك الذي يفصل بين قطاع غزة وقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، عندما كان في الحادية عشر من عمره، وأثناء اللعب انجرفت الكرة نحو الحدود الفاصلة، فاندفع الصغير ليعيدها مرة أخرى، قبل أن يصيبه قناص من جيش الاحتلال بطلق ناري محرم دوليًا أدى إلى فقدان نحو 15 سم من العظم وتدهورت حالته الصحية بسرعة وأصبحت ميؤوس منها، بحسب وصف الأب.
استدعت حالة «عبدالرحمن» حينها نقله إلى مستشفيات الداخل، في ظل رفض جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما استدعى من أسرته مناشدة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي أمر بدخوله المستشفى، ليقف جيش الاحتلال مرة أخرى عقبة أمام إنقاذ الصغير الذي تنزف جراحه عند حاجز إيريز: «الاحتلال وقتها وقّف عربية الإسعاف ونزلوا عبدالرحمن من الإسعاف وفتّشوا قدمه المصاب لمدة ساعة، مما أدى لوصول التسمم للرئتين عنده، ولما وصل المستشفى في رام الله كانت حالته صعبة فاضطروا يعملوله بتر برجله، وقعد 25 يوم في المستشفى، وبعدها طلع على أمريكا ركّب طرف صناعي هناك وحاليًا بيكمل علاج».
الجمعة أول تمرين لـ«عبدالرحمن» بقميص نادي الزمالك
بتر قدم «عبدالرحمن» حالت بينه وبين كرة القدم، وتوقف عن اللعب لعدة سنوات، لترتفع معنوياته مرة أخرى بعد الإعلان عن تشكيل فريق كرة القدم للساق الواحدة في فلسطين لأول مرة، فكان أول المنضمين للمنتخب الفلسطيني عند بلوغه الرابعة عشر من عمره، وحاليًا يستكمل علاجه مع الأطباء داخل مصر: «عبدالرحمن كان عامل عملية في شهر 1 في مصر، ورجعنا على غزة في شهر 4، وجينا على مصر تاني يوم 1 أكتوبر قبل الحرب بأسبوع عشان الدكتور يشوفه».
ويقول الأب الفلسطيني يامن نوفل، إنّه منذ بدء الحرب على قطاع غزة، فقد نحو 75 فردًا من عائلته جراء القصف، وبالكاد يستطيع التواصل مع زوجته وأبنائه الثلاث الذين يتواجدون حاليًا بالقطاع: «إحنا عايشين مرحلة حزن وهو بعيد عن أمه وأهله، وعايشين لحظات رعب كل ما نسمع إن فيه قصف بالمنطقة، لأنّ في أي وقت ممكن أشوف صورة زوجتي أو ولادي بين الشهداء، وآخر مرة تواصل مع أسرتي كانت قبل أسبوع، ولكن أخواتي الاتنين معرفش عنهم حاجة».
ومن المقرر أن يكون يوم الجمعة أول تمرين لـ«عبدالرحمن» بقميص نادي الزمالك وفقًا لوالده، الذي عبّر عن فرحتهما قائلًا: «عبدالرحمن كان مبسوط كتير برغم إنه بعيد عن أمه وأهله، وبغض النظر أنّه دخل النادي لكن الشعب المصري للأمانة ينحط فوق الراس، يكفي وين ما نروح أول ما يعرفونا أننا من غزة ياخدونا بالحضن، كل الاحترام والتقدير للشعب المصري، وفلسطين ومصر دم واحد وشعب واحد».