انتقدت صحيفة (هآرتس) العبرية ممارسات غلعاد أردان، سفير الكيان بالأمم المتحدة، حيث رفع الأخير لافتةً تحمل رقم هاتف يحيى السنوار، مرفقة بعبارة “إذا كنت تريد وقف إطلاق النار، فاتصل به”.
واعتبرت الصحيفة أنّ هذا “يجلب العار لإسرائيل ويصورها في موقف مثير للسخرية”، مضيفة “من المؤسف أنّه في مثل هذا الوقت الحرج، لم يكن هناك أيّ تفكيرٍ في إرسال هذا السفير الطفولي إلى الوطن واستبداله بشخصٍ ذي مكانةٍ لتمثيلنا بطريقة أكثر كرامة”.
وجاء في مقال المُحلِّلة السياسيّة كارولينا ليندسمان: “خلال اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة الدعوة إلى وقفٍ فوريٍّ لإطلاق النار في غزة، رفع إردان لافتةً تحمل رقم هاتف يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة. وقالت: “إذا كنت تريد وقف إطلاق النار، فاتصل به”. (وبالمناسبة، كان الرقم هو رقم المكتب الإعلامي لحماس).
وتابعت: “لقد كانت لفتة طفولية تفوح منها رائحة محاولة الإبداع، مأخوذة من كتاب قواعد اللعبة عالي التقنية الذي يتم فيه تعليم رواد الأعمال الشباب أنه ليس لديهم سوى بضع ثوان لبيع فكرة. وقد بعثت هذه الحيلة برسالة مفادها أنّ إسرائيل تحاول حشد الدعم تمامًا كما يجمع المرء رأس المال، ممّا يعني أنّ الدبلوماسية بالنسبة لإسرائيل هي فرع من فروع التسويق”.
وأكّدت: “بكلّ إنصاف، يجب على المرء أنْ يعترف بأن أسلوب إردان ليس مجرد تعبير عن نضجه العقلي. إنّ اختياره المستمر للحيل (دعونا لا ننسى نجمة داود الصفراء التي ارتداها كعلامة على الاحتجاج، مما أدى إلى وضع دولة إسرائيل إلى وضع معسكر الموت) يدل على قضية أوسع، وهي أنّ المخابرات الإسرائيلية محاصرة داخل عقلية الهسبارا (الدعاية) التي “تشرح” إسرائيل. يبدو أنّ إسرائيل تعتقد حقا أنّها تستطيع إزالة المشاكل من خلال عرض “عبقري” أو آخر. بعد كل شيء، نحن نعيش في عصر نتنياهو، مايسترو العروض”.
وأضافت: “ربّما كان المرء يتوقع أنّ موجة العنف التي اجتاحت إسرائيل بأكتوبر كانت ستحطم فقاعة الهسبارا. في الواقع، هذا ما بدا أنه حدث في البداية. التزمت الحكومة الصمت، بينما حاولت وسائل الإعلام والجمهور فهم ما كان يحدث. ويبدو أن أعضاء مجلس الوزراء، الذين لم يتوقفوا عن الكلام حتى ذلك الحين، قد ابتلعوا ألسنتهم، مختبئين بعيدًا عن الرأي العام”.
وأكّدت أنّهم “كانوا يشعرون بالذنب والعار. كان هذا قبل بدء العملية البرية، عندما كان الخوف والرعب في الهواء. ربما لم تكن المخابرات العسكرية تعرف ما يجري؟ ربما نحن أقل قوة مما كنا نظن؟ أقل ذكاء؟ ربما هناك فرصة أن نخسرها؟”.
ورأت الكاتبة: “لم تعد إسرائيل في تلك المرحلة. لقد تغيّر شيء ما في اللحظة التي اجتاح فيها الجيش الإسرائيليّ قطاع غزة وعبرت إسرائيل حاجز الخوف. تراجع التفكير وعاد الذكاء إلى منطقة الراحة في هسبارا. اختفت أي شكوك قضم. لا يوجد حقًا أيّ نقاشٍ بين الأشخاص الذين يُفكِّرون بشكلٍ مختلفٍ، يبدو أنّ لا أحد يفكر، وقد تمّ إسكات الرغبة في فهم ما حدث من خلال التفسيرات المعدة مسبقًا، من قبل الدعاية”.
وأوضحت: “إسرائيل ليست مستعدة حقًا للجلوس مع الشكوك التي اندلعت في 7 أكتوبر، أوْ لطرح الأسئلة الكبيرة. وهذا يفسر جزئيًا رفض مناقشة أيّ سياقٍ، مع ازدراءٍ جماعيٍّ سائد لكلمة “السياق” نفسها. كما لو أنّ ما تفعله إسرائيل في غزة الآن غير مبرر في نظرها بسبب سياق 7 أكتوبر. هل ردود الفعل الإسرائيلية وحدها موجودة في سياق يبررها؟”.
وشدّدّت على أنّ “إسرائيل تُفضِّل الدبلوماسية العامة على النقاش الحقيقي، لأنّها ليست مستعدةً لنقاشٍ حقيقيٍّ. ليس لدى إسرائيل فكرةً عن ماهيتها، وإلى أين هي ذاهبة، وما هي الرؤية التي لديها للمستقبل في علاقاتها مع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت حكمها العسكري”.
وخلُصت: “إسرائيل غيرٌ مستعدّةٍ للحديث عن السياق لأنّها ترفض تقاسم المسؤولية عمّا حدث لها، مفضلةً أنْ ترى نفسها ضحيةً يهوديّةً تُواجِه موجةً عفويةً من معاداة السامية، كما لو أنّ المجموعة التي تهاجمها يمكن أنْ تكون بنفس السهولة مجموعةً متعصبةً من بلجيكا، بدلاً من تحمل عبء المسؤولية الثقيل. بدونها سيكون من المستحيل تغيير الواقع. لذلك ربما، فقط اتركوا إردان حيث هو بعد كل شيء”.