الفشل الأمريكي في مسار السقوط والمساحيق الفاسدة لتجميل الصورة..

أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي جو بايدن حول الجرائم الإسرائيلية في غزة والتي كان فحواها بأن اسرائيل باتت تفتقد دعم المجتمع الدولي بسبب الممارسات الاسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين شهية العالم بشقيه السياسي والإعلامي فهناك من رأى في هذا التصريح تغير في الموقف الأمريكي حيال حرب الإبادة الجماعية  التي تخوضها اسرائيل بحق أهلنا في غزة ، الا ان هذه التصريحات لابد أن تقرأ بطريقة واقعية مبنية على الفكر الأمريكي واستراتيجياته من هنا نذهب لقراءة هذا التصريح والخلاف الذي بدا واضحا بين الرئيس بايدن ونتنياهو الذي عبر كل منهما عن تاريخه وحاضره الإجرامي ، لناحية الإحراج الذي وقعت به الادارة الأمريكية عالميا من خلال دعمها اللامتناهي للكيان منذ وجوده حتى يومنا هذا ولناحية شراكتها المباشرة في هذه الحرب التي عرت المبادئ التي حاولت امريكا ان تكون عناوين قيادتها للعالم الحر المبني على شعارات الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية ، الا أن الدم الفلسطيني الذي يسفك وسفك على مدى عقود مضت انتصر على آلة القتل الامريكية والاسرائيلية وانتصر على مستوى الرأي العام الدولي الذي شكل عامل ضغط على الحكومات في هذا العالم الذي يتغنى بشعارات ليست سوى ادوات لتحقيق غايات استعماره في حقبة ما بعد الاستعمار .

اراد الرئيس الأمريكي من خلال تصريحه هذا أن يقدم رواية تخفف  من سخط الرأي العام  العالمي والامريكي على وجه الخصوص حيال ادارته التي تدير هذه الحرب على غزة وتقدم القنابل التي يسفك بها الاسرائيلي رؤوس الأطفال والمدنيين التي وضعته أمام أزمة حقيقية  أراد أن يديرها بكلمات جوفاء تفتقد للحقيقة والموقف ، الدعم الامريكي للكيان لم يتوقف ولن يتوقف وتحاول التغطية على جرائم هذا الكيان بتغيير رئيس الحكومة نتنياهو بدلا من ايقاف تدفق السلاح الامريكي للكيان واجباره على ايقاف هذه المذابح بحق أهل الأرض.

