قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، الثلاثاء، إنه لا يمكن الحديث عن مستقبل قطاع غزة قبل وقف إطلاق النار، أو عن أمور قد يفهم منها قبول استمرار الوضع الحالي من الأعمال العسكرية المتواصلة، واستهداف المدنيين داخل القطاع.
ودعا شكري إلى تكثيف الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ورفض الأعمال العسكرية واستهداف المدنيين جراء التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر في القطاع، الذي أدى إلى استشهاد أكثر من 23 ألف فلسطيني حتى الآن، بينهم 10 آلاف طفل.
وقال شكري، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك بالقاهرة، إن سكان غزة في حاجة للمساعدات الإنسانية العاجلة بعد تدمير الاحتلال الإسرائيلي للبنية التحتية في القطاع، منتقداً عجز المجتمع الدولي عن وقف إطلاق النار، وكذلك عدم إدانته لوقائع قتل الصحافيين الفلسطينيين، ورفض الاحتلال دخول الصحافيين أو المسؤولين الأميين إلى القطاع للوقوف على حقيقة معاناة الفلسطينيين.
وتابع أن ما حدث في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي (عملية طوفان الأقصى) مثل “بداية للصراع”، ولكنه كان انعكاساً للتراكمات بسبب الاستفزازات الإسرائيلية المتعلقة بالتهجير واستمرار الاستيطان والتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين، مشدداً على ضرورة تفعيل حل الدولتين بإجراء فعلي، والنظر إلى تعقيدات القضية الفلسطينية بمنظور شامل مع وقف العدوان ووصول المساعدات الإنسانية.
ودان شكري حصار إسرائيل لنحو مليوني فلسطيني في جنوب غزة، من دون أن تتوافر لهم الاحتياجات الأساسية للحياة، مجدداً رفض بلاده الكامل لأي مخططات لتهجير الفلسطينيين من موطنهم.
وأعرب عن تطلع مصر للتعاون مع ألمانيا لإرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، وعدم توسيع رقعة الصراع في غزة، مستطرداً بأن برلين تضطلع بدور مهم في تفعيل حل الدولتين في إطار الاتحاد الأوروبي، ووضع الأطر المناسبة لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.
وأضاف شكري أن مصر وألمانيا لديهما القدرة على تعزيز التعاون المشترك لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة، والتعامل مع قضية الأسرى والاحتياجات الإنسانية في غزة، فضلاً عن وضع حد لتجاوزات المستوطنين الإسرائيليين.
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية إنه يجب وضع حد للصراع في المنطقة، والتعاون بين الأطراف الفاعلة للوصول إلى هدن إنسانية عاجلة، تمهد إلى وقف لإطلاق النار على المدى الطويل، لا سيما مع تعرض سكان قطاع غزة لأوضاع إنسانية صعبة.
وأشارت إلى أهمية وجود ضمانات لعدم تكرار أي تصعيد عسكري أو مواجهات بين الطرفين (المقاومة وإسرائيل) قريباً، وضمان حق الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني في العيش معاً في سلام واستقرار، وأن يتولى الشعب الفلسطيني وحده بناء البنية التحتية في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وأضافت الوزيرة أن المجتمع الدولي ملتزم بتنظيم الأمن في غزة بعد الحرب، ولعب السلطة الفلسطينية دوراً حاسماً في المستقبل بعد خضوعها للإصلاح، معترفة بأن المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة غير كافية لحياة مليوني شخص، وهو ما يستلزم فتح المزيد من المعابر الإسرائيلية لوصول المساعدات.
وأوضحت أنّ ألمانيا ومصر متفقتان على أن غزة والضفة الغربية ملك للفلسطينيين، لافتة إلى أن مصر تلعب دوراً رئيسياً في إطلاق سراح الأسرى المحتجزين والتفاوض على هدنة في غزة. وتابعت “على حماس إلقاء السلاح وهناك التزام دولي بتنظيم الأمن في غزة بعد الحرب”.
ومنذ بدء الحرب على غزة، تحدث مسؤولون إسرائيليون برؤى مختلفة عن إدارة غزة في “مرحلة ما بعد حماس”، بينما ردت الحركة والسلطة الفلسطينية بأن “إدارة قطاع غزة شأن فلسطيني خاص”.
وكان موقع “أكسيوس” الأميركي قال في وقت سابق إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن طلبت من رئيس السلطة محمود عباس إجراء إصلاحات واسعة النطاق، بما في ذلك “ضخ دماء جديدة” في قيادة السلطة الفلسطينية، إذ شجعت الإدارة عباس على جلب أشخاص أصغر سناً ويحظون بالمهارات والقدرات العالية، كما يتمتعون بثقة بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، والمجتمع الدولي، إلى دائرة صنع القرار.
وتعترف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بأنه سيكون من الصعب أن تلعب أجهزة أمن السلطة الفلسطينية أي دور في قطاع غزة مستقبلاً، في ظل رفض الحكومة الإسرائيلية التي تعارض عودة السلطة إلى القطاع.
وأعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أكثر من مرة عن عدم قبول تل أبيب عودة السلطة للقطاع، زاعمًا أن ذلك قد يهدد أمن إسرائيل، بل ذهب إلى أبعد من ذلك عندما قال إن إسرائيل تستعد لاحتمال خوض قتال ضد قوات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
ويشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة منذ 95 يوماً، خلفت حتى اليوم 23 ألفاً و210 شهداء و59 ألفاً و167 مصاباً فلسطينياً، معظمهم من الأطفال والنساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، مع استمرار النقص في المساعدات وشح المواد الغذائية والطبية.