أكدت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أنّ حماس لا تزال تجني الفوائد من “طوفان الأقصى” التي شنّتها على الاحتلال الإسرائيلي، في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مشيرةً إلى أنّ الحركة تُعدُّ “الفصيل الفلسطيني الوحيد الذي حصل على تنازلات من إسرائيل منذ سنوات عديدة”.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ الحركة ألقت “بظلال دموية على خطط إسرائيل لتحسين العلاقات مع العرب”، وأعادت القضية الفلسطينية إلى “جداول أعمال زعماء العالم”.
وبعد مرور أكثر من شهرين على العدوان الإسرائيلي على غزة، وعلى الرغم من “تعهّدات” المسؤولين الإسرائيليين تدمير حماس، لم تستطع “إسرائيل” قتل كبار قادتها، أو إطلاق سراح الأسرى المتبقين في القطاع، أو تقديم أدلة مقنعة على أنّها قادرة على تحقيق هدفها المتمثل في القضاء على الحركة، وفقاً للصحيفة.
أما في حسابات حماس، فإنّ “ارتفاع سقف أهداف إسرائيل يشكّل ميزةً إضافيةً للحركة”، وفق ما رأت الصحيفة، موضحةً أنّ حماس “يمكنها إعلان النصر بمجرد بقائها تقاتل”، مع تمسّكها بهدفها البعيد المدى، المتمثّل في تدمير “إسرائيل”.
ونقلت “نيويورك تايمز” عن محلل سياسات الشرق الأوسط، أحمد فؤاد الخطيب، قوله إنّ “إسرائيل ستكون عالقة في هذه الحرب التي لا يمكن الفوز فيها، والتي ستتسبب بموت ودمار هائلين”.
ووفقاً لها، فإنّ ما يمكن أن تحققه “إسرائيل” بالضبط يبقى “سؤالاً مفتوحاً”، مبينةً أنّ مجرد مواصلتها الحرب قد يضرّ باقتصاد الاحتلال و”مكانته الدولية”، في حين يتشجّع جيل جديد من الفلسطينيين على كراهية “إسرائيل”، وهذا كله يعود بالنفع على حماس.
وعلى الرغم من الوحشية الإسرائيلية التي لم يسبق لها مثيل منذ عقود من الزمن، لا يزال مقاومو حماس وغيرها من فصائل المقاومة الفلسطينية يهاجمون القوات الإسرائيلية المتوغلة في قطاع غزة، حيث قتلوا ما يزيد على 90 جندياً إسرائيلياً، كما تابعت الصحيفة.
كذلك، أشارت “نيويورك تايمز” إلى أنّ التنسيق بين أعضاء حماس، داخل غزة وخارجها، مستمر، وهو ما سمح للقادة المقيمين في قطر بالتفاوض على تبادل الأسرى، وهو تم تنفيذه لاحقاً.
ولفتت أيضاً إلى عمل الفرق الإعلامية التابعة لحماس، إذ تصدر تحديثات الأخبار وبيانات القادة ومقاطع الفيديو للهجمات والمدنيين الذين يستشهدون من جراء الغارات الإسرائيلية، وينقل مسؤولو الحركة في تركيا ولبنان وجهات نظرهم إلى الصحافيين والديبلوماسيين.
وفي هذا الإطار، أشارت الصحيفة إلى ما قاله ممثل حركة حماس في لبنان، أحمد عبد الهادي، معتبراً أنّ “طوفان الأقصى” تمثّل “نقلةً نوعيةً” في الصراع ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، وأنّ حماس والفلسطينيين “قبلوا التضحيات اللازمة لإبقاء القضية الفلسطينية حية”.
وعلى الرغم من أنّ ثمة “الكثير من الرعب” بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة، أصبحت حماس الآن، “بلا شك، زعيمة الوطنية الفلسطينية”، كما رأى المحاضر في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، عبد الجواد حمايل.
وبحسب ما تابع ونقلت عنه “نيويورك تايمز”، فإنّ حماس من خلال “طوفان الأقصى” وتحرير 240 أسيراً فلسطينياً من السجون الإسرائيلية، “طغت على السلطة الفلسطينية المعترف بها دولياً”.
بالإضافة إلى ذلك، قالت الصحيفة إنّ مراقبين أشاروا إلى أنّ القادة الإسرائيلين والغربيين “سارعوا إلى افتراض أنّ إسرائيل قادرة على تدمير حماس”.
وفي هذا الصدد، تناولت “نيويورك تايمز” تحليلاً بعنوان “إسرائيل قد تخسر”، نشره نائب الرئيس الأول لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، جون ألترمان، بعد شهر على مرور الحرب.
وفي تحليله، قال ألترمان إنّ الحرب قد تخدم أهداف حماس الطويلة الأمد، من خلال سحب الدعم من السلطة الفلسطينية إليها. وهذا بدوره “يزيد عزلة إسرائيل” عن دول العالم العربي ودول الجنوب، و”يعقّد علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا”.
وفي مقابلة أجريت معه الأسبوع الماضي، قال ألترمان إنّ خطر حصول هذه النتيجة لا يزال قائماً.
رجعت الصحيفة أيضاً إلى التاريخ حيث فشل الاحتلال الإسرائيلي في تدمير أعدائه، كما حصل في حرب تموز ضدّ لبنان، عام 2006، مشيرةً إلى أنّ المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله – عادت بقوة في السنوات التالية.
أما في قطاع غزة، فشنّ الاحتلال أيضاً 3 حروب كبرى ضدّ حماس والمقاومة الفلسطينية، منذ عام 2008، إلا أنّ أياً منها لم يمنع حماس من إعادة التسلح والاستعداد للـ7 من تشرين الأول/أكتوبر.
وأشار الخطيب في حديثه للصحيفة إلى قتل الاحتلال قادةً كباراً من حركة حماس، ولذلك “كان لديه انطباع بأنّ حماس كانت ضعيفةً”، إلا أنّه أقرّ بأنّه كان مخطئاً، مشيراً إلى “مدى مرونة الحركة، وقدرتها على التكيّف، وستجد بطريقة أو بأخرى طريقةً لإعادة تشكيل نفسها”.