كشف تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني، تفاصيل إعدام قوات الاحتلال الإسرائيلي عائلة “الخالدي” الفلسطينية داخل منزلها المحاصر في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، حيث استهدفتهم غارة للاحتلال ظهر الخميس 21 ديسمبر/كانون الأول 2023.
قبل الغارة سارعت عائلة الخالدي إلى الطابق الأرضي من منزلها، حين كانت القوات الإسرائيلية تقصف بالقرب منه، مُعتَقِدَةً أنَّه سيكون المكان الأكثر أمناً، قبل أن تستهدف غارة جوية المنزل المجاور عند حدود الساعة الواحدة ظهراً، ما أسفر عن استشهاد بعض الجيران وجرح فاطمة الخالدي، وهي أم لطفلين.
لكن في هذه المرحلة كان الأوان قد فات للفرار أو محاولة الوصول إلى المستشفى، إذ كانت الدبابات الإسرائيلية تطوق المنطقة، وكان الجنود يقتربون أكثر، ثمّ وصلوا عند حدود الساعة الثامنة مساءً.
“لم يميّزوا بين كبير وصغير”
في السياق، قال فهد الخالدي، صهر فاطمة، والذي كان في جنوب غزة في ذلك الوقت: “ألقوا قنبلتين يدويتين داخل المنزل دون أي اعتبار للنساء والأطفال وكبار السن النائمين”.
أضاف الخالدي، راوياً ما حدث كما أخبره لاحقاً شقيقه محمد: “ثم فتحوا النيران مباشرةً على الناس وبطريقة عشوائية، دون تمييز بين صغيرٍ وكبير”.
نتيجة لذلك استُشهِد خمسة أشخاص على الفور، بينهم أحمد، وهو شقيق فهد الآخر وزوج فاطمة، بينما أُصيبَ أحد طفليهما، فيصل.
ووفقاً لفهد قال الجنود: “فليخرج كل مَن بقيَ حياً من الغرفة الآن”، ثُمَّ اصطف الناجون، ومن بينهم شقيق فهد الأكبر محمد، في ساحة المنزل، قبل تجريدهم من ملابسهم.
وبعد إخضاعهم للتفتيش والاستجواب حصلوا على توجيهات محددة من الجنود بالفرار إذا ما كانوا يرغبون في الحياة.
غادروا خوفاً على حياتهم، وتركوا وراءهم أولئك القتلى والجرحى.
تُركت تنزف حتى الموت
قال فهد: “عاد الجنود بعد ذلك إلى الغرفة وأعدموا كل الجرحى”، وتُرِكَت فاطمة، التي كانت حاملاً، لتنزف حتى الموت.
وقد نجا فيصل، ابنها البالغ من العمر 4 سنوات، والذي أُصيب في الهجوم، ونُقِلَ لاحقاً إلى مستشفى الشفاء.
وهناك صُدِمَ عمه محمد لسماع أنَّ الصبي كان بحاجة إلى ست عمليات جراحية لم يكن الأطباء بمستشفى الشفاء يملكون الموارد لإجرائها.
ووفقاً لفهد، كانت أمعاء فيصل ومثانته ممزقة، ولا يزال في حالة حرجة بمستشفى الشفاء.
أضاف: “نشرتُ العديد من المناشدات على مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال صحفيين، وحاولتُ التواصل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أجل نقل فيصل إلى مستشفى آخر في الجنوب، لكن كل ذلك دون جدوى”، وتابع: “كل ما نريده الآن هو علاج فيصل بصورة عاجلة”.
إعدامات ميدانية
بعد يومين من المواجهة المروعة عاد محمد إلى المنطقة، عقب انسحاب القوات الإسرائيلية منها، وقد أحصى جثث 8 أشخاص بالمنزل، بينهم أحمد، وفاطمة، وعمه المسن الكفيف، وزوجته، وآخرون.
وأكَّد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قصة عائلة الخالدي، ويقول المرصد إنَّه وثَّق العديد من الإعدامات الميدانية المشابهة على يد القوات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة.
الآن فيما تنسحب القوات الإسرائيلية من بعض المواقع، يكشف السكان الناجون تفاصيل الجرائم الصادمة المرتكبة بحقهم.
137 فلسطينياً على الأقل أعدمهم الاحتلال
بدوره قال المكتب الإعلامي الحكومي، السبت 23 ديسمبر/كانون الأول، إنَّ لديه شهادات حول 137 فلسطينياً على الأقل أعدمتهم القوات الإسرائيلية شمالي قطاع غزة.
وأضاف المكتب الإعلامي أنَّه في بعض الحالات جرى صفّ مجموعات من الناس في حفرة حفرتها القوات الإسرائيلية، قبل إطلاق النار عليهم ودفنهم في مقابر جماعية.
وتضمَّنت حالات أخرى قتل نساء حوامل كُنَّ في طريقهن للمستشفى ويُلوِّحنَ بأعلامٍ بيضاء، وكذلك إطلاق النار على رجال وقتلهم أمام عائلاتهم.
وقال المرصد الأورومتوسطي إنَّه وثَّق تسع حالات مختلفة على الأقل لمجموعات من المدنيين جرى إطلاق النار عليها وقتلها دون أن تُشكِّل خطراً على القوات الإسرائيلية.
من جانبه، قال مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأسبوع الماضي إنَّه “تلقى معلومات مزعجة” بشأن إحدى حالات الإعدامات الميدانية المزعومة.
وقالت الوكالة الأممية إنَّه جرى تأكيد حالات القتل، لكنَّ التحقق من الملابسات لا يزال جارياً.
وقالت المفوضية في بيان لها: “يتعين على السلطات الإسرائيلية أن تجري على الفور تحقيقاً مستقلاً وشاملاً وفعالاً في هذه الادعاءات، وإذا ما ثبتت صحتها يتعين تقديم أولئك المسؤولين عنها للعدالة”.
أضافت أنَّ وقوع عمليات القتل “يثير القلق بشأن الارتكاب المحتمل لجريمة حرب”، ويأتي “عقب مزاعم سابقة بشأن الاستهداف المتعمد وقتل المدنيين على يد القوات الإسرائيلية”.