ثــم يـســـألــون: لـمــاذا يـكــرهــونـنــا؟! عماد الدين حسين

ثــم يـســـألــون: لـمــاذا يـكــرهــونـنــا؟! عماد الدين حسين

2023 Dec,28

يوم الإثنين الماضي، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن وصول 230 طائرة و20 سفينة تحمل أسلحة وذخائر ومعدات عسكرية من الولايات المتحدة إلى إسرائيل، منذ بداية العدوان على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي.
هذا الجسر الجوي المفتوح هو العامل الأساسي في جعل إسرائيل تقتل 20674 فلسطينياً وتصيب 54000 آخرين، إضافة إلى آلاف المفقودين وتدمير معظم مباني القطاع، وتحويل نحو 85% منه إلى نازحين.
العديد من المسؤولين والإعلاميين والكتاب والمواطنين في الولايات المتحدة كانوا يسألون كثيراً: لماذا يكرهنا العرب والمسلمون، خصوصاً بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 التي دمرت بُرجَي التجارة في نيويورك وهاجمت مبنى وزارة الدفاع في "البنتاغون" بواشنطن على أيدي عناصر تنظيم القاعدة المتطرف.
لا أحد عاقل طبعاً يؤيد الإرهاب أو استهداف المدنيين من أي دين أو ملّة أو جنس، وهجمات 11 سبتمبر كانت فعلاً إرهابية وينبغي إدانتها بأشد الكلمات.
لكن المشكلة أن أميركا من يومها لم تحاول بجدية الإجابة عن السؤال المهم، وهو: لماذا يكره كل الفلسطينيين ومعظم العرب والمسلمين السياسات الأميركية فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي؟
من المهم جداً التفريق بين السياسات الأميركية الظالمة من غالبية الإدارات الأميركية المتعاقبة المنحازة لإسرائيل طوال الوقت على حساب الحقوق العربية خصوصاً الفلسطينية، وبين الشعب الأميركي. قطاعات كثيرة في هذا الشعب تظاهرت واحتجت على العديد من السياسات الأميركية الظالمة وآخرها الانحياز السافر لإسرائيل في عدوانها الأخير ضد قطاع غزة.
بل إن هناك العديد من المسؤولين الأميركيين احتجوا، وبعضهم استقال احتجاجاً على هذه السياسة، وكل هؤلاء لهم التحية والتقدير والاحترام.
المفترض أن المسؤولين في الإدارة الأميركية يدركون أن مخازن السلاح الأميركية المفتوحة على مصراعَيها لإسرائيل هي التي قتلت وأصابت آلاف الفلسطينيين.
هذه الأسلحة، ومن بينها القنابل الثقيلة مخترقة الحصون، هي التي أدت إلى هدم نحو نصف مباني غزة على رؤوس ساكنيها، أو جعلتهم مشردين ونازحين في الشوارع والمؤسسات والمدارس والمستشفيات. ولولا حاملات الطائرات والسفن الأميركية النووية، التي جاءت على عجل لحماية إسرائيل أو لمنع أي أطراف أخرى من الانضمام للحرب ضد تل أبيب، لربما تغيّر شكل وطبيعة القتال بل ومجمل الصراع.
أليس من الطبيعي أن تدرك الإدارة الأميركية وغالبية المسؤولين الأميركيين، ووسائل الإعلام ومراكز البحث، أن أي فلسطيني يدرك أنه لولا الدعم الأميركي المكشوف ما استشهد أو أصيب أو تشرد قريبه. هل فكرت الإدارة الأميركية فيما يفكر به الفلسطيني الذي وجد أهله وأقاربه قتلى بلا ذنب، ووجد بيته مهدماً، ووجد نفسه هائماً ونازحاً؟
هل سأل المسؤولون الأميركيون أنفسهم عن مشاعر هؤلاء الفلسطينيين، ومعهم عدد كبير من العرب والمسلمين وأي شخص حر في العالم بعد كل هذه المذابح بحق سكان قطاع غزة؟!
ألم يَحتمِ هذا الفلسطيني بالمستشفى والمدرسة والمؤسسات الدولية، ورغم ذلك تعرض للقصف الإسرائيلي الممنهج؟!
لا أحد يؤيد العنف والإرهاب، لكن السؤال: أليس القانون الدولي يؤيد حق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال في مقاومة الاحتلال بكل السبل؟! أليست هناك قوانين دولية معطلة تعطي الشعب الفلسطيني الحق في إقامة دولته المستقلة؟
ألم تفكر الإدارة الأميركية، وكل من يؤيد نهجها، أن قطاعات كبيرة من الفلسطينيين، وحينما تصاب باليأس من تطبيق القوانين الدولية، وحينما تجد الكبار يدعمون آلة الحرب الإسرائيلي الباطشة، قد تفكر في رفع شعار "علي وعلى أعدائي".
لو استمر العدوان الإسرائيلي من دون رادع، ولو استمر الدعم الأميركي الأعمى والانحياز الغربي السافر لإسرائيل، ولو استمر العجز العربي، فوقتها سيحق للشعب الفلسطيني الدفاع عن نفسه وعن وطنه بكل الوسائل المشروعة طبقاً للقوانين الدولية التي وضعها الغرب والولايات المتحدة. وبعد كل هذا الدعم الأميركي المفتوح للعدوان الإسرائيلي، فعلى الإدارة الأميركية ألا تطرح إطلاقاً سؤال: "لماذا يكرهوننا؟!".