فكل رهان على تغير في الموقف الأمريكي حيال الكيان الاسرائيلي هو رهان خاسر، ولنا أن نسأل هل كان بايدن يصرح هذا التصريح لو انتصر الكيان بتحقيق أهدافه في غزة المتمثلة بالقضاء على حماس وتهجير ابناءها ؟ بالطبع لا.
النصر الذي حققته المقاومة والدم الفلسطيني الطاهر والعجز الاسرائيلي عن تحقيق اي من أهدافه هي من عرت امريكا والغرب واجبرت قادة عرب على أن يذهبوا ليصوتوا في مجلس الأمن على وقف المذابح الاسرائيلية في غزة.
واذ ما ذهبنا لطريقة إدارة البيت الابيض لهذه الأزمة وقرارها بأن الحل بالتخفيف من حدة الرأي العام ضدها يكمن في ازاحة النتياهو ولأننا نعلم بأن في علم الادارة بالأزمات لا تعزل قيادات وهذا القرار يؤكد حجم الأزمة التي تعيشها أمريكا التي نالت من سمعتها على المستوى العالمي وهذا يثبت انتصار الدم الفلسطيني على امريكا والغرب والصهاينة حتى على بعض الحكام في الأمتين العربية والاسلامية حيث الأقوال في مكان والأفعال في مكان آخر.
وما الحديث عن رغبة اسرائيلية بالعودة الى المفاوضات الا نتيجة لفشلها المتكرر في احراز اي تقدم بل على العكس في كل يوم تزداد خسائر الكيان وفي عدة جبهات على المستوى الداخل الفلسطيني فهناك قيادات تقتل على يد المقاوم الفلسطيني وهذا ما عبرت عنه صحيفة يديعوت احرنوت بقولها جنودنا أمام أمام خيارين اما الموت في شوارع غزة او الانسحاب ، ولعل هذا التصريح يعبر عن الخسائر الكبيرة التي يتكبدها جيش العدو في الميدان ويعطي ادلة دامغة عن بسالة المقاومة وأنها ما زالت مسيطرة على الارض المعركة وهي من ترسم الخطوات في الميدان والسياسة حيث المفاوضات التي تشي برغبة اسرائيلية أمريكية بأخذ ما لم تحققه في الميدان من خلال المفاوضات.
وهذا نهج أمريكي في التفاوض كنا قد عرفناه في سورية وفي اكثر من ساحة أخرى وهنا اتوجه بالقول للأخوة في الميدان بان من يرسم مسار اي عملية تفاوضية هو أرض المعركة وأنتم حققتهم انجازات وكبدتم هذا العدو خسائر لم يكن يتخيل للحظة بأنه سيأتيه يوما وهو مكسور ومعزول لذا لا تقبلوا بأي تفاوض لا يثبت انجازاتكم خلال هذه الحرب الكبرى، ولا تقبلوا بوسيط غير نزيه فكلا الجانبان القطري والمصري يعملون على تأمين مصالحهم مع الامريكي والغربي على حساب الدم الفلسطيني.
في فن المفاوضات لا يوجد الا رابح رابح أو رابح خاسر تريد امريكا واسرائيل وضع المقاومة في مكان الخاسر حيث يتم اخذ الاسرى الصهاينة دون اطلاق سراح كل الاسرى من ابناء فلسطين وهذا كان وما زال مطلب المقاومة الفلسطينية.
أي مفاوضات لا تقطف ثمار التضحيات الجسام لأبناء غزة ونحن نتحدث عن ١٩٠٠٠  شهيد فهي مضيعة للوقت ، يجب ان تكون العناوين العريضة لأي مفاوضات مرتكزة على:
النصر الذي حققته المقاومة ومن خلفها الشعب الفلسطيني.
ربح معركة الرأي العام العالمي الملتف حول ابناء فلسطين والقضية الفلسطينية.
محور المقاومة الذي نجح في استهداف المصالح الامريكية والاسرائيلية ويكبد الاسرائيلي خسائر فادحة اقتصادية وعسكرية.
الدور اليمني الكبير الذي يهدد حركة الملاحة الدولية والتجارة العالمية كون معظم دول العالم لها شراكات واتفاقيات اقتصادية مع الكيان وهذه ورقة تستطيع المقاومة ان تبني عليها أي عملية مفاوضات هدفها ايقاف العدوان الامريكي الاسرائيلي وتساهم بفرض المقاومة لشروطها في هذه الحرب وهذا ما اكده قائد البحرية الاسرائيلية السابق اليعيزر ميروم بقوله الحصار البحري على اسرائيل سيؤثر على الاقتصاد الاسرائيلي برمته.
عدم قدرة الرئيس جو بايدن وأجنحته على تحمل كلفة دعمهم للكيان المهزوم وهم على اعتاب الانتخابات الرئاسية الامريكية ، والأصوات الخارجة من البيت الابيض التي تدين هذا الدعم الغير مشروط لاسرائيل الذي أضر بسمعة أمريكا بشكل كبير ناهيك عن المطالبات الآتية من الكونغرس المطالبة بعزل بايدن.
كل هذه أوراق قوة بيد المقاومة تستطيع ان تفاوض بها لتستطيع ترجمة نصرها في الميدان الى مكتسبات سياسية وتمنع اسياد العدوان من تفريغ انجازات طوفان الاقصى من مضامينه التي سيترتب عليها متغيرات اقليمية ودولية.
باحثة في العلاقات الدولية – دمشق