ليالي “رعب وذل”.. شهادات ناجين من قبضة الجيش الإسرائيلي بغزة

لم يصدق عدد من الفلسطينيين أنهم ما زالوا على قيد الحياة بعد مرور 4 أيام عصيبة عاشوها في قبضة الجيش الإسرائيلي الذي اعتقلهم من منازلهم في حي الزيتون شرق مدينة غزة.

وروى فلسطينيون نجوا من موت محقق جراء ما وصفوه بـ”حالة التعذيب والحرمان والترهيب المستمر”، كواليس اعتقالهم من قوات الجيش الإسرائيلي التي وصلت إلى مدينة غزة.

وبعد وصولهم إلى منطقة جنوبي القطاع مصابين بجروح وكسور، بدت على الفلسطينيين المفرج عنهم حالة من الصدمة والذهول جراء ما عاشوه من تفاصيل قالوا إنها “قاسية ومرعبة” خلال الأيام الأربعة.

ولم يتسن لمراسلة الأناضول معرفة عدد المعتقلين آنذاك ولا عدد المفرج عنهم أو المفقودين.

ويواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ هجمات واسعة على جميع مناطق قطاع غزة جوا وبرا وبحرا.

وتتمركز القوات الإسرائيلية بشكل كثيف في مناطق بلدة جباليا ومشروع بيت لاهيا (شمالي القطاع) والأطراف الشرقية لحيي الشجاعية والتفاح (شرق مدينة غزة) والأطراف الشمالية والغربية لحي الشيخ رضوان (شمالي مدينة غزة).

كما توجد الدبابات الإسرائيلية في حي الزيتون (جنوب شرق مدينة غزة) وأجزاء من حي النصر (غرب) وأجزاء شمالية غربية وجنوبية غربية من حيي الرمال وتل الهوى، غربي مدينة غزة، وفق شهود عيان ومصادر محلية.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلّفت حتى مساء السبت، 17 ألفا و700 شهيد، و48 ألفا و780 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية، و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.

** إذلال وتعذيب

الفلسطيني أسامة عودة أحد سكان حي الزيتون الناجين من قبضة الجيش، قال للأناضول، إنهم عاشوا أياما من الإذلال والتعذيب خلال فترة الاعتقال.

وأضاف: “حينما دخل الجيش إلى المنطقة التي نتواجد فيها، بدأ بإطلاق نار عشوائي صوب النوافذ، ثم شرع في تجريف الأراضي حتى وصل إلى مكان المنزل”.

وأوضح أن قوات من الجيش عمدت إلى تفجير باب المنزل تمهيدا لاقتحامه رغم تواجد أعداد من النازحين والساكنين داخله، من بينهم أطفال.

وبعد أن اقتحم المنزل بطريقة مرعبة، على حد وصفه، طلب من الرجال الخروج منه بشكل منفرد ومجردين من ملابسهم الخارجية.

وأكمل: “طلبوا منا الخروج بالملابس الداخلية فقط رغم برودة جو الشتاء، في حالة من الإذلال”.

هنا بدأت فصول التعذيب، اقتاد الجيش الإسرائيلي الرجال الفلسطينيين الذين كان من بينهم فتية إلى أرض خالية تتصدرها المدفعيات الإسرائيلية والسواتر الترابية التي تحميها.

وقال عودة وهو يمسح على كفيه اللذين انتفخا بشكل ملحوظ جراء تكبيله بمرابط يقول إنها حديدية: “كبلونا وشدوا وثاق التكبيل على المرفق، وطلبوا منا أن نجلس على ركبنا”.

وأضاف: “تعرضنا لتعذيب كبير وشديد، بالركل والضرب على البطن والجسد”.

وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي “قتل حتى الطيور التي في المنازل”.

ولفت إلى أن الجيش بعد ساعات وضعهم داخل مخزن في أحد المنازل التي تحصن فيها فيما اقتاد عددا من الشبان إلى مكان آخر.

** الدفن أحياء

بعد مدة، اقتاد الجيش مجموعة تقدر بنحو 20 شابا إلى أرض منخفضة مجاورة، وفق الفلسطيني عودة.

وأضاف: “بدأ الجيش برمي الشبان في الأرض المنخفضة، وبدأت الجرافة برمي الرمال عليهم حتى تم دفنهم أحياء”.

وأوضح أن أصوات صراخ كانت تصلهم من المكان، لكن بعد مرور خمس دقائق انقطع الصوت.

واستدرك: “أخرجهم الجيش بعد ذلك، لكن كانوا منهكين جدا ويعانون من كسور في الجسد”.

** من دون مياه ولا طعام

يقول الفتى أحمد أبو راس (14 عاما) أحد الناجين من الاعتقال، إنهم عاشوا أياما عصيبة في قبضة الجيش الإسرائيلي.

وأضاف للأناضول، أنهم تعرضوا لتعذيب كبير خلال الأيام الأربعة التي قضوها “بلا ماء ولا طعام ولا السماح لهم بدخول المرفق العام (الحمام)”.

كما تعرضت القوات للمعتقلين بـ”إطلاق الشتائم والسباب المهين”، وفق قوله.

وفي آخر أيام الاعتقال، قدّم الجيش الإسرائيلي لهم شربة قليلة من المياه قال أبو راس إنها “لا تكفي لسد عطش عصفور”.

كما اقتاد الجيش عددا (غير محدد) من المعتقلين بواسطة شاحنة إلى منطقة جنوب مدينة غزة، فيما أغرقوهم بالمياه خلال رحلة الوصول وسط برودة الجو.

كما عمدت المركبة على السير بسرعة كبيرة من أجل ترهيب المعتقلين، بحسب أبو راس.

من جانبه، قال الفتى يزيد العرقان إن الجيش قدم لهم المياه بـ”غطاء الزجاجة البلاستيكية فقط”.

وأضاف للأناضول: “تعرضنا للضرب والركل، كما كسر الجيش الزجاج على المعتقلين”.

ولفت العرقان إلى أن الجيش اقتادهم في اليوم الأول من الاعتقال لمخزن فيه أكياس أرز، وسكبوا الأرز على الأرض وجعلهم يمشون عليه حفاة.

وأفاد عدد من المعتقلين بصعوبة المشي على الأرز بما سبب لهم آلاما كبيرة وجروحا في الأقدام.

** ضرب وركل

الفلسطيني نمر أبو راس الذي اعتقله الجيش من المنطقة نفسها، قال إنهم قرروا الاستسلام ورفع الأعلام البيضاء لضمان سلامتهم حينما وصلت القوات الإسرائيلية إلى المكان.

وأضاف للأناضول: “فور خروجنا بالعلم الأبيض، وجه الجيش مدفع الدبابة صوبنا، وهنا بدأنا الصراخ أن برفقتنا أطفالا”.

وبعد ذلك، بدأ الجيران بالخروج من منازلهم بالطريقة نفسها خوفا من القتل أو قصف المنازل على رؤوسهم.

وتحت ترهيب الكلاب البوليسية، طلب الجيش الإسرائيلي من الرجال خلع ملابسهم والبقاء بالسراويل الداخلية فقط.

وتابع أبو راس: “بعد ذلك قاموا بفرزنا، لم نفهم ما هو المعيار لكن كانوا يقولون لنا (أنت حماس)”.

وأشار إلى أن قوات من الجيش كانت تسحب الرجال على الأرض والرمال والحديد كأنهم يسحبون “الدواب”، وفق توصيفه.

وفي ساعات الليل، وبعد خلود المعتقلين إلى النوم قسرا هربا من التعب يتعرضون لضرب من الجيش على الوجه أو ركل للجسد، وفق أبو راس